كهفُ الفيلسوف وحبلُ الفيل

كهفُ الفيلسوف.. وحبلُ الفيل

كهفُ الفيلسوف.. وحبلُ الفيل

 العرب اليوم -

كهفُ الفيلسوف وحبلُ الفيل

بقلم: فاطمة ناعوت

لسببٍ ما، تذكّرتُ محاضرةً ألقيتُها فى ميسيساجا الكندية قبل سنوات. طلبت منى السيدةُ «فيبى وصفى»، مديرة مدرسة «فيلوباتير الثانوية الكندية»، أن أحضر حفلَ تخرج طلاب المدرسة الذين تأهلوا لدخول الجامعة، لكى أشاركهم فرحتهم بمحاضرة تُحفزهم على الدخول من بوابة المستقبل نحو الغد المشرق. وكانت كلمتى بعنوان «I Have a Dream» «لدىّ حُلمٌ». حكيت فيها للطلاب الكنديين حكايتين طريفتين.

الأولى: «أسطورة الكهف» كما رسمها الفيلسوفُ الإغريقى «أفلاطون» فى كتاب «الجمهورية». تصوّر أن بعضَ الأشخاص محبوسون داخل كهف منذ مولدهم. مقيدون بالسلاسل لا يستطيعون الحركة ولا الالتفات للخلف، ووجوههم مُصوّبةٌ نحو حائط لا يرون سواه؛ تنعكس عليه ظلالُ مَن يسيرون بالخارج من بشر وحيوانات. فيعتقدُ أولئك السجناءُ أن تلك الظلال هى البشرُ وأن الحياة هى ما يرونه على شاشة الحائط التى تنعكس عليها الخيالات. الآن دعونا نتخيّل أن واحدًا من السجناء نجح فى كسر الأغلال، وخرج من الكهف المظلم، ليشاهد ضوء الشمس لأول مرة فى حياته.

بعد صدمة المفاجأة، يبدأ فى التجوال والتعرّف على الموجودات خارج الكهف، ليكتشف أن ما ظلَّ يراه هو ورفاقه طوال أعمارهم ليس إلا خيالاتٍ وأوهامًا، وأن الحقيقة شىءٌ آخر. «أفلاطون» بحكايته تلك كان يشرح نظرية «عالم الُمثُل»، لكن السجينَ الخارج من الكهف يحكى منهج «التفكير خارج الصندوق»، وعدم الاستسلام للفرضيات المغلوطة مهما عشّشت داخلنا سنواتٍ وعهودًا. ذلك هو الدرس الأول الذى على أبنائنا تعلّمه فى مقبل أيامهم.

الحكاية الثانية: عن الفيل الصغير الذى كان صاحبُه يربط ساقَه بحبل صغير جوار باب البيت حتى لا يمشى بعيدًا. كلَّ عام يكبر الفيلُ، والحبلُ هو الحبلُ الصغيرُ لا يتغير ولا يغلُظ. بوسع الفيل الآن، حين كبُر وصار قويًّا، أن يقطعَ الحبلَ بركلةٍ واحدة، ويهرب. لكنه أبدًا لا يفعل، بل يظلُّ واقفًا جوار الباب! لماذا؟ لأن الفيل يحملُ من ذكريات الماضى إيمانَه الراسخَ بأنه حين كان طفلا قد حاول كثيرًا، قطعَ الحبل للركض واللعب فى الحقول، لكنه أخفق مرّةً تلو مَرّة؛ لأن الحبل كان أقوى من أقدامه الصغيرة آنذاك. فاستقرَّ فى وعيه أنه أضعفُ من الحبل. ومع مرور الأيام قلّت محاولاته الفاشلة، حتى توقفت. أغفل الفيلُ أن حجمه صار أكبرَ كثيرًا من ذاك الحبل النحيل. ذلك هو الدرس الثانى: ألا نكفّ عن محاولة حل المشكلات مهما أخفقنا فى حلّها. ففى كل محاولة أنت شخصٌ جديد بقدرات جديدة، كما قال «هيراقليطس».

هذان هما الدرسان اللذان طرحتهما على التلاميذ الكنديين الذين يتأهبون لمغادرة مقاعد المدرسة نحو براح الجامعة، وهما ذاتهما الدرسان اللذان أحكيهما لأطفالى ولكل صبيّة وصبىٍّ يظنان أن الأحلام عصيةٌ على التحقق. وأما الدرس الثالث والأهم هو ما قاله «باولو كويللو» فى رواية «الخيميائى». إذا حلُم الإنسانُ حلمًا ما، وآمن به جدًّا وأصرّ على تحقيقه، تآمر الكونُ بكامله من أجل تحقيقه معه.

أما سبب تذكّرى تلك المحاضرة، فهو أن أحد أولئك التلاميذ الصغار «جوناثان» قد صار الآن مهندسًا جميلا، بعدما أدرك أنه قادرٌ على قطع جميع الخيوط التى تُعطّل أحلامه. جاء إلى القاهرة فى زيارة قصيرة، حاملا دواءً طلبتُه من صديقتى «فيبى وصفى» من أجل ابنى «عمر». دعوته لحفل باليه «الجمال النائم» فى دار الأوبرا المصرية، وفى الطريق ذكّرنى بتلك المحاضرة الجميلة.

وأذكّركم بأغنية «I Have a Dream» لفريق ABBA التى تقول: «لديّ حلمٌ/ أغنيةٌ أغنيها/ كى تساعدنى على مواجهة أى شىء/ إذا شاهدتَ العجائب فى حكايات الجِّنيّات/ ستكون قادرًا على صناعة المستقبل/ وإن أخفقتَ مرّةً/ أنا أؤمن بالملائكة/ الشىءُ الطيبُ فى كل شىء أراه/ أؤمن بالملائكة/ حينما أعرفُ أن الوقت فى صالحى/ سوف أعبرُ الشلال وأجتازُ النهر/ لأن لدىّ حلمًا».

ومن نُثارِ خواطرى:

■ ■ ■

(ملاك)

لو كان أبى ملاكًا

لجاءَ كلَّ ليلٍ إلى شُرفتى

ماسكًا طرْفَ الخَيْطْ

ليربِطَ أحلامى

بأحلامِ أطفالى

وبعدما يصلُ الأحلامَ

يوثِقُها فى خيطِ بالون

يصعدُ نحو السماءْ

...

ينظرُ إلىَّ ويبتسم

يرفعُ عصاهْ

التى نجمةٌ فى نهايتِها

يُربِّتُ فوق الرؤوسِ الُمتعبة

ثم يطيرُ

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كهفُ الفيلسوف وحبلُ الفيل كهفُ الفيلسوف وحبلُ الفيل



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي

GMT 08:22 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

جيش الاحتلال يداهم منازل في قرية تل جنوب غرب نابلس

GMT 07:26 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق رسمي من نيجيريا على الضربة الأميركية

GMT 09:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يشارك جمهوره كواليس مسلسل «علي كلاي»

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 12:37 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

3 قتلى باشتباكات مع الأمن السوري في ريف اللاذقية

GMT 17:00 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هيئة البث تكشف وساطة روسية سرية بين إسرائيل وسوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab