مفهوم «الزمن» ومحاولات الإنكار

مفهوم «الزمن» ومحاولات الإنكار

مفهوم «الزمن» ومحاولات الإنكار

 العرب اليوم -

مفهوم «الزمن» ومحاولات الإنكار

بقلم : فهد سليمان الشقيران

 حاول بعض الفلاسفة إنكار مفهوم الزمن، وما كانت المحاولات قويّة بحججها. لا يمكن نفي حالة «التزمّن» التي يعيشها الإنسان بحيويّة وجوده.
 وآية ذلك أن حالة «التزمّن» تكمن في الإيقاع الذي يثبته علماء الفلك، والذي انسحب بدوره على الإيقاع الموسيقي، وعلى علوم الطبابة والفلك وسواها. 
 بل وتجاوزها إلى الاقتصاد والمضاربة. فالإيقاع لا يمكن تصوّره من دون حالة التزمّن التي هي أساس الحركة المهيمنة على الكون، ولا يمكن تصوّر حركةٍ من دون زمن، ولا إيقاعٍ أو نبضٍ من دون الزمن. على سبيل المثال فإن أينشتاين لم ينكر الزمن، وإنما في نظريته «النسبية» أعاد تعريفه ضمن نظريّة علمية دقيقة.
وأظنّ أن المفكر الفرنسي ميشيل دي مونتاني كان مصيباً في نظرته لتبويب فنّ المحادثة، بوصفها حالة خروجٍ عن الصمت، بيد أنه ذهب أبعد من ذلك حين نظّر للمحادثة بوصفها من «الفنّ». وفي كتابه: «مقالات» وفي فصلٍ بعنوان: «في مدح المحادثة» كتب مونتاني الآتي: «المحادثة في نظري هي أكثر التمارين المثمرة، وأقربها إلى طبيعة عقولنا. أجد هذا النشاط أحلى من أي نشاطٍ آخر في حياتنا، ولهذا فلو كنتُ مرغماً على الاختيار لفضّلت أن أفقد بصري وأن أحتفظ بحاسة السمع، وبقدرتي على الكلام، لقد احتلّ هذا النشاط مكان الصدارة في الأكاديميات الأثينية والرومانية، وفي عصرنا احتفظ الرومانيون ببعض آثاره، وكان ذلك في صالحهم».

ثم يختم فصله بقوله: «لئن كان فكرنا يقوى بمخالطة العقول الشديدة القويمة، فهو على العكس يضعف ويفسد بالمخالطة المستمرة للعقول الواهنة المريضة، وما من عدوى تنتشر أكثر من هذه، ولديّ من التجربة ما يجعلني على بيّنةٍ من هذا الخطر، أحب المناقشة والجدل، لكن مع قلةٍ من الناس».
ثم يتحدّث عن الجدل الممل ويقول: «المحادثة تجعلنا نتعلّم ونتمرّن. فإذا تحاورت مع فكرٍ قيّم ومجادل خطير ضغط عليّ من كل جانب، وتحفّزت أفكاري، أما إن تجري المحادثة على فكرٍ واحد فهذا ممل إلى أقصى حد».
وأعلّق على قول مونتاني الفرنسي الذي كتبه في القرن السادس عشر، وأربطه بأن المحادثة أو الجدال داخلةٌ في مفهوم الزمن، لأن ثمة نطقاً وحركة وصمتاً. وهي بذلك تدخل ضمن إيقاعٍ أعمّ، هذا من جهة الوجود الإنساني، إذ لا يمكن تخيّل الصمت من دون زمن. ومن ناحية التأثير الفكري الذي تتضمّنه المحادثة، فإنها تستلزم «الحيثية» ولا يمكن أن تتم المحادثة أو المجادلة من دون حيثيةٍ زمانية.الخلاصة، أن المحادثة لا يمكن وضعها إلا ضمن إيقاعها الزمني. الموسيقى لا يمكن أن تكتمل نوتاتها من دون فراغاتٍ مدروسة. كذلك الأمر في قياسات الطبابة. إن إنكار مفهوم الزمن الذي حاول بعض الفلاسفة وضعه مستحيل الإثبات، وما من محاججةٍ يمكنها أن تجعل من هذه الأطروحة حيّز البحث. فالصمت والحديث وهما من أبسط الأمثلة، لا يمكن أن يكونا إلا ضمن حالةٍ من «التزمّن». إن أي تجربةٍ فلسفية تحمل أهميتها، غير أن محاولة إنكار الزمن لا تزال في أضعف حالاتها.

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفهوم «الزمن» ومحاولات الإنكار مفهوم «الزمن» ومحاولات الإنكار



البدلة النسائية أناقة انتقالية بتوقيع النجمات

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:05 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

شيرين عبد الوهاب أمام القضاء بتهمة السبّ والقذف

GMT 03:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 06 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab