تسوية لما بعد عهد حزب الله

تسوية لما بعد عهد "حزب الله"

تسوية لما بعد عهد "حزب الله"

 العرب اليوم -

تسوية لما بعد عهد حزب الله

خير الله خير الله
بقلم - خير الله خير الله

لبنان ما بعد السابع عشر من تشرين الأوّل – أكتوبر 2019 ليس كلبنان الذي عرفناه. لم يعد اللبنانيّون على قناعة بأنّ {حزب الله} قادر على تسويق مشروعه الإيراني تحت شعارات فارغة من نوع التصدّي لإسرائيل.

يصعب على السياسيين اللبنانيين، الذين يتقاسمون السلطة الآن بإشراف من “حزب الله” ورعاية منه، الاقتناع بأن البلد تغيّر وذلك على الرغم من كلّ الوحشية التي يظهرها الحزب في مواجهة الثورة الشعبية. ما كان قبل السابع عشر من تشوين الأوّل – أكتوبر 2019 لم يعد قائما. هناك لبنان آخر يولد من الثورة الشعبية المستمرة منذ أسبوعين. أيّ لبنان سيولد من جديد، من وجهة نظر المتفائلين؟ هل لبنان الذي سيولد من رحم الثورة قابل للحياة، من وجهة نظر المتشائمين؟

بعيدا عن التفاؤل والتشاؤم، لا مفرّ في نهاية المطاف من التعاطي مع الواقع. معنى التعاطي مع الواقع أن عهد “حزب الله” في لبنان انتهى نهاية مأساوية في غياب القدرة على إعادة ترميمه ولو مؤقتا. أكثر من ذلك، أن عهد “حزب الله” الذي يوجد شبيه له في العراق ينهار هناك أيضا. يكفي سماع هتافات المتظاهرين في بغداد للتأكد من ذلك. هؤلاء يقولون إن الثورة واحدة “من (ساحة) التحرير (في بغداد) إلى بيروت”.

ثمة حاجة إلى تذكير اللبنانيين ببعض البديهيات التي عليهم امتلاك شجاعة الاعتراف بها. في مقدّم هذه البديهيات أن اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط – فبراير 2005 كان نقطة تحوّل على الصعيد الوطني. كان الهدف من تفجير موكب رفيق الحريري ورفاقه نقل لبنان من مرحلة الوصاية السورية – الإيرانية، إلى مرحلة الوصاية الإيرانية. هذا ما نجح فيه “حزب الله” الذي تتهمّ المحكمة الدولية عناصر تنتمي إليه بتنفيذ الجريمة وذلك بغطاء من النظام السوري وعلم تام منه. هذا، على الأقلّ، ما ورد في البيان الاتهامي للمدعي العام في المحكمة المتوقع أن تصدر حكمها في القضيّة في غضون شهر.

كشفت الأحداث التي توالت منذ اغتيال رفيق الحريري وجود قرار إيراني بوضع اليد على لبنان. كانت نقطة الانطلاق الاحتلال الأميركي للعراق في نيسان – أبريل 2003، وهو احتلال مهّد عمليا لتقديم العراق على صحن من فضّة إلى “الجمهورية الإسلامية” التي واجهت بسبب العراق صعوبات على طريق متابعة مشروعها التوسّعي. كان سقوط العراق في 2003، وذلك بغض النظر عن مسؤولية صدّام حسين عن هذا السقوط، بمثابة انطلاقة جديدة للمشروع التوسّعي الإيراني. تطلّب ذلك، بين ما تطلّب، التخلص من رفيق الحريري نظرا إلى تحوّله إلى شخصية وطنية وعربية بما يتجاوز حدود لبنان. وهذا ما أثار أيضا حساسية شديدة لدى شخص مثل بشّار الأسد قبل الذهاب إلى أبعد بكثير مما ذهب إليه والده في العلاقة مع “حزب الله”، الذي ليس في نهاية المطاف سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني عناصره لبنانية.

من البديهيات الأخرى التي لابدّ من تذكير اللبنانيين بها أنّ ليس صحيحا أنّه لم تكن هناك حلول للمشاكل الحياتية التي يعاني منها اللبنانيون حاليا، وذلك على الرغم من سعي النظام السوري إلى جعل وزراء تابعين له يمسكون بقطاع الكهرباء. كان في مقدّم هؤلاء إيلي حبيقة. على الرغم من كلّ العراقيل التي وُضعت في طريقه. استطاع رفيق الحريري إعادة الكهرباء في العام 1996. معروف كيف عاد وضع الكهرباء إلى التدهور بعد ذلك في ضوء الحرب التي افتُعلت مع إسرائيل في تلك السنة والتي كان الهدف الإيراني – السوري منها ضمان انتصار بنيامين نتنياهو على شمعون بيريس في انتخابات أيّار – مايو 1996. كان مطلوبا أن ينتصر بيبي على بيريس خشية عودة الحياة إلى عملية السلام التي انتهت عمليا في اليوم الذي اغتال فيه متطرّف إسحق رابين في تشرين الثاني – نوفمبر 1995. كان ردّ إسرائيل ضرب محطات الكهرباء في لبنان كي يعود التقنين…

ليس سرّا كيف تطورت الأمور في لبنان منذ 1996، وصولا إلى استهداف رفيق الحريري عن طريق انتخاب إميل لحّود رئيسا للجمهورية في 1998. كانت تلك السنة، سنة البداية الحقيقية لعهد بشّار الأسد في سوريا بعدما بدأت صحّة والده في التدهور تدريجيا، تمهيدا لوفاته في حزيران – يونيو 2000.

في كلّ ما حصل في لبنان، خصوصا منذ العام 2005، لم يكن هناك سوى هدف إيراني يتمثّل في وضع اليد على لبنان بعدما أصبح نظام بشّار الأسد مجرّد جرم يدور في الفلك الإيراني. وهذا يفسّر مسارعة “حزب الله” إلى ملء الفراغ الذي نجم عن الانسحاب العسكري والأمني السوري من لبنان في نيسان – أبريل 2005. وهذا ما يفسّر أيضا سلسلة الاغتيالات التي نُفذت بدءا بسمير قصير، وصولا إلى محمّد شطح.

كانت عملية إخضاع لبنان إيرانيا عملية مدروسة بدقّة وذات نفس طويل. شملت هذه العملية، إضافة إلى الاغتيالات والتفجيرات، الحلف الذي أقامه “حزب الله” مع “التيّار الوطني الحرّ” من أجل إيجاد غطاء مسيحي له. في ظلّ هذا الحلف، ارتُكبت أبشع الجرائم في حق لبنان واللبنانيين، بدءا بافتعال حرب صيف 2006 واحتلال الوسط التجاري، وصولا إلى انتخاب مرشّح “حزب الله” رئيسا للجمهورية بعد تعطيل مجلس النوّاب سنتين ونصف سنة. كان ذلك في السنة 2016 تمهيدا للوصول إلى مرحلة يمتلك فيها “حزب الله” أكثرية داخل مجلس النوّاب وداخل الحكومة.

ثار اللبنانيون على عهد “حزب الله” وليس على أيّ شيء آخر. ثاروا عمليا على عهد يديره بالفعل حسن نصرالله الأمين العام للحزب الذي انبرى للدفاع عن رئيس الجمهورية من منطلق أن لبنان ورقة إيرانية ليس إلا. ليست صدفة أن تشمل الثورة أبناء الطائفة الشيعية في الجنوب والبقاع. هؤلاء سئموا من الفساد والبؤس الذي نشره الحزب في مناطقهم.

إلى جانب ذلك، لا يمكن إلا التوقف عند الثورة التي يشارك فيها المسيحيون الذين يثبتون عن طريق نزولهم إلى الشارع أن الأكثرية ليست مع “التيّار الوطني الحر” الذي لم يأت سوى بوزراء ونوّاب من سقط المتاع لا يستأهل أي منهم أن يكون حاجبا عند أيّ سياسي يحترم نفسه. هل بدأت الأكثرية المسيحية تعي خطورة أن يكون “التيّار العوني” في المواقع التي هو فيها؟

في كلّ الأحوال، لبنان ما بعد السابع عشر من تشرين الأوّل – أكتوبر 2019 ليس كلبنان الذي عرفناه. لم يعد اللبنانيون على قناعة بأنّ “حزب الله” قادر على تسويق مشروعه الإيراني تحت شعارات فارغة من نوع التصدّي لإسرائيل، ولم يعودوا على قناعة بأن جبران باسيل يمثّل شيئا غير أنّه ماروني آخر على استعداد لأن يكون تابعا لإيران لمجرّد أنه موعود برئاسة الجمهورية.

تغيّر الكثير في لبنان. لبنان نفسه تغيّر. لا تزال الحاجة إلى جعل السياسيين يستوعبون خطورة الحدث ومدى عمقه، وذلك في ذكرى مرور ثلاثين عاما على اتفاق الطائف، وخمسين عاما على اتفاق القاهرة. هل من تسوية سياسية تعيد لبنان إلى اللبنانيين مع بداية سقوط عهد “حزب الله”؟

 

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسوية لما بعد عهد حزب الله تسوية لما بعد عهد حزب الله



أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - السعودية اليوم

GMT 07:13 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
 العرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 23:24 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية
 العرب اليوم - غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية

GMT 15:46 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
 العرب اليوم - علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
 العرب اليوم - أنباء انفصال هنادي مهنا وأحمد خالد صالح تثير الجدل من جديد

GMT 21:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي

GMT 03:55 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع في واشنطن ضمن زيارة رسمية يجتمع خلالها مع ترامب

GMT 22:48 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 11:15 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيفا يطلق جائزة للسلام وسط توقعات بفوز ترامب

GMT 11:55 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"أوبن أيه آي" تسارع لطمأنة المستثمرين بشأن وضعها المالي

GMT 14:33 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 وصفات طبيعية لإزالة السموم ودعم وظائف الكلى

GMT 19:39 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته

GMT 07:13 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 08:23 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج​ اليوم السبت 08 نوفمبر/تشرين الثاني 2025

GMT 12:00 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

روبوت يرسم خرائط ثلاثية الأبعاد في ثوانٍ لأماكن الكوارث

GMT 13:38 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية تستهدف جنوب لبنان وتودي بحياة مواطن

GMT 08:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تتأثر الأبراج الفلكية على طريقة تعبيرها عن المشاعر

GMT 22:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تبدأ تقليص استدعاءات جنود الاحتياط

GMT 15:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab