مصر المشرقيّة

مصر المشرقيّة؟

مصر المشرقيّة؟

 العرب اليوم -

مصر المشرقيّة

حازم صاغيّة

في الصورة المشرقية الشائعة عن مصر أنها البلد المتماسك بفعل سلطة مركزية ضاربة في القدم وتقاليد في الحاكمية لم ‏يعرف المشرق مثلها. وهذا يبقى صحيحاً بالقياس إلى تفتت الإقليم السوري – العراقي الذي يستعرض نفسه اليوم بنشاط يكاد ‏يكون تباهياً‎.‎ بيد أن القياس هذا لا يكفي شهادةً على تماسك مصري، خصوصاً أن العراق امتلك، هو الآخر، سلطة مركزية ضاربة في ‏القدم، وها هو يتناثر على نحو فسيفسائي‎.‎ أغلب الظن أن التاريخ السحيق لا يخدم الغرض كثيراً. فالمشهد المصري الحالي ينحو، على ما يبدو، نحواً مشرقياً، وبدل ‏الحكمة القديمة القائلة إن مصر تشد مناطق التفتت العربية وتملي عليها قدراً من الانسجام، يتراءى كأن العكس هو ما يُعاش ‏اليوم ويُختبَر‎.‎ لكنْ إذا كان في وسع أي متابع للأخبار اليومية أن يلحظ هذه الوجهة النامية، والقوى الكثيرة والمتعارضة التي تعكسها، فإن ‏الأمر يستند إلى تاريخ هو، في معنى ما، تاريخ حداثتنا السياسية المرتبكة‎.‎ لقد تعرضت مصر في تاريخها الحديث لثلاث إزاحات كبرى عن الوطنية المصرية. أما الأولى فقد افتتحها الشيخ حسن البنا ‏في 1928 بتأسيسه «جماعة الإخوان المسلمين» ونقله موضع التركيز من الدولة – الأمة المصرية إلى الإسلام و «جماعة ‏المسلمين». ثم جاءت الإزاحة الثانية الأكبر مع جمال عبد الناصر وضباطه، لا سيما منذ 1956، فانتقل موضع التركيز إلى ‏‏»الأمة العربية» و «القومية العربية». ولئن خدمت الساداتية، خصوصاً معاهدة كامب ديفيد، في رد موضع التركيز إلى مصر ‏ومسائلها، إلا أن انفجار الهجرة إلى الخليج آنذاك أضعف النسيج الوطني، إذ استدخل فيه جرعة رفيعة من الاختلال ‏الاجتماعي. وهذا ما مضى بهمة أكبر في عهد حسني مبارك، مرفقاً بالانسحاب من السياسة الخارجية المبادِرة، وهي واحد ‏من أبرز مقومات السيادة الوطنية‎.‎ وفي قلب هذه الإزاحات جميعاً كانت المشكلة القبطية تزداد اعتمالاً واحتقاناً، مرة في العلن ومرات كثيرة في الكبت والعتم‎.‎ وتشكل سلطة الإخوان المسلمين اليوم، وهي بالمناسبة شعبية وقوية حتى لو خرج السلفيون من عباءتها، التجسيد المادي لهذا ‏الإضعاف المتراكم للنسيج الوطني المصري. بل يمكن القول إن مشكلة الثورة المصرية والتطور المستقبلي لمصر كامنة ‏هنا: كيف تتعايش حرية الخروج من ربقة الاستبداد مع حرية التفتت الممأسس والمؤدلج إخوانياً في أن تمارس نفسها ‏بطلاقة؟ وفضلاً عن استفراد الأقباط في المنعطفات الكبرى، والميل إلى تقديمهم أكباش محارق، تنم ظاهرة اغتصاب النساء ‏الناشطات، وهي واسعة وتكاد تكون منهجية، عن استسهال التلاعب بالنسيج الوطني، وعن الدَرَك الذي يمكن أن يهبط إليه ‏هذا الاستسهال‎.‎ وهذا في عمومه يشبه الوجهة المشرقية، حيث نشهد اليوم في عديد البلدان عجزاً عن قيام كتلة سلطة تمسك بالبلد المعني ‏وتقوده. فإذا صح ذلك في مصر أيضاً، كان علينا أن نراجع أموراً كثيرة كنا ظنناها بديهيات. وهذا ما لن تستطيع مبادرة ‏حسنة النيات، أزهرية أو غير أزهرية، رأب صدوعه، فيما يُخشى قيام العسكر بـ «مبادرة» من نوع آخر تجمد تلك التناقضات ‏وتكبتها لجيل آخر أو جيلين. نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر المشرقيّة مصر المشرقيّة



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 23:17 2025 الأحد ,27 تموز / يوليو

روبيو يحدد "الحل البسيط" لإنهاء الحرب في غزة
 العرب اليوم - روبيو يحدد "الحل البسيط" لإنهاء الحرب في غزة

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab