صناعة الوهم بين غياب العلم وعبث التوقعات”

صناعة الوهم: بين غياب العلم وعبث التوقعات”

صناعة الوهم: بين غياب العلم وعبث التوقعات”

 العرب اليوم -

صناعة الوهم بين غياب العلم وعبث التوقعات”

بقلم : د. مارغو حداد

كأننا في زمن يشبه الوهم، حيث يتقدم من لا يملكون سوى كلمات خاوية، ليتحدثوا باسم الغيب، ويملأوا فضاءنا بصدى لا يحمل معنى. ينصبّون أنفسهم سادة المستقبل، وهم لا يفقهون من الحاضر شيئًا. هؤلاء، الذين يظهرون على الشاشات وفي زوايا المنصات، لا يحملون علمًا ولا خبرة، بل يجيدون لعبة الصخب والتخدير.

يتنبأون بالخراب، بالزلازل والبراكين، وكأنهم يحملون مفاتيح القدر. يزرعون الخوف، ويستنزفون عقولنا بتوقعاتهم المصطنعة، متناسين أن كتاب السماء أغلق أبواب الغيب عنهم، ليحفظ للعالم طمأنينته. هؤلاء، ليسوا سوى انعكاس لعصر يحتفي بالضجيج أكثر مما يحتفي بالمعرفة، ويفتح الأبواب لمن لا يملك سوى العبث.

في جامعات العالم، تُدرَّس مواد النقد والتحليل في مختلف المجالات كالأدب، السياسة، الاقتصاد، الإعلام، والفنون، لتعليم التفكير المنهجي وفهم الواقع بأسس علمية.

هناك، حيث يُصنع الفكر، يُعلَّم الإنسان كيف يقرأ الحاضر بفكر متّزن، وكيف يستشرف المستقبل بأدوات العلم، لا بأوهام التخمين. التحليل ليس تجارة، بل هو علم يتطلب بحثًا ودراسة، وجذورًا عميقة في الفهم.

ولكن ماذا فعلنا نحن؟ تركنا الساحة فارغة، فدخلها هؤلاء الذين لا صلة لهم بالعلم. جعلنا الميكروفون سلاحًا في أيدي من لا يعرفون، وسمحنا لكل هاتف أن يتحول إلى منصة لبث الرعب والخرافة. نحن من استبدل التحليل بالهذيان، والتخطيط بالصراخ، والعقل بالعشوائية.

ألسنا نحن الملامين؟ كيف نصمت، ونحن نرى أوطاننا تُدار بأيدٍ تجهل معنى المسؤولية؟ كيف نثق بمن يتحدث عن الحروب والكوارث، وهو لا يملك سوى كلمات جوفاء؟ نحن من فتح لهؤلاء الأبواب، ونحن من سمح لهم بأن يجعلوا من الخوف سوقًا، ومن الجهل سلعة.

الزمن لا ينتظر أحدًا. إن لم نستفق الآن، وإن لم نغلق هذه النوافذ التي ينفذ منها العبث، سنبقى رهائن للخوف، ضائعين في دوامة لا نهاية لها. المستقبل لا يُبنى بأصوات تصدح دون علم، ولا بأيدٍ تجهل الطريق. المستقبل يُبنى بالمعرفة، بالعلم، وبأصوات صادقة، تقرأ الحاضر لتصنع الغد.

يتصدرون المشهد بلا خجل، يحجزون لأنفسهم مكانًا على أهم المنصات، يتحدثون بجرأة عن المستقبل دون علم، وكأنهم يمتلكون مفاتيح الغيب. أين نحن في هذا العصر؟ كيف أصبح الصوت الجاهل هو الأعلى؟ لقد غاب العلم وابتعدت المعرفة، وأصبح الضجيج هو السمة. نحن في زمن تتراجع فيه الحكمة، ويصعد فيه من لا يستحقون الظهور. لا أفهم كيف وصلنا إلى هذا الحال، وكيف أصبح هؤلاء المجهولون أسيادًا على الحقيقة.

علينا أن نختار، بين أن نبقى متفرجين على هذا العبث، أو أن نعيد للعقل مكانته، وللعلم صوته، وللمستقبل أملًا لا يصنعه سوى من يؤمنون به حقًا. المستقبل لا يُقرأ، بل يُبنى، ولا يبنيه إلا من يفهم كيف يُصنع الحاضر.

 

arabstoday

GMT 06:08 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

التونسية في السجن

GMT 06:04 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

تسجيل عبد الناصر... عادي!

GMT 06:00 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

السودان والحملة الغريبة ضد عودة المهجرين!

GMT 05:58 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

سيادة عدالة ومحاسبة!

GMT 05:56 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

بلزوني ونهب آثار مصر

GMT 05:54 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

زمن أصولي بأفكار حديثة

GMT 05:51 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

متتالية سقوط «إخوان المرشد العام»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صناعة الوهم بين غياب العلم وعبث التوقعات” صناعة الوهم بين غياب العلم وعبث التوقعات”



ميريام فارس تتألق بإطلالات ربيعية مبهجة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:07 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

اعوجاج العمود الفقري ما أسبابه وكيف يعالج

GMT 03:01 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

استشهاد 70 شخصًا فى قطاع غزة خلال 24 ساعة

GMT 12:53 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

أزمة “الحزب” شيعيّة… وليست في مكان آخر!

GMT 00:58 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

أوغندا تعلن السيطرة على تفشي وباء إيبولا

GMT 02:57 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

الطيران الأميركي يستهدف السجن الاحتياطي

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

عبد الناصر يدفن عبد الناصر

GMT 06:14 2025 الأربعاء ,30 إبريل / نيسان

يقول كتاب السياحة

GMT 01:04 2025 الإثنين ,28 إبريل / نيسان

قصف مبنى في ضاحية بيروت عقب تحذير إسرائيلي

GMT 08:22 2025 الأربعاء ,30 إبريل / نيسان

هل يوجد توقيت غير مريب لبث الاعترافات؟

GMT 12:56 2025 الثلاثاء ,29 إبريل / نيسان

الإعلام.. المهم ما بعد التهاني!

GMT 06:18 2025 الأربعاء ,30 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (104).. يوسف صديق وجزاء سنمار

GMT 08:16 2025 الأربعاء ,30 إبريل / نيسان

تسريب ناصر والقذّافي وتبرؤ «الإسكندرية»!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab