المساعدات الإنسانية والأجندة الأمريكية

المساعدات الإنسانية والأجندة الأمريكية

المساعدات الإنسانية والأجندة الأمريكية

 العرب اليوم -

المساعدات الإنسانية والأجندة الأمريكية

بقلم : عبد اللطيف المناوي

منذ بداية الحرب الدموية على قطاع غزة، بقيت المساعدات الإنسانية إحدى أبرز ساحات الاشتباك السياسى العالمى، إذ تحولت من وسيلة إنسانية للإنقاذ إلى أداة فى صراع الإرادات الدولية. وبينما كانت المعابر المصرية، وعلى رأسها معبر رفح، تمثل شريانًا إنسانيًا حقيقيًا لسكان القطاع المنكوبين، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا على خط المساعدات منفردة- أو بتنسيق مع إسرائيل- لتثير جدلًا واسعًا، وتكشف خللًا عميقًا فى فهم سياق المساعدات والهدف منها بالأساس. المقارنة بين طريقة دخول وتوزيع المساعدات المصرية، واستقبال الأشقاء الفلسطينيين لها، وبين الطريقة الأمريكية، كفيل بكشف حجم الفارق فى النية والبنية. فالمساعدات التى كانت تمر من الجانب المصرى، رغم كل التعقيدات اللوجستية والسياسية التى كانت تفرضها إسرائيل، كانت قائمة على إدراك واقعى وملموس لاحتياجات الناس فى غزة، وتُدار من قبل منظمات دولية ذات باع طويل فى المجال الإغاثى، وتستند إلى مبدأ احترام الكرامة الإنسانية وعدم تسييس المساعدات.

فى المقابل، جاءت المساعدات الأمريكية، عبر مؤسسة «غزة الإنسانية» التى وُلدت فجأة فى فبراير 2025، كأنها مشروع إغاثى بقبضة سياسية. فالمراكز التى أُقيمت لتوزيع الغذاء فى رفح أديرت من قبل شركات أمنية خاصة، ووضعت تحت رقابة الجيش الإسرائيلى، واستخدمت تقنيات لمعرفة بعض المعلومات عن السكان، ما حوّل المساعدة إلى نوع من الأجندة السياسية لا الإغاثية. فلا يعرف الفلسطينى من الذى يعطيه المساعدة، ولا إلى أين ستُسجّل بياناته، ولا بأى حق تُقيد كرامته تحت مظلة العمل الإنسانى.

الخلاف الحاد بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة حول هذا النموذج لم يكن مفاجئًا. فالأمم المتحدة، عبر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، اعتبرت أن هذا البرنامج الأمريكى مخالفة صريحة للمبادئ الإنسانية: الحياد، الاستقلالية، والشفافية. ليس ذلك فحسب، بل شككت فيه بالأساس، وقالت إنه يزيد من حالة انعدام الثقة فى الجهود الإغاثية ككل.

الأحداث التى شهدها القطاع خلال اليومين الأخيرين، وتحديدًا التى شهدها مركز التوزيع فى رفح من فوضى، واقتحام عشوائى، وهروب للأمريكيين، كان نتيجة طبيعية لهذا النهج المرتبك وغير المدروس، وصاحب الأجندة. فالآلاف من الفلسطينيين الذين تدفقوا على المركز لم يجدوا سوى الفوضى، والحرمان من حق بسيط: الطمأنينة فى لحظة جوع.

الواقع الإنسانى فى غزة لا يحتمل مغامرات أخرى ولا استعراضات سياسية تحمل أجندات. لأن أكثر من مليونى إنسان يعانون من نقص الغذاء، وانهيار البنية التحتية، وغياب الرعاية الصحية، ويواجهون حصارًا مستمرًا. فى هذا السياق، تتحول كل مبادرة لا تستند إلى الشفافية والمعرفة بالواقع إلى عبء إضافى بدلًا من أن تكون دعمًا حقيقيًا. إن رفع المعاناة عن الفلسطينيين فى غزة لا يتحقق بمثل هذه المبادرات الأمريكية، بل بنوايا إنسانية صادقة تنطلق من احترام كرامة الناس واحتياجاتهم الفعلية، إذ صدق بابا الفاتيكان عندما قال: صرخات أمهات وآباء غزة تصل إلى السماء.. يجب وقف قتل الأطفال.

 

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المساعدات الإنسانية والأجندة الأمريكية المساعدات الإنسانية والأجندة الأمريكية



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab