حرب غزة مأزق «حماس» وإسرائيل معاً

حرب غزة... مأزق «حماس» وإسرائيل معاً

حرب غزة... مأزق «حماس» وإسرائيل معاً

 العرب اليوم -

حرب غزة مأزق «حماس» وإسرائيل معاً

بقلم : نبيل عمرو

آخر خطابٍ ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد ترويجٍ مبالغٍ فيه قبل أن يلقيه، كشف بالسطور وما بينها عمق المأزق الذي تردت إليه إسرائيل، والذي تعمّق في عهد الرئيس ترمب بدلاً من أن تخرج منه.

الرئيس ترمب ومساعدوه منحوا نتنياهو أسابيع قليلة لإنجاز المهمة، أو على الأقل الاتفاق على وقفٍ لإطلاق النار، يمهّد الطريق للدخول في مفاوضاتٍ تنهي الحرب.

استغل نتنياهو الأسابيع الممنوحة له بتوسيع مساحة احتلاله لأجزاء من غزة، بلغت ما يزيد على الخمسين في المائة من أراضيها، ورفع وتيرة القتل والتدمير كما لو أن الحرب في بدايتها، من دون أن يقترب من تحقيق الهدف الذي يشاركه الأميركيون فيه، وهو استعادة الرهائن وفرض الاستسلام على «حماس».

وجد نتنياهو نفسه في حالة بالغة الصعوبة، فهو من جهة يواصل حرباً من دون تحقيق نتائج حاسمة، ومن جهة أخرى تشتعل في إسرائيل مظاهرات وعرائض وأنشطة جماعية تتسع كل يوم، تطالبه بمفاوضات جدية نحو صفقة تبادل تعيد جميع المحتجزين الأربعة والعشرين الأحياء وما تبقى من جثث للأموات، وهذا ما يرفضه نتنياهو ويرى أن الذهاب إلى ذلك يعني نهايته السياسية.

الخطاب الأخير لنتنياهو استقبل في إسرائيل بالسخرية، كونه لم يتضمن أي إشارة مقنعة لما يتعين عليه أن يفعل من أجل تخليص الرهائن، وكذلك لاجتراره المتكرر لما وصفه بالإنجازات المذهلة التي حققها في حرب الجبهات السبع، ولكنه يجد من يسعى إلى سلبها منه وإلقائها في «البالوعة» كما قال حرفياً.

مأزق نتنياهو يقابله مأزق «حماس»، التي تقدم عروضاً لإسرائيل والوسطاء يرفضها نتنياهو بصورة مطلقة، ويعزز رفضه بمزيدٍ من التوغل في الحرب، وتدمير البعض القليل مما تبقى في غزة من مرافق وبيوت وحتى خيام. ذلك مع تشديد الحصار بإغلاق المعابر لمنع دخول أي مساعدات. ما دفع فلسطينيين إلى التظاهر رافعين شعار «بدنا نعيش»، بينما «حماس» صاحبة قرار الحرب أو التسوية لا تملك ما تجيبهم به، وما يخفف من معاناتهم المتفاقمة كل يوم بل وكل ساعة.

مأزق «حماس» متداخلٌ مع مأزق إسرائيل، «حماس» تقاتل بلحمها الحي وبإمكانات تتناقص بما لا يقاس مع إمكانات الخصم العسكرية والتسليحية والتدميرية، وكل ما تقدمه من مبادرات للخروج من المأزق، يتعارض مع أجندة نتنياهو القائمة على مواصلة الحرب، حتى يتحقق النصر الذي ينشده، وعلامته هي استسلام «حماس»، ومغادرة قادتها الميدانيين قطاع غزة إلى منافٍ بعيدة، ذلك بعد حصوله على مشهد إذلال ومهانة لا لُبس فيه بتسليم السلاح.

وتدرك «حماس» صعوبة الحالة التي وصلت إليها، وتدرك كذلك كم تأثرت بتخلي الحلفاء عنها من «حزب الله» القريب، إلى إيران البعيدة، وتدرك كذلك أن المشاغلة الحوثية لا تصل في تأثيرها ما يعيق الأجندة العسكرية للجيش الإسرائيلي، فضلاً عن أن الحوثيين واقعون تحت وطأة حربٍ مباشرة، تشنها الولايات المتحدة ومن معها من حلف «الناتو»، وتسجل خسائر فادحة في الأرواح والمنشآت.

تطورت أمور الحرب في غزة، لتصل إلى حد كونها مأزقاً لا يظهر منه أفق عملي لإنهائها، وهي مأزق للفلسطينيين جميعاً ولقضيتهم ولكل ما بين أيديهم، وليس لـ«حماس» بمفردها، ذلك أن ما أفرزته من عصفٍ على الضفة، وإغراءٍ لإسرائيل على تطوير مشاريعها الاستيطانية والإلحاقية فيها، تجاوز حدود جغرافية غزة واليوم التالي بشأنها، ليطرح السؤال الأهم حول الضفة ومصيرها.

نار غزة المشتعلة من دون هوادة، والفشل في الوصول إلى تهدئة عبر هدنٍ محدودة وتبادل الأسرى، واستشراس نتنياهو عليها بتوسيع احتلاله لها، أخذ الاهتمام بعيداً عن الضفة وما يجري فيها، بما في ذلك إجراءات إسرائيل ضد السلطة ورئيسها الذي أعيق سفره إلى سوريا إلى أن تم تجاوز الإعاقة التي انطوت على رسالة إلى رئيس الحكومة الفلسطينية الذي مُنع من زيارة بعض المناطق في الضفة، المفترض أنها واقعة تحت سيطرته وفق الاتفاقيات، مع إجراءات لا يُعلن عنها وكلها تصب في مصلحة الأجندة اليمينية الإسرائيلية الهادفة إلى مزيدٍ من السيطرة على الضفة وعلى حياة الناس فيها.

إنه المأزق المتداخل بين إسرائيل و«حماس»، وبين غزة الواقعة تحت النار، والضفة الواقعة في حربٍ تكاد تكون منسية، وبين العالم الذي لا يستطيع فعل شيء بينما المأساة الإنسانية تتواصل وتتعمق وتتسع، والإغلاق السياسي يزداد إحكاماً ولا أحد يعرف الآتي بعدُ.

arabstoday

GMT 04:30 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

كفى بُكاءً من الزيارة

GMT 04:29 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

لماذا سعت السعودية لرفع العقوبات؟

GMT 04:28 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

قد «أنطوان لحد» كمان وكمان!

GMT 01:44 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

بين دوايت ودونالد

GMT 01:43 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

الدين وأخلاق العمل والخير العام

GMT 01:41 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

القوة الخشنة تشيّع القوة الناعمة

GMT 01:40 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

ليو وأتيلا العصر الحديث

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب غزة مأزق «حماس» وإسرائيل معاً حرب غزة مأزق «حماس» وإسرائيل معاً



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:29 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

لماذا سعت السعودية لرفع العقوبات؟

GMT 06:22 2025 الخميس ,15 أيار / مايو

أخذ العلم بالتوازن الجديد في المنطقة

GMT 00:51 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

إجراءات أمنية جديدة في مطار بيروت

GMT 06:09 2025 الخميس ,15 أيار / مايو

السعودية وأميركا... فرص العصر الذهبي

GMT 12:04 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

زلزال بقوة 6.4 درجة على مقياس ريختر يضرب تونجا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab