رحل مبتسمًا كما جاء

رحل مبتسمًا كما جاء

رحل مبتسمًا كما جاء

 العرب اليوم -

رحل مبتسمًا كما جاء

بقلم : عبد اللطيف المناوي

مع إعلان الفاتيكان، صباح أمس، وفاة البابا فرنسيس عن عمر ناهز 88 عامًا، فى دار القديسة مارتا، انطفأ صوتٌ خفيض وحنون كان قد أصرّ منذ أول ظهور له على شرفة ساحة القديس بطرس قبل أكثر من عقد على أن يكون مختلفًا. لم يكن مجرد بابا، بل كان روحًا حية للكنيسة فى عالم مضطرب، وسفيرًا إنسانيًّا لا يضع بينه وبين «الآخر» أى فاصل سوى المحبة والتواضع.

بمجرد إعلان وفاته، قفز إلى ذهنى مشهد من فيلم «الباباوان» (The Two Popes)، حين يتبادل الكاردينال خورخى بيرجوليو، (الذى أصبح البابا فرنسيس)، والبابا بنديكتوس السادس عشر أطراف الحديث حول مستقبل الكنيسة. الفيلم الذى صوّر لقاءً متخيّلًا بين نقيضين فى الفكر والسلوك: بابا محافظ يميل إلى العزلة، وآخر تقدّمى يعشق رقص التانجو، يمشى بين الناس ويأكل البيتزا من كشك فى الشارع. كأنما الفيلم كان نبوءة بصدام الرؤى داخل الفاتيكان، وبانتصار ناعم لمشروع التغيير الذى مثّله فرنسيس.

وُلد خورخى ماريو بيرجوليو فى بوينس آيرس عام 1936 لعائلة إيطالية مهاجرة هربت من فاشية موسولينى. نجا من الموت فى شبابه بعد إصابته بعدوى رئوية خطيرة كادت تودى بحياته. وقد تركت تلك التجربة أثرًا نفسيًّا وجسديًّا ظل يلازمه طوال حياته.

اعتمد مسارًا بسيطًا، لا قصر، لا صليب ذهبى، لا سيارات فاخرة. رفض العزلة فى القصر الرسولى مفضّلًا الإقامة فى بيت الضيافة المتواضع، ورفض أيضًا «البابوية كسُلطة» مفضّلًا أن يكون راعيًا فى وسط القطيع.

جاء انتخاب فرنسيس عقب واحدة من اللحظات النادرة فى تاريخ الكنيسة: تنحى البابا بنديكتوس السادس عشر طوعًا بسبب التقدم فى السن وفضائح مالية وجنسية هزّت أركان الفاتيكان.

فيلم «الباباوان» وثّق هذا التباين بشكل إنسانى بديع، مبتعدًا عن اللاهوت الغارق فى الجدل، ومقتربًا من جوهر الصراع: كيف تبقى الكنيسة وفيّة لروحها فى عالم يتغير جذريًّا؟. فرنسيس، مشجع نادى سان لورينزو، الراقص السابق للتانجو، لم يخجل من أن يعلّم سلفه كيف يتحرك بخفة فى عالم جديد.

رفض البابا فرنسيس الربط بين الإسلام والإرهاب. وفى أغسطس 2016، رد على سؤال بشأن عدم إشارته للإسلام عند إدانة الهجمات الإرهابية قائلًا: «لا أعتقد أنه من الصواب الربط بين الإسلام والعنف». ولعل وثيقة الأخوة الإنسانية التى أعلنها مع الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، تقف دليلًا على قامة الرجلين.

اليوم، يطوى الفاتيكان صفحةً غير عادية فى تاريخه الحديث، بعد أن ودّع رجلًا خالف التقاليد دون أن يهدمها، وجعل من الإنسانية نهجه، ومن التواضع زينته، ومن الحوار رسالته. ربما يكون قد رحل، لكن صورة البابا الذى يتناول الغداء مع فقراء روما بعيدًا عن عدسات الكاميرا ستظل عالقة فى الذاكرة.

وداعًا فرنسيس، البابا الذى أحب الحياة وأحب الناس، ومضى مبتسمًا، كما جاء.

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحل مبتسمًا كما جاء رحل مبتسمًا كما جاء



نقشات الأزهار تزين إطلالات الأميرة رجوة بلمسة رومانسية تعكس أناقتها الملكية

عمّان - العرب اليوم

GMT 11:05 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

شيرين عبد الوهاب أمام القضاء بتهمة السبّ والقذف

GMT 03:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 06 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab