«خطأ القرن»

«خطأ القرن»

«خطأ القرن»

 العرب اليوم -

«خطأ القرن»

بقلم : عبد اللطيف المناوي

 

لا يزال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يتعامل مع السياسة الدولية وتحديدا القضية الفلسطينية وكأنها جزء من مسيرته فى عالم المال والأعمال، حيث يسعى إلى تحقيق مكاسب سريعة عبر صفقات كبرى، متجاهلا التعقيدات التاريخية والسياسية والاجتماعية العميقة التى تحكم توازنات القوى فى الشرق الأوسط. وأحدث تجليّات هذا النهج هو إصراره على فكرة نقل أعداد من فلسطينيى غزة إلى مصر أو الأردن، باعتبارها حلا للأزمة، فى تجاهل صارخ للجغرافيا، والتاريخ، والأمن القومى لدول المنطقة. يتجاوز الرفض المصرى والأردنى لهذه الفكرة البُعد السياسى الحالى، فهو ينبع من اعتبارات استراتيجية تتعلق بالأمن القومى لكلا البلدين. مصر، التى لعبت لعقود أهم دور فى الوساطة بالقضية الفلسطينية، تدرك أن تفريغ غزة من سكانها يمثل تهديدًا وجوديًا لا يقتصر على الفلسطينيين وحدهم، بل يمتد ليشمل الأمن القومى، إذ يعنى عمليًا إنشاء كيان غير مستقر داخل أرضنا.

كما أن الأردن، الذى يحمل على عاتقه إرث العلاقة المعقدة مع القضية الفلسطينية، يدرك أن أى توطين جديد للاجئين الفلسطينيين لن يؤدى إلا إلى تعقيد المشهد الداخلى، فضلًا عن كونه خطوة خطيرة نحو تصفية القضية الفلسطينية تحت غطاء «الحلول المؤقتة». فى رؤيته لهذه الصفقة، يبدو أن ترامب يتجاهل حقيقة أن القضية الفلسطينية ليست مجرد معضلة لوجستية تتعلق بسكان يحتاجون إلى مأوى جديد، بعد أكثر من سنة من الدمار المستمر الذى حرصت عليه آلة الحرب الإسرائيلية، بل هى قضية تحرر وطنى ذات أبعاد حقوقية وإنسانية عميقة. فالفلسطينيون لا يبحثون عن لجوء إلى أرض جديدة، بل يطالبون بحقوقهم التاريخية فى وطنهم. إن محاولة فرض حل يقوم على تهجير السكان، بدلًا من معالجة جذور المشكلة المتمثلة فى الاحتلال والحصار، لا تعنى سوى تكريس الظلم وخلق أزمة طويلة الأمد لن تلبث أن تنفجر فى وجه الجميع.

ما يعتبره ترامب «صفقة القرن»، يمكن أن يتحول إلى «خطأ القرن» إذا استمر فى التعامل مع قضايا المنطقة بسطحية وانحياز. إن التلاعب بالديموغرافيا، وفرض حلول قسرية دون توافق شعبى أو سياسى دولى وإقليمى، لن يؤدى إلا إلى المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار. والأسوأ أن مثل هذه الحلول ستغذى التطرف، وتعزز الشعور بالإقصاء، مما يجعل المنطقة أكثر عرضة للاضطرابات والتصعيد.

ما يحتاج ترامب والإدارة الأمريكية بشكل عام إلى فهمه هو أن استقرار المنطقة لن يتحقق بفرض حلول قصيرة النظر، بل عبر معالجة جذور المشكلة، والاعتراف بحقوق الفلسطينيين، ودعم حلول سياسية عادلة ومستدامة. إن مصر والأردن، برفضهما القاطع لمثل هذه الأفكار، لا يدافعان فقط عن أمنهما القومى، بل يوجهان رسالة واضحة بأن تجاهل حقائق الجغرافيا والتاريخ لا يمكن أن يؤدى إلا إلى نتائج كارثية أسرع مما يظن الجميع.

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«خطأ القرن» «خطأ القرن»



نقشات الأزهار تزين إطلالات الأميرة رجوة بلمسة رومانسية تعكس أناقتها الملكية

عمّان - العرب اليوم

GMT 11:05 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

شيرين عبد الوهاب أمام القضاء بتهمة السبّ والقذف

GMT 03:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 06 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab