مشكلة العرب لا مشكلة الأكراد

مشكلة العرب لا مشكلة الأكراد

مشكلة العرب لا مشكلة الأكراد

 العرب اليوم -

مشكلة العرب لا مشكلة الأكراد

حازم صاغية

منذ احتلّت المسألة الكرديّة، مع ثورات «الربيع العربيّ»، موقعاً متقدّماً في الأحداث، ظهر التململ والاستياء في بعض البيئات العربيّة، خصوصاً حين أبدى الأكراد السوريّون، الذين اكتُشفوا اكتشافاً، رفضهم البقاء قسراً ضمن الجمهوريّة «العربيّة» السوريّة. وما لبث التململ والاستياء أن انقلبا غضباً وصراخاً مع ضمّ مدينة كركوك إلى إقليم الحكم الذاتيّ في شمال العراق، بعد استيلاء «داعش» على الموصل، سيّما وقد ترافق التطوّر المذكور مع كلام صدر عن رئيس الإقليم، مسعود بارزاني، يؤكّد التمسّك بكركوك ونيّة إجراء استفتاء حول الاستقلال.
وهنا لا بأس بالعودة إلى بديهيّات قد يتشكّل منها إطار لطرح المسألة الكرديّة، خصوصاً في العراق، على غير ما تُطرح. فالبديهة الأولى أنّ أكراد العراق ليسوا «عرباً عراقيّين». أمّا البديهة الثانية فأنّ الأكثريّة الكاسحة منهم يريدون لنفسهم كياناً يستقلّون به على نحو أو آخر، وهذه رغبة ترقى إلى انتفاضات محمود الحفيد ردّاً على نشأة الكيان العراقيّ الحديث. وتقول البديهة الثالثة إنّ أكراد العراق هم سكّان الشمال العراقيّ الأصليّون، لم يأتوا مستوطنين أو مستعمرين إلى حيث يقيمون اليوم. وتذهب البديهة الرابعة إلى أنّ تاريخ العلاقة بين أكراد الشمال والسلطة المركزيّة في بغداد، حين كانت سنّيّة وحين صارت شيعيّة، تاريخ عنف وعدوان لا يتركان لدى الأكراد أيّ استعداد للبقاء في العراق «العربيّ» أو أيّ تمسّك به. أمّا البديهة الخامسة فإنّ الاحتراب الدائر في بلاد الرافدين اليوم، بما فيه صعود «داعش» وإعلان «الخلافة»، فضلاً عن الفتاوى الشيعيّة بالجهاد، لا يغري أيّ كرديّ بهذا النموذج المتصدّع والقاتل.
تهبّ في وجه هذه الحقائق حجج ثلاث غالباً ما تتّخذ شكل شتائم يوجّهها الآغا أو البيك لفلاّحه المتمرّد والمطالب بحريّاته. فيقال، أوّلاً، إنّ الأكراد عانوا في بلدان أخرى كتركيّا وإيران أكثر ممّا عانوا في العراق، ومع هذا ذهبت دعوتهم الانفصاليّة في العراق أبعد ممّا ذهبت في الدول الأخرى. ويقال، ثانياً، إنّ الدول الإقليميّة لن تسمح للأكراد بأن يمتلكوا دولة، لا اليوم ولا غداً، ما يحيل محاولاتهم جهداً مهدوراً. ويقال، ثالثاً، إنّ إسرائيل، التي أعلنت بلسان رئيس حكومتها ترحيبها باستقلال كردستان، هي المستفيد الأوّل من نشأة كيان كهذا، وإنّ ما قد ينشأ لن يعدو كونه قاعدة بعيدة لإسرائيل ونفوذها.
والحجج هذه، وبغضّ النظر عن درجة التخبّط والتضارب في تفاصيلها، تتغافل عن الأمر الأساسيّ الذي هو إرادة أكراد العراق. فالعرب الذين يرفضون الإقرار بحقّ للأكراد، يبالغون في تمثيلهم والنيابة عنهم وإدراك مصالحهم، لا في العراق فحسب بل أيضاً في سائر البلدان التي يوجد فيها أكراد. وتمثيلهم هذا ينمّ، مرّة أخرى، عن سلوك السيّد حيال تابعه الذي يُرسم بوصفه فاقداً القدرة على إدراك مصالحه، أو فاقداً الطاقة على تنفيذ رغبته. إلاّ أنّ العرب الرافضين حقّ الأكراد يسمحون لأنفسهم، فيما بلدانهم تتصدّع وتنهار، أن يمثّلوا استراتيجيّات دول أخرى، كتركيّا وإيران، وينوبوا منابها أيضاً!
وحتّى لو قبلنا بحجّة «المدى الحيويّ» الذي قد يشكّله الأكراد للعرب، ما يملي انضباطهم بمصالح الدولة التي يشكّلون «مداها الحيويّ»، فهل العراق المفتّت المتحارب هو هذه الدولة المقصودة؟ أمّا حين يصل الأمر إلى إسرائيل، فلا يظهر من يسأل عن السبب الكامن في ماضي السلوك العربيّ حيال الأكراد، معطوفاً إليه النقص الهائل في الجاذبيّة العربيّة على الأكراد كما على سواهم.
فالأمر، كيفما قُلّب، هو مشكلة العرب، لا مشكلة الأكراد، وليس من العدل ولا من المنطق ولا من الأخلاق مطالبة الأكراد بأن يربطوا أنفسهم بـ... مشكلة.

 

arabstoday

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:37 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشكلة العرب لا مشكلة الأكراد مشكلة العرب لا مشكلة الأكراد



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:38 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يتسلم جثة رهينة جديد من قطاع غزة
 العرب اليوم - الجيش الإسرائيلي يتسلم جثة رهينة جديد من قطاع غزة

GMT 01:53 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
 العرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 09:06 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يوقف حفله في دبي بسبب نيللي كريم وأحمد السقا

GMT 15:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 20:43 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تنفق ملايين الدولارات لتحسين صورتها في أميركا

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab