عن ظاهرة باسم يوسف

عن ظاهرة باسم يوسف...

عن ظاهرة باسم يوسف...

 العرب اليوم -

عن ظاهرة باسم يوسف

حازم صاغيّة

شكّل باسم يوسف، ويشكّل، ظاهرة السخرية السياسيّة الأبرز بعد «الربيع العربيّ». وهذا بذاته من ثمرات ذاك «الربيع» الذي جعل الناقد والساخر المصريّ يتغلّب على النيابة العامّة وعلى السلطة التي تقف وراءها. لقد باتت الأخيرة، ذات الجبروت التقليديّ في مصر، مضطرّة للقبول بأن يُسخر منها، وبات من الممكن للساخر الفرد، من غير أن يسنده حزب أو جماعة أو إيديولوجيا «صائبة»، أن يكسب المعركة ضدّها. والكسب هذا هو ما يتّضح حجمه بالقياس إلى درجة الالتحاق التي مارسها الإعلام المصريّ والصحافة «القوميّة» بالسلطة، حتّى غدا الالتحاق تقليداً وطيداً. لكنْ أيضاً بالقياس إلى تحوّل آخر أصاب النكتة السياسيّة نفسها، هي التي كان نصيب وافر منها يستهدف «الأمريكان» و «اليهود»، فصارت كلّها تتّجه إلى الحاكم وحاشيته. غير أنّ الانتقال من السخرية التي كان يعبّر عنها ثنائيّ الشيخ إمام – أحمد فؤاد نجم إلى السخرية التي يعبّر عنها باسم يوسف يقول الكثير عن أمزجة يومنا الراهن. فنحن الآن لسنا حيال ابن الحارة، ولا أمام التفجّع على تشي غيفارا، أو المطالبة بالحروب، أو تمجيد قيم القلّة والندرة مرفقاً بمظهر بلديّ في ما خصّ الشكل والملبس. ذاك أنّ يوسف، في المقابل، جاءنا من موقع اليوتيوب، ومن القنوات التلفزيونيّة الخاصّة، بعدما درس جراحة القلب في الولايات المتّحدة التي عاش فيها. وهو، في شكله وملبسه، يحاكي ما استقرّ عليه الذوق بين طبقات اجتماعيّة بعينها في الدول الغربيّة. فوق هذا، فإنّ تأثّره يتّجه إلى «صديقه» جون ستيوارت، مقدّم برنامج «ذي ديلي شو...» الأميركيّ، الذي دافع عن يوسف وعن برنامجه. والتأثّر بجون ستيوارت بدل التأثّر بتشي غيفارا، ينمّ عن أنّ السخرية هنا تصدر عن موقع مهنيّ يطال حريّة التعبير والإعلام، بدل أن تصدر عن مقدّمات إيديولوجيّة راديكاليّة كانت أم غير راديكاليّة. والحال أنّ احتلال باسم يوسف الموقع الذي بات يحتلّه إنّما يُقرأ جزئيّاً على ضوء وصول حركة إيديولوجيّة كالإخوان المسلمين إلى الموقع الأوّل في مصر. فالإخوانيّة، كوجهة كالحة وتبشيريّة لا تطيق السخرية ولا تحتملها، هي، في المعنى هذا، نقيض اليوسفيّة التي تسخر وتدعونا، بلا توقّف، إلى أن نسخر. لقد عُرفت مصر طويلاً بورعها الإسلاميّ المنتشر على أوسع نطاق شعبيّ. إلاّ أنّها عُرفت أيضاً بإيلائها السخرية موقعاً راسخاً في ثقافتها الشعبيّة. ولئن تعايشت طويلاً السمتان العميقتان هاتان، ووجدتا غير وسيلة لإحداث التكيّف بينهما، فإنّ وصول الإخوان إلى الحكم بات يتهدّد مبدأ التعايش هذا، على ما تنمّ ظاهرة باسم يوسف وبعض التّهم التي يوجّهها العهد الإخوانيّ إليه. لكنّ الظاهرة المذكورة تدلّ إلى قطيعة محتملة أخرى في مصر. ذاك أنّ العقدين الأخيرين، وبعد ضمور السرديّات الإيديولوجيّة الكبرى، سجّلا تقدّماً مدهشاً للوعي الدينيّ كما للوعي الاستهلاكيّ. وقد طرأ شيء من تقسيم العمل بين هذين الوعيين، كما تقاطعا في غير محطّة كانت أهمّها ظاهرة مشايخ الفضائيّات وفتاواهم المتناسلة. بيد أنّ السخرية اليوسفيّة تعلن، هنا أيضاً، أنّ الطلاق بدأ يضرب الزواج هذا. حقّاً، هذه كلّها من ثمرات «الربيع العربيّ»... حتّى لو انقلب إلى خريف. نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن ظاهرة باسم يوسف عن ظاهرة باسم يوسف



نقشات الأزهار تزين إطلالات الأميرة رجوة بلمسة رومانسية تعكس أناقتها الملكية

عمّان - العرب اليوم

GMT 11:05 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

شيرين عبد الوهاب أمام القضاء بتهمة السبّ والقذف

GMT 03:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 06 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab