الجمر وأصابع القيصر

الجمر وأصابع القيصر

الجمر وأصابع القيصر

 العرب اليوم -

الجمر وأصابع القيصر

غسان شربل

ما هرب منه باراك أوباما وقع فيه فلاديمير بوتين. من موقع آخر وحسابات أخرى. إنه الانخراط العسكري المباشر في الحريق السوري. وهذا يعني تحمل عبء الأزمة. وربط صورته وهيبة بلاده بمسارها ومصيرها. ولأن بوتين لا ينوي شن حرب برية واسعة فهذا يعني أنه حرّك جمر الحرب السورية لاستعجال الحل. لكن البحث عن حل في سورية أكثر صعوبة من الاستمرار في الحرب. أدخل القيصر يديه وبلاده في حقل الجمر السوري.

يعرف بوتين أن سورية السابقة قتلت في الحرب. ويعرف أن الحريق السوري هو مجموعة حروب متداخلة ومتشابكة. هناك حرب بين معارضة ونظام لم يعتد على رؤية معارضة ومعارضين. بنيته لا تسمح بفتح النوافذ. وهناك حرب بين مكونين سوريين لا يمكن فصلها عن النزاع السني - الشيعي في الإقليم. وهناك مكون كردي تعلم من أكراد العراق ألا يضيع الفرصة الذهبية التي قد لا تتكرر.

هناك أيضاً حرب بين ما تبقى من النظام وإرهابيين وفدوا من بلدان قريبة وبعيدة. وحرب يأمل فريق بأن تؤدي إلى تقطيع أوصال «الهلال الإيراني» بينما يأمل الآخر بترميم خريطة هذا الهلال. وحرب على الموقع الأول في الإقليم وملامح النظام الإقليمي الجديد. وحرب على النفوذ الدولي في سورية المتهالكة والشرق الأوسط المريض. وهناك سقوط الحدود والتعايش وهجرة مجموعات وتهجير جماعات.

انتظر بوتين نتائج الاستنزاف الكبير. انحسرت مناطق النظام وأُصيب جيشه بالوهن. فشلت إيران في لعب دور الدولة الكبرى المحلية. لم تستطع قلب مسار الأحداث عبر خبرائها والميليشيات الحليفة. بدت تركيا منشغلة بالأحداث على أرضها. والسعودية بالنزاع الدائر في اليمن. وأوروبا بأمواج اللاجئين. وبدا أوباما سعيداً بإبعاد أصابعه عن الجمر السوري. طلب النظام السوري من الكرملين إنقاذه فرد بعملية جوية مشروطة لا بحرب برية مفتوحة.

لهذا، بدا بوتين كمن ينظر إلى ساعته. حرص على استقبال الرئيس بشار الأسد قبل أن يؤدي التدخل الروسي إلى تغييرات ميدانية بارزة. للتوقيت معناه. ربما تخوف أن يؤدي أي تحول ميداني إلى اقتناع النظام يأنه لا يحتاج إلى تقديم تنازلات. استقبل الرئيس السوري وحده. كأنه يلقي عليه شخصيًا عبء تقديم التنازلات الضرورية لإطلاق الحل. التنازلات الضرورية لمنع «الجنرال وقت» من تحويل التدخل الروسي إلى تورط روسي.

فور شيوع نبأ الزيارة سارع بوتين إلى ديبلوماسية الهاتف. بدأ بالاتصال بالدول الأكثر إلحاحاً على مغادرة الأسد. أراد الإيحاء بأنه حصل على ما يفتح كوة في الجدار. وهذا ما أشار إليه اللقاء الرباعي في فيينا. لم يكن متوقعاً أن يحمل لافروف إلى ذلك اللقاء كلاماً قاطعاً أو واضحاً حول مستقبل الرئيس السوري. لا تحسم المفاوضات المعقدة في بداياتها.

مفيد أن يكون لك حليف كبير. وأن يهبّ لمساعدتك حين تناديه. لكن الدول الكبرى ليست جمعيات خيرية. لاستجابتها ثمن لا بد من دفعه. وهكذا تقدمت أجندة موسكو على أجندة دمشق. دخل لقاء فيينا في تفاصيل الحل وهو ما كانت دمشق تفضل إرجاء البحث فيه إلى ما بعد الانتصار على الإرهاب.

أكثر من ذلك. بدا لافروف كمن ينظر إلى ساعته. سارع إلى إطلاق الاقتراحات ولو مرفقة ببعض الالتباسات. بدأ يلوح بتوزيع الضمادات والضمانات. وصل به الأمر حد اكتشاف وجود «الجيش الحر» وعرض مساعدة جوية روسية عليه في الحرب على «داعش».

الحل الداخلي ليس بسيطاً. لا بد من حل يرضي السنّة ويطمئن العلويين ويقبله الأكراد. ولا بد من توازنات ترضي تركيا والسعودية وإيران. وهذه ليست بسيطة أيضاً. ليس هناك من حل يعيد إلى إيران ما كانت عليه في سورية قبل اندلاع الأحداث. لم تعد هذه الحلقة من «الهلال» مضمونة. الأمر يعني أيضاً «حزب الله» في لبنان.

أدخل بوتين يديه في الجمر السوري. يحصل سريعاً من النظام وإيران على تنازلات تكفي لإطلاق حل أو يتحول التدخل تورطاً وخيم العواقب. «الجنرال وقت» لا يرحم. وإذا حصل ذلك فإن البحث سينتقل من إنقاذ سورية على يد روسيا إلى البحث في إنقاذ روسيا من مغامرتها في سورية.

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجمر وأصابع القيصر الجمر وأصابع القيصر



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab