صاروخ الرياض والإفلاس الحوثي

صاروخ الرياض.. والإفلاس الحوثي

صاروخ الرياض.. والإفلاس الحوثي

 العرب اليوم -

صاروخ الرياض والإفلاس الحوثي

بقلم : خير الله خير الله

يعطي إطلاق صاروخ باليستي آخر من الأراضي اليمنية في اتجاه الرياض فكرة عن الحال التي يعاني منها الحوثيون (أنصار الله). ليس لدى هؤلاء غير التصعيد في كل الاتجاهات، خارج اليمن وداخله، كي يقولوا إنهم موجودون وإنهم لم يصلوا إلى طريق مسدود على كل صعيد، خصوصا في مجال التعاطي مع أهل صنعاء والمقيمين فيها… ومع ما بقي من مؤسسات الدولة اليمنية.

هناك إفلاس سياسي حقيقي لدى “أنصار الله” يقودهم إلى السير في عملية هروب مستمرّة إلى أمام. تعبّر عن عملية الهروب هذه بين حين وآخر تصرّفات طائشة من نوع إطلاق صاروخ في اتجاه المملكة العربية السعودية، وكأنّ مثل هذا الصاروخ سيغيّر شيئا في مواقف التحالف العربي الذي شنّ “عاصفة الحزم” في آذار – مارس 2015 من أجل حصر النفوذ الإيراني في اليمن في أضيق حدود ممكنة.

إذا كان الصاروخ، الذي فجّر قبل أن يبلغ هدفه، يؤكّد شيئا، فهو يؤكد أن “عاصفة الحزم” حققت جزءا من أهدافها، وهي في طريقها إلى تحقيق الجزء الباقي وصولا إلى تحرير صنعاء من مغتصبيها الذين يعملون على تغيير التركيبة السكّانية للعاصمة. ما لا يستوعبه الحوثيون أن صنعاء تطورت مع الوقت ولم تعد مدينة ريفية، بل صارت مدينة لكلّ اليمن واليمنيين وهي شهدت في السنوات التي سبقت الانقلاب على علي عبدالله صالح في العام 2011 ظهور أحياء راقية فيها مكان لمطاعم ومقاه حديثة وحدائق ومجمعات تجارية مرتبطة بثقافة الحياة وليس بثقافة الموت.

تلك الثقافة التي عمل الإخوان المسلمون (التجمّع اليمني للإصلاح) على نشرها في مرحلة معيّنة. يسير الحوثيون في الوقت الراهن على خطى تلك الفئة المتزمتة التي أرادت استغلال “الثورة الشبابية” لإطاحة علي عبدالله صالح والاستيلاء على السلطة، غير متنبهة في حينه إلى أن كل ما تقوم به كان خدمة للحوثيين والجهة الإقليمية المعروفة جيّدا التي تقف خلفهم.

إضافة إلى ذلك، يكشف الصاروخ العداء الذي يكنه الحوثيون للسعودية ولكلّ دولة من دول شبه الجزيرة العربية. يكشف الصاروخ، وهو ليس الأول من نوعه، أن ظهورهم في اليمن حلقة في المشروع التوسعي الإيراني الذي يصبّ في تحويلهم إلى شوكة في خاصرة الأمن الخليجي. لم يكن أمام الدول الخليجية، في مقدمتها المملكة من خيار غير العمل من أجل حماية أمنها. نجحت في ذلك إلى حدّ كبير. تحررت عدن، وتحررت المكلا، وتحرر ميناء المخا الاستراتيجي الذي يتحكّم بمضيق باب المندب والذي يعني إغلاقه إغلاقا لقناة السويس.

هناك الآن ضغوط عسكرية جدية تستهدف استعادة ميناء الحديدة، أكبر الموانئ اليمنية. يترافق ذلك مع بعض التقدّم في صعدة وعلى جبهة نهم. صحيح أنّ هذا التقدّم ليس كافيا، لكنّ الصحيح أيضا أن الحوثيين يجدون نفسهم في وضع لا يحسدون عليه. لعل أفضل تعبير عن هذا الوضع تصفيتهم لعلي عبدالله صالح بطريقة وحشية وهمجية، في حين كان في استطاعتهم الاكتفاء بأسره أو وضعه في الإقامة الجبرية.

أكثر من ذلك، يلجأ “أنصار الله” حاليا إلى أخذ رهائن من أجل إخضاع العائلات اليمنية التي ترفض الرضوخ لهم. على سبيل المثال وليس الحصر، هناك اثنان من أبناء علي عبدالله صالح محتجزان لدى الحوثيين هما صلاح ومدين. وهناك ابن شقيق له في الأسر أيضا، وهو محمّد محمّد عبدالله صالح، الشقيق الأصغر للعميد طارق محمّد عبدالله صالح الذي كان قائد القوات الخاصة والمسؤول عن الأمن الشخصي لعلي عبدالله صالح.

ليس الصاروخ الذي أطلق في اتجاه الرياض سوى تتمّة للمأزق الحوثي الذي ظهر جليا من خلال طريقة التعاطي مع علي عبدالله صالح وأقاربه والموالين له في القوات المسلحة وفي القبائل المحيطة بصنعاء.

ما يُفترض أخذه في الحسبان أن صنعاء مدينة كبيرة. يبلغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة. لن يكون سهلا على الحوثيين إخضاعها، لا عبر “اللجان الثورية” ولا عبر “اللجان الشعبية”. لم يجدوا أمامهم منذ وضع اليد على العاصمة في الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014 سوى وسيلة واحدة للبقاء في السلطة.

تتمثّل هذه الوسيلة في نشر الرعب، أي على الإرهاب والترهيب ولا شيء غير ذلك. لا يشبه اللجوء إلى أخذ الأبناء رهائن سوى ممارسات لعدد من الأئمة في مرحلة ما قبل إعـلان الجمهورية في السادس والعشرين من أيلول – سبتمبر من العام 1962. كان أبناء العائلات الكبيرة يقيمون كرهائن في قصور الإمام حيث تجري تربيتهم وتعليمهم، وذلك لضمان طاعة ربّ العائلة والتزامهم الخط الذي يرسمه الإمام.

للمرّة الألف، لا يمتلك الحوثيون أي مشروع سياسي أو اقتصادي أو حضاري لا لصنعاء نفسها ولا لليمن، ولا حتّى لمحافظة صعدة التي أتوا منها. لا يستطيعون التعامل مع مدينة مثل صنعاء إلى ما لا نهاية بلغة القتل والتهديد والوعيد وخطف الأبناء ونهب المنازل.

لم يعد أمام “أنصار الله” سوى التصعيد للخروج من الطريق المسدود الذي بلغوه، خصوصا أن ولاء القبائل اليمنية، خصوصا “قبائل الطوق” التي تتحكّم بمداخل صنعاء، لا يمكن أن يكون مضمونا إلى أبد الآبدين. هذه القبائل تعرف أين تكمن مصلحتها، وهي خذلت علي عبدالله صالح بعدما أدركت أنّه لم يعد يمتلك لا المال ولا القوّة العسكرية التي تسمح له بخوض مواجهة ناجحة مع الحوثيين.

هذه القبائل تميل إلى الجهة الرابحة متى تأكدت من أن هذه الجبهة رابحة فعلا. عاجلا أم آجلا، سيكتشف أبناء هذه القبائل والمواطنون اليمنيون عموما، بمن فيهم أبناء المذهب الزيدي، أن الحوثيين مرحلة عابرة في تاريخ اليمن، وأن ليس في الإمكان حكم البلد عن طريق لعبة الهروب إلى الأمام، أي بلغة التصعيد، كما حصل أخيرا عندما أطلق صاروخ آخـر في اتجاه الرياض.

يبقى شعار “أنا أصعّد، إذا أنا موجود” مجرّد شعار، ولا يمكن أن يكـون سياسة تغطي العجز عـن الدخول في تسوية سياسية تعطي كلّ طرف يمني حجمه الحقيقي في بلد كان فيه علي عبدالله صالح موضع خلافات عميقة، فإذا به بعد قتله قاسما مشتركا بين اليمنيين الراغبين في الخروج من الكارثة التي حلت ببلدهم.

arabstoday

GMT 03:26 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 06:25 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

بعد تحوّل حرب غزّة.. إلى حرب "بيبي"

GMT 06:00 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

انتخابات الجزائر.. تبون في عالم خاص به!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صاروخ الرياض والإفلاس الحوثي صاروخ الرياض والإفلاس الحوثي



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:13 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 العرب اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 20:53 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تنفي بشكل قاطع وجود أي تعاون عسكري مع إسرائيل
 العرب اليوم - مصر تنفي بشكل قاطع وجود أي تعاون عسكري مع إسرائيل

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان
 العرب اليوم - اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة
 العرب اليوم - كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 05:14 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مسؤولية حزب الله

GMT 02:44 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار "أوسكار" يقتل ثمانية أشخاص في كوبا

GMT 17:16 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يتحدث عن غيرته من هيفاء وهبي

GMT 05:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 14:32 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نعيم قاسم يؤكد أن برنامجه هو متابعة نهج سلفه حسن نصرالله

GMT 12:13 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يعتقل أكثر من 100 فلسطيني في شمال غزة

GMT 01:12 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز الـ 82 عاما

GMT 01:53 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يرد على منتقديه في تجمع انتخابي بولاية جورجيا

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ما عدا ذلك فى ليبيا

GMT 22:03 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مجلس الأمن يحذر من محاولات تفكيك أو تقليل عمليات الأونروا

GMT 06:13 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 11:52 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ليلى علوي تعلن انتهاء تصوير "المستريحة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab