أميركا تبحث عن «ليش فاليسا» في إيران

أميركا تبحث عن «ليش فاليسا» في إيران

أميركا تبحث عن «ليش فاليسا» في إيران

 العرب اليوم -

أميركا تبحث عن «ليش فاليسا» في إيران

بقلم : هدى الحسيني

 قال الرئيس الإيراني حسن روحاني الأسبوع الماضي إن بلاده لن تلتزم بأجزاء من الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة العام الماضي، في حين ظلت الدول الأوروبية التي شاركت في المفاوضات ملتزمة به. يُنظر على نطاق واسع إلى التهديد الإيراني بعدم الامتثال على أنه إنذار يهدف إلى الضغط على الدول الأوروبية لإقناع واشنطن بالتراجع عن فرض عقوبات متزايدة. هذه الدول ردت بأنها سترفض أي إنذار نهائي. كانت طهران قد هددت بإغلاق مضيق هرمز رداً على تلك العقوبات، فما كان من أميركا إلا أن أرسلت الأسبوع الماضي حاملة الطائرات «أبراهام لنكولن» ومدمرات وأسراباً من قاذفات «B52» ومقاتلات «F15» و«F16»، وسط معلومات استخباراتية تشير إلى أن إيران مكّنت جماعاتها في الدول الأخرى من شن هجمات ضد المصالح الأميركية.
تسعى إيران للضغط على أوروبا والصين وروسيا لمعارضة العقوبات الأميركية ضد طهران، فأعلنت أنها إذا لم ترَ تقدماً فيما يتعلق بتخفيف العقوبات في غضون 60 يوماً، فإنها ستوسع تخصيب اليورانيوم، وتواصل العمل في مفاعل «أراك» للمياه الثقيلة. هذه الأنشطة لا تعني استئناف جهود التسليح؛ على الأقل ليس فوراً؛ إذ تطلبت الصفقة النووية من إيران تدمير معدات مهمة في مفاعل «أراك»، وسيكون من الصعب جداً استبدالها، ويحتاج المفاعل إلى سنوات للوصول إلى النقطة التي سيبدأ تشغيله فيها، ومع ذلك إذا تجاوزت إيران حدود المياه الثقيلة أو المخزونات المنخفضة من تخصيب اليورانيوم، فمن المحتمل أن يُطلب من أوروبا وروسيا والصين إعادة العقوبات التي تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي.
لكن، هل تستطيع إيران الرد على العقوبات الإضافية؟ من المؤكد أنها لا ترغب في تصعيد الأزمة إلى الحد الذي تتحول فيه إلى صراع تقليدي، وتبقى خياراتها قليلة. سيزداد خطابها التقليدي حدة، وستحمل ورقة تأثير العقوبات على المدنيين، وسيواصل محمد جواد ظريف لعب دوره بنشر روايات مواتية لبلاده في الصحافة الغربية؛ وبالذات في الأميركية منها، وسيظل تشديد الحزام بالفعل تجاه الجماعات التي أوجدتها، وسوف يستمر هذا، لكن من غير المتوقع أن تقلل من مواقفها الإقليمية أو أن تقدم أي تنازلات في المدى القريب.
إن ما يهم إيران تجنب الاضطرابات المزعزعة للنظام في وقت يواجه فيه النظام عدداً غير مسبوق من التحديات المحلية واحتمال انتقال السلطة. هي تأمل في مساعدة الاتحاد الأوروبي على تخفيف العقوبات لجهة صادرات النفط وإعادة عائداته إلى البلاد، واستخدام القنوات المالية الدولية، إضافة إلى ذلك؛ تنتظر، في حال تغيرت إدارة الرئيس دونالد ترمب بعد عام 2020، أن تأتي إدارة جديدة تعود إلى الصفقة النووية وتنضم إلى الاتحاد الأوروبي في الامتناع عن اتخاذ إجراء ضد التدخل الإيراني الإقليمي.
لقد نجحت السياسة الإقليمية الإيرانية على وجه التحديد؛ لأن المجتمع الدولي حمّل إيران المسؤولية عن تصرفات الجماعات التي أوجدتها وتسيطر عليها. هذا أتاح لإيران القيام بعمليات هجومية، كالهجمات بالصواريخ على المملكة العربية السعودية حيث قتل أميركيون وأجانب يعيشون هناك، ومن ثم الهروب من أي تكلفة عن طريق توظيف جماعاتها. إن تحدي هذه الاستراتيجية الإيرانية يثير احتمال المواجهة وربما الصراع مع إيران، والفشل في القيام بذلك يعطي المنطقة لإيران بطريقة يصعب عكسها.
إن احتمال المواجهة يزداد، لكن من غير المرجح أن تسعى إيران إلى الحرب في الوقت الذي تواجه فيه سلسلة مطبات لم تعرفها من قبل متزامنة وغير قابلة للحل من المشكلات الديموغرافية، والبيئية، والاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية.
يوم الاثنين الماضي تلقى النظام صدمة داخلية؛ إذ تظاهر الطلاب في الجامعات ضد المتشددين والإصلاحيين. فإذا انتشر الطلاب في الشوارع وازداد عددهم فإن النظام في ورطة. ولقد اشترك رجال دين مع الباسيج في قمع تحرك طلاب جامعة طهران.
يذكر أن إدارة ترمب كانت أعلنت عن موجة جديدة من العقوبات على صناعات الصلب والألمنيوم والنحاس، التي تشكل 10 في المائة من اقتصاد التصدير الإيراني، ثم إن صناعة المعادن والتعدين هي الأكثر أهمية في الاقتصاد الإيراني، لأن الشركات توظف مباشرة 600 ألف عامل. أما في قطاع السيارات المستهلك الأكبر للصلب، فيعمل أكثر من مليون إيراني. مجتمعيْن؛ يمثل القطاعان 6 في المائة من إجمالي القوى العاملة في البلاد. استهدفت العقوبات الجديدة على الأرجح ضرب أرباح شركات المعادن الرئيسية في إيران مثل «مباركة للصلب» و«الشركة الوطنية لصناعات النحاس». هذه العقوبات سوف تزيد من التدهور في ميزانيات شركات المعادن المثقلة بالديون، وحتى لو تدخلت الحكومة لمنع الإفلاس، فإن انقطاع التدفق النقدي سيؤدي إلى رواتب غير مدفوعة وتسريح للعمال، وسيكون هناك نقص في الإنتاج وزيادة في الأسعار، وسيتأثر الإنتاج في قطاع السيارات الذي انخفض بالفعل إلى نحو 40 في المائة، وحيث بدأت عمليات التسريح تصبح نافذة المفعول.
إن خلق ظروف البطالة الجماعية، خصوصاً بين العمال الذين تستخدمهم الشركات المملوكة للدولة والذين يشكلون العمود الفقري للاقتصاد الإيراني، هو هدف العقوبات الأخيرة لإدارة ترمب. في الشهر الماضي اقترح أحد المستشارين الرئيسيين لترمب في الملف الإيراني، أن تدعم الولايات المتحدة أنشطة العمال في إيران بشكل أكثر فعالية، مشبهاً دعمها بحركة «سوليدارتي» في بولندا التي قادتها النقابات العمالية، وعلى رأسها ليش فاليسا. تحقيقاً لهذه الغاية فإن تأجيج الاضطرابات عن طريق خلق بطالة جماعية داخل صناعة المعادن، سيكون منسقاً مع أهداف «أقصى الضغوطات» التي تعمل عليها إدارة ترمب التي صارت أكثر انفتاحاً على الاعتراف بهدف تغيير النظام إذا لم يغير تصرفاته.
هذا الحمل على أكتاف إيران في الداخل يجعلها تتجنب المواجهة العسكرية، لأن الحرب ستعني على الأرجح نهاية الجمهورية الإسلامية، وليس هناك من دليل على أن قادة إيران انتحاريون، أو توقفوا عن السعي للحفاظ على جمهوريتهم.
يقول بعض العارفين إن هناك خطين في إيران الآن؛ واحداً يدعو إلى قبول التفاوض مع الأميركيين، وآخر يرفض. جرّب ظريف الإشارة إلى اهتمامه بالمفاوضات عندما كان أخيراً في نيويورك. كان ذلك دعاية، لأن مثل هذا العرض لا يُقدم علناً، إنما عبر قنوات رسمية، مثل ممثل إيران لدى الأمم المتحدة، أو عبر بلد ثالث. ثم إن ظريف لم يقل إنه مفوّض لإجراء مفاوضات، بل لتبادل الأسرى، لكن واشنطن عدّت مجرد أن تضع إيران إطلاق سراح الأميركيين الذين احتجزتهم، فيما يشبه المزاد لرؤية ما ترغب الولايات المتحدة في دفعه مقابل إطلاق سراحهم، أمر شائن.
الخلاصة: إن احتمال المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران ينمو، لكنه لا يزال أقل من الحرب، وعلينا متابعة ما يجري داخل إيران حيث التعتيم على كل شيء، سيد خدعة التهديدات.

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا تبحث عن «ليش فاليسا» في إيران أميركا تبحث عن «ليش فاليسا» في إيران



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بتدمير جميع الأنفاق في قطاع غزة

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
 العرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 09:06 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يوقف حفله في دبي بسبب نيللي كريم وأحمد السقا

GMT 15:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 20:43 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تنفق ملايين الدولارات لتحسين صورتها في أميركا

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab