أبعد من طرح مسألة العنصريّة

أبعد من طرح مسألة العنصريّة

أبعد من طرح مسألة العنصريّة

 العرب اليوم -

أبعد من طرح مسألة العنصريّة

حازم صاغيّة

الطريقة التي استُقبل بها النازحون السوريون والفلسطينيون في لبنان، وشكل «الضيافة» المقيت، والكلام العنصري ‏المسموم الذي شاب ذلك، تقول كلها كم أن لبنان متصدع، وكم أن الولاءات العصبية المتناحرة فيه تقتات على إنسانية ‏إنسانه، فتحد من قدرته على التعاطف مع بشر آخرين معذبين ومهددين بالموت‎.‎ وحال لبنان هذه تنفيرٌ وتظهيرٌ لأحوال عربية أشمل، أحوالٍ قد يكون رمزها التعيس والمزري مخيم الزعتري في الأردن، ‏أو إغلاقات الحدود في المثلث العراقي – الأردني – السوري أمام بشر هم في أمس الحاجة إلى الاحتضان والتعاطف‎.‎ والمرء لا تفوته المقارنة بأحوال النازحين السوريين إلى تركيا، وهي قد لا تكون مثالية إلا أنها أرقى أشواطاً منها في ‏البلدان العربية «الشقيقة» التي تفتك بها المنافسات الأهلية والعصبية المتورمة‎.‎ وهذا الواقع ليس جديداً، وإن كنا نعاود اكتشافه مع كل حدث كبير، فحين نفعل نجد أنه زاد بنسبة معتبرة عما كان عليه في ‏المرة السابقة. وربما جاز التأريخ لهذه الظاهرة في زمننا الاستقلالي الحديث بنكبة 1948 الفلسطينية التي تزامنت مع ‏استقلالات بلدان المشرق العربي. يومها تجاور نقص التعاطف الإنساني وقلة الأخوة الفعلية مع تضخم في لفظيات الأخوة ‏‏»القومية» والتباري في إعلان التمسك بـ»قضية العرب الأولى‎.»‎ ثم جاءت حرب الخليج الثانية، حين غزا صدام الكويت، ذروةً غير مسبوقة في التبادل العنصري بين «الأخوة» و «الأخوة»: ‏فمن العراق طُرد المصريون ومن الخليج طُرد الأردنيون والفلسطينيون واليمنيون، وسط تهاجٍ عصبي مقزز يؤكد جميع ‏أصحابه أنهم هم الذين يريدون تحرير فلسطين‎!‎ ولنقل، هنا، إن العطل مقيم في ثقافات شعبية واسعة تتعدى الاصطفافات السياسية والأيديولوجية. فنحن نقع عليه، مثلاً لا ‏حصراً، في السلع المسمومة التي يتبادلها سنة العراق وشيعته، مثلما تدل إليه الاحتكاكات غير السارة التي تجدّ بين «الجيش ‏السوري الحر» وأهل المناطق، الكردية أو المدينية، التي تتحرر من سلطة النظام الأسدي‎.‎ لقد آن لنا أن نستنتج، واضعين جانباً الدجل السائد عن الأخوة والقومية، أن أي احتكاك بين جسمين غير صحيين، وكل ‏أجسامنا غير صحية، يدفع بنا خطوة أخرى نحو الهمجية ويعمل على التقليل من إنسانيتنا، فضلاً عن الإمعان في هلهلة ‏أنسجتنا الوطنية وهي مهلهلة اصلاً. ومع أهمية التنديد الدائم بالعنصرية وضرورته، أخلاقياً على الأقل، سيتحول هذا ‏التنديد إلى مجرد وعظ نخبوي قليل التأثير ما لم يقترن بنهج آخر في التعاطي مع تلك الأجسام، نهجٍ يحاول التصدي لما هو ‏غير صحي في متنها‎.‎ ففي لبنان، مثلاً، فُوتت فرصة جدية للتعاطي مع الوضع المسيحي ومخاوفه من خلال طرح الاقتراح الأرثوذكسي ‏للانتخابات، بينما فوتت الثورة السورية، ولا تزال تفوت، فرصة جدية للتعاطي مع الوضع الكردي ومخاوفه. والحال أن ‏المخاوف، هنا وهناك، ليست شيئاً مفتعلاً، ولا غنجاً لا مبرر له، أو تعصباً يفتقر إلى الأدلة والبراهين. وبدوره، يرقى ‏المدخل لعلاج هذه التصدعات إلى تطوير رؤية سياسية وثقافية أخرى، في لبنان كما في سورية والعراق، تُحل الفيدرالية ‏حيث تحل المركزية اليوم، والتعددية الإثنية والدينية والمذهبية حيث الواحدية الطاغية‎.‎ وهذا، في أغلب الظن، فرصتنا الأخيرة لإنقاذ الأوطان التي نقول إننا نريد إنقاذها، وللحفاظ على ما تبقى من إنسانية لدينا‎ نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من طرح مسألة العنصريّة أبعد من طرح مسألة العنصريّة



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 23:17 2025 الأحد ,27 تموز / يوليو

روبيو يحدد "الحل البسيط" لإنهاء الحرب في غزة
 العرب اليوم - روبيو يحدد "الحل البسيط" لإنهاء الحرب في غزة

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab