لبنان ليس جائزة ترضية للتراجع الإيراني

لبنان ليس جائزة ترضية للتراجع الإيراني

لبنان ليس جائزة ترضية للتراجع الإيراني

 العرب اليوم -

لبنان ليس جائزة ترضية للتراجع الإيراني

بقلم : خير الله خير الله

هناك فشل إيراني على الصعيد الداخلي وفشل كبير في سوريا ومحاولات يائسة لتلافي الفشل في العراق. هل في استطاعة إيران ممارسة دور القوّة المهيمنة إقليميا وأن تعتبر لبنان 
ما الذي يجري في إيران؟ ما الذي يجري في العراق؟ ما الذي يجري في سوريا؟ ما انعكاس ذلك على لبنان حيث تضع بعض القوى المتمسّكة بحلف الأقلّيات، الذي لا يساعد إلّا في تهجير الأقلّيات، كل العراقيل الممكنة من أجل منع الرئيس سعد الحريري من تشكيل حكومة وفاقية؟

تستطيع مثل هذه الحكومة الوفاقية الاستفادة، في حال استوفت شروطا معيّنة، من المساعدات الدولية المخصصة للبلد والقيام بالحدّ الأدنى من الإصلاحات المطلوبة. لكنّ الواضح أن هناك في لبنان من يراهن على انتصار إيراني في سوريا والعراق، وحتّى في اليمن، في وقت صار مثل هذا الانتصار أقرب إلى وهم من أيّ شيء آخر.

كل ما يمكن قوله ردّا على هذه الأسئلة أن تجربة “الجمهورية الإسلامية” التي يحكمها “الوليّ الفقيه” دخلت مرحلة حرجة تشبه إلى حدّ كبير مرحلة ما بعد وصول ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة في الاتحاد السوفياتي في العام 1985. ما أدّى إلى تفكّك الاتحاد السوفياتي في نهاية المطاف هو غياب القاعدة الاقتصادية التي يمكن أن تبنى عليها قوّة عسكرية وسياسية امبريالية ترجمتها على أرض الواقع الهيمنة على دول معيّنة في أنحاء مختلفة من العالم.

يمكن لهذه المرحلة الإيرانية أن تدوم طويلا. لكنّ الواضح أن الشعب الإيراني لا يمكنه العيش إلى ما لا نهاية في ظلّ أزمة اقتصادية ونظام في حال هروب مستمرة إلى الخارج.

ما الذي تفعله إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن؟ ليس لدى النظام الإيراني ما يقدّمه سوى نشر البؤس وإثارة الغرائز المذهبية. أدّى كلّ ما فعله النظام في سوريا، حيث استثمر عشرات مليارات الدولارات من أجل إنقاذ بشّار الأسد وبعث إليه بعشرات العناصر المسلّحة المنتمية إلى ميليشيات مذهبية، إلى مشاركة قوات روسية في عملية لا هدف لها سوى المحافظة على أمن إسرائيل على جبهة الجولان.

هناك للمرّة الأولى منذ أواخر العام 2011، وهو العام الذي اندلعت فيه الثورة الشعبية في سوريا، عودة للمراقبين الدوليين إلى خط وقف النار في الجولان. هناك دوريات للقوة الدولية في المنطقة العازلة. كلّ ما حصل هو عودة إلى اتفاق فكّ الاشتباك للعام 1974 الذي توصلت إليه إسرائيل مع سوريا بوساطة قام بها “العزيز” هنري كيسينجر. يا لها من مفارقة.

 تتولى هذه الأيّام قوات من الشرطة العسكرية الروسية إعادة المراقبين الدوليين إلى مواقعهم التي كانوا فيها والتي اضطروا إلى مغادرتها بعد تعرّضهم لمضايقات ابتداء من أواخر العام 2011 ثمّ في 2012. ما لبثت قوة المراقبين الدوليين في الجولان أن جمّدت نشاطها في 2014.

تلعب روسيا في العام 2018 في الجولان الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في العام 1974. تنتقم روسيا أخيرا من استبعادها عن القرار الذي كان وراءه وقتذاك كيسينجر. الفارق أنّ اتفاق فك الاشتباك للعام 1974 كان يمكن أن يؤدي إلى اتفاقات أخرى تتوج بخروج إسرائيل من الجولان.

 أمّا الاتفاق في شأن إحياء اتفاق 1974 فهو تمهيد للبحث عن الصيغة التي ستسمح لإسرائيل بضمّ الجولان نهائيا. يحدث ذلك على الرغم من أن البيان الصادر عن قمة هلسنكي بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في السادس عشر من تمّوز – يوليو الماضي أشار إلى أن الهدف في النهاية هو الوصول إلى تطبيق القرار الرقم 338 الصادر عن مجلس الأمن بعد حرب 1973 والذي يدعو إلى تطبيق القرار 242 الذي في أساسه مبدأ الأرض في مقابل السلام.

إيران تحاول تغطية تراجعها في المنطقة عن طريق ضغوط تمارس في لبنان من أجل تشكيل حكومة تكون بامرتها. الأكيد أن سعد الحريري لا يمكن أن يلعب الدور المطلوب منه أن يلعبه.

تدفع سوريا حاليا ثمن رفض حافظ الأسد كل العروض التي قدّمت إليه وتفويته كلّ الفرص التي كان يمكن أن يستعيد من خلالها الأرض المحتلة في العام 1967. كان همّه الدائم المتاجرة بالجولان وليس إزالة الاحتلال. كان همّه الفعلي محصورا في كيفية وضع اليد على منظمة التحرير الفلسطينية وإغراقها في حرب لبنان وابتزاز العراق حيث كان البعث الآخر بقيادة أحمد حسن البكر ثمّ صدّام حسين لا يعرف كثيرا عن المناورات السياسية وكيفية التعاطي مع موازين القوى الإقليمية والدولية.

انتهت إيران في سوريا على بعد مئة كيلومتر من الجولان بعدما ربطت وجودها في دمشق بشخص بشّار الأسد المعجب أشدّ الإعجاب بـ”حزب الله” وتجربته وكلّ الخراب والدمار الذي ألحقه بلبنان، خصوصا بالمجتمع الشيعي الذي عمل الحزب بنجاح على تغيير طبيعته.

لا خبز لإيران في سوريا التي صار خيارها بين الابتعاد عن الجولان وربّما عن سوريا كلّها… وتلقي الضربات الإسرائيلية في ظل موافقة روسية على ذلك. قد تنجح روسيا في تحقيق ما تصبو إليه في سوريا بعد إخراجها إيران من دمشق، كما قد تفشل في ذلك.

 الثابت أن تجربتها مع دروز سوريا لا تشجّع على تغليب النجاح على الفشل. ظهر بوضوح أن روسيا لا تعرف الكثير عن سوريا وعن بشّار الأسد وعلاقة أجهزته بـ”داعش” بالتفاهم مع إيران. لكن قرار النظام السوري، صار في الوقت الراهن قرارا روسيا. لم يعد أمام بشّار الأسد سوى القبول بالمطلوب منه إسرائيليًّا وروسيًّا في حال قرّر البقاء في دمشق بعيدا عن الحبيب الإيراني.

لا خبز أيضا لإيران في العراق. أخذت إيران كل ما تستطيعه من العراق، الذي جفّ ضرعه، بضوء أخضر أميركي. لكنّ العراقيين يظهرون كلّ يوم أن وجودهم في دولة فاشلة والعيش في ظلّ نظام لا مستقبل له لا يلغيان أن إيران تبقى إيران والعراق يظلّ العراق.

هناك فشل إيراني على الصعيد الداخلي وفشل كبير في سوريا ومحاولات يائسة لتلافي الفشل في العراق. هل في استطاعة إيران ممارسة دور القوّة المهيمنة إقليميا وأن تعتبر لبنان مجرّد جرم يدور في فلكها؟

الجواب أن إيران تحاول تغطية تراجعها في المنطقة عن طريق ضغوط تمارس في لبنان من أجل تشكيل حكومة تكون بامرتها. الأكيد أن سعد الحريري لا يمكن أن يلعب الدور المطلوب منه أن يلعبه.

 ففي منطقة تتغيّر فيها موازين القوى بسرعة رهيبة، ليس مفروضا أن يدفع لبنان أي ثمن من أيّ نوع كان. ليس مطلوبا منه على وجه الخصوص دفع ثمن الفشل في إقامة حلف الأقلّيات الذي كان خيارا إيرانيا والذي دفع طهران إلى الدفاع المستميت عن بشّار الأسد.

ليس طبيعيا أن يدفع لبنان ثمن إحياء اتفاق 1974 في الجولان وليس ثمن الاتفاق الروسي – الإسرائيلي على إبعاد إيران مئة كيلومتر أو أكثر عن الجولان ولا ثمن رفض العراقيين أن يكون بلدهم مستعمرة إيرانية.

لا يستطيع لبنان في أي شكل أن يكون جائزة ترضية لإيران التي باتت مشكلتها في عجز النظام عن إقامة اقتصاد قابل للحياة يشكل السند لمشروع توسّعي قائم على إثارة الغرائز المذهبية لا أكثر ولا أقلّ…

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
 
المصدر: جريدة العرب

arabstoday

GMT 22:14 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

أخبار عن اللاساميّة وماليزيا وآيا صوفيا

GMT 00:18 2020 الأربعاء ,05 آب / أغسطس

رسالة إسرائيلية.. أم إنفجار؟

GMT 03:49 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الموجة الجديدة من الحراك العربي

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان بين صيغتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان ليس جائزة ترضية للتراجع الإيراني لبنان ليس جائزة ترضية للتراجع الإيراني



أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - السعودية اليوم

GMT 23:24 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية
 العرب اليوم - غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية

GMT 15:46 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
 العرب اليوم - علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
 العرب اليوم - أنباء انفصال هنادي مهنا وأحمد خالد صالح تثير الجدل من جديد

GMT 21:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي

GMT 03:55 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع في واشنطن ضمن زيارة رسمية يجتمع خلالها مع ترامب

GMT 22:48 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 11:15 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيفا يطلق جائزة للسلام وسط توقعات بفوز ترامب

GMT 11:55 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"أوبن أيه آي" تسارع لطمأنة المستثمرين بشأن وضعها المالي

GMT 14:33 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 وصفات طبيعية لإزالة السموم ودعم وظائف الكلى

GMT 19:39 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته

GMT 07:13 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 08:23 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج​ اليوم السبت 08 نوفمبر/تشرين الثاني 2025

GMT 12:00 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

روبوت يرسم خرائط ثلاثية الأبعاد في ثوانٍ لأماكن الكوارث

GMT 13:38 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية تستهدف جنوب لبنان وتودي بحياة مواطن

GMT 08:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تتأثر الأبراج الفلكية على طريقة تعبيرها عن المشاعر

GMT 22:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تبدأ تقليص استدعاءات جنود الاحتياط

GMT 15:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab