بقلم : عبد اللطيف المناوي
٦٠٠ يوم مرت منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، منذ أن أطلقت حركة حماس عملية «طوفان الأقصى»، التى أعادت إشعال الصراع الدموى، والتى بسببها أعلنت إسرائيل حربًا شرسة على الفلسطينيين فى قطاع غزة.
هذه الحرب، التى بدأت بمغامرة غير محسوبة على الإطلاق، أسفرت عن كارثة إنسانية غير مسبوقة فى القطاع، وربما الأيام المقبلة تحمل ما هو أشد.
منذ اندلاع الحرب، قُتل أكثر من ٥٠٠٠٠ فلسطينى، غالبيتهم من النساء والأطفال، وأُصيب أكثر من ١١٤٠٠٠ آخرين، ما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من سكان القطاع البالغ عددهم ٢.٣ مليون نسمة قسرًا، نتيجة للدمار الواسع الذى طال البنية التحتية والمرافق الحيوية، فضلًا عن الحصار الإسرائيلى المشدد الذى أدى إلى نقص حاد فى الغذاء والمياه والكهرباء والوقود، ما تسبب فى انهيار النظام الصحى وتهديد بحدوث مجاعة وشيكة.
تكبدت حركة حماس خسائر فادحة على المستويين العسكرى والسياسى، ما أثر بشكل كبير على بنيتها التنظيمية وقدرتها على القيادة، إضافة إلى صورتها أمام حتى داعميها.
فى ١٦ أكتوبر ٢٠٢٤، أعلنت إسرائيل عن مقتل يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسى لحماس فى قطاع غزة، خلال عملية عسكرية فى رفح. وقد أكدت مصادر إسرائيلية أن السنوار قُتل بعد اشتباك مع قوات الجيش الإسرائيلى فى رفح، وتم التعرف على جثته من خلال فحوصات الحمض النووى.
بالإضافة إلى السنوار، فقدت حماس عددًا من قياداتها البارزين، منهم: إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى السابق، الذى قُتل فى غارة إسرائيلية فى طهران فى ٣١ يوليو ٢٠٢٤.. ومحمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام، الذى أعلنت إسرائيل عن مقتله فى غارة جوية فى خان يونس فى ١٣ يوليو ٢٠٢٤.. وصالح العارورى، نائب رئيس المكتب السياسى، الذى قُتل فى غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية فى ٢ يناير ٢٠٢٤.
هذه الاغتيالات المتتالية أدت إلى فراغ قيادى داخل الحركة، مما دفع حماس إلى تشكيل قيادة جماعية ربما لا تكون بقوة السابقين.
وتواجه حماس تحديات سياسية كبيرة، أبرزها الانقسامات الداخلية بين القيادات فى غزة والخارج. تصريحات موسى أبومرزوق، أحد مؤسسى الحركة، والتى أعرب فيها عن ندمه على هجوم ٧ أكتوبر، أثارت جدلًا واسعًا داخل الحركة وأظهرت تباينًا فى الرؤى بين القيادات.
ومع استمرار الضغوط الدولية والإقليمية، يبقى مستقبل الحركة مرهونًا بقدرتها على التكيف مع المتغيرات والتحديات الراهنة. الحرب المستمرة أدت إلى تدهور الوضع الإنسانى والاقتصادى فى غزة، ما أثر سلبًا على القضية الفلسطينية. الدمار الواسع والتهجير القسرى للسكان واستهداف البنية التحتية والمرافق الحيوية زاد من معاناة السكان، مما جعل من الصعب التركيز على الحقوق الوطنية والسياسية فى ظل الأزمات الإنسانية المتفاقمة.
٦٠٠ يوم من الحرب خلَّفَت وراءها دمارًا هائلًا وخسائر بشرية فادحة، وأثَّرت بشكل عميق على النسيج الاجتماعى والسياسى فى غزة.
وبينما تستمر المعاناة، يبقى الأمل معقودًا على تحقيق حل عادل وشامل يضمن حقوق الفلسطينيين ويضع حدًّا لمعاناتهم المستمرة.