معركة الدولة مع الحالات الانفصالية

معركة الدولة مع الحالات الانفصالية

معركة الدولة مع الحالات الانفصالية

 العرب اليوم -

معركة الدولة مع الحالات الانفصالية

بقلم : فهد سليمان الشقيران

لم يعُدِ النقاشُ حول السَّلاح خارجَ الدولة خاصاً بلبنانَ وحدَه، بل فتح فرصةً استثنائية للمتخصصين بغية درس مفهوم الدولة برمّته، ومن ثم العودة لإحصاء النواقص التي تحتاجها الدول الهزيلة من أجل تمتين هيكلها.

ليس لبنانُ وحده من يصطلي بلظى السلاح الانفصالي خارج الدولة، بل ثمةَ دول عديدة بالعراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها. ولذلك فإنَّ مراقبة الخطوات التي تجري بلبنان من أجل الوصول لغاية بسط الدولة وحدها للسلطة والهيمنة مفيدٌ لمن يريد بالفعل الخروج من نفق الميليشيا إلى أفق الدولة.

وما كان الأمر صعباً على الدول التي قررت أن تلجم الأحزاب الانفصالية من أجل ترسيخ وحدة الدولة، ولنا في النماذج الانفصالية في أوروبا أكبر مثال.

مشكلة «حزب الله» أنه يفتقد شرطين أساسيين يمكنانه من استيعاب الحالة الجديدة؛ الأول: الإيمان بمشروعية الدولة وفهمها باعتبارها دولة مدنيّة بحتة، ليكون استيعابه لها - إن استطاع - خارج التصوّرات التقليدية الموروثة، أو الخيالات والرؤى والأحلام، وأن يعترف بوجود دولة دنيوية وظيفتها إدارة حياة الناس الدنيا، لا تجهيزهم لتفخيخهم والذهاب بهم نحو المهالك. الثاني: النقاش بالمنطق العقلي. من دون حوارٍ مصقول بمطرقة العقل ومنحوتٌ بإزميل السؤال، فإن النقاشات ستكون مدججة بالخطب والهتافات والأناشيد، والاستدلالات لن تعضد بالحجج العقلية. من هنا فإن التحدي سيكون مزدوجاً على المفاوضين الغربيين، وعلى المسؤولين اللبنانيين الحالمين بوثبةٍ تنقذ البلد من فوضى، لتخرج به من شبه دولة، إلى دولة صلبة ذات سيادة مطلقة.

لم يعد سراً أن سلاح «حزب الله» عقيدته القتالية تقوم على الاستعداد لمقاتلة المارقين عن قراره بالداخل، بالإضافة لمهاجمة إسرائيل في الخارج.

وحين يقيم حزبٌ ما مشروعيته الداخلية على «القوة» فقط فإنه يتحسس من نزعها، لأن مشروعيته السياسية ونجاحاته الإدارية والتنموية مفقودة، وعليه فإن دفاعه عن سلاحه هو دفاع عن مصدر قوته الوحيدة. لذلك فإن «من يستخدم القوّة من دون حق يضع نفسه في حالةِ حربٍ مع أولئك الذين يستخدم القوة ضدهم»، هكذا قال جون لوك في القرن السابع عشر.

النظريات السياسية الكلاسيكية في القرنين السابع والثامن عشر غلّبت من هيمنة الدولة على ترفِ ما سواها، لذلك فإن نظرية مونتسكيو التي طرحها في كتاب «روح القوانين» وغيره تقوم على محورٍ أساسه أن أنماط الحكم تختلف بالزمان والمكان، فلكل بلدٍ ظروفه وتكوينه وتركيبته وتنوّعه، ولكن النظام السياسي هو الذي يحقق الحريّة للمواطنين. وعليه فإن شرط تحقيق حالة الحريّة والحيوية والمدنية أن تكون الدولة وحدها هي الباسطة للسيادة، وهي النافذة العليا في إدارة وتقرير شؤون البلاد وتقييم مصالح العباد.

من نظرياته المهمة حول «الطبيعة والقانون» ما اختصره مونتسكيو بقوله: «إن قوانين البشر مؤسسةٌ بالطبيعة، على هذا المبدأ يتعيّن على جميع الأمم ممارسة الخير الأكبر في حالة السلم، وأقل ما يمكن من الشر في حالة الحرب. مع الحرص على ألَّا يقود ذلك إلى الإضرار بمصالحهم الأساسية. إن غاية الحرب هي الانتصار، وغاية الانتصار في الاستيلاء والسيطرة، وغاية السيطرة هي التوسع وكسب الغنائم، وعلى هذا المبدأ والمبدأ السابق توضع قوانين الناس. ومن المؤكد أن جميع الأمم لها قوانين، حتى قبائل الإيروكوا التي تأكل سجناءها لها قوانين... لكنها قوانين ليست مؤسسة على مبادئ». ثم يبوّب كل ذلك باستدراكه التالي: «على النقيض من قوانين الناس هاته التي توجد لدى كل المجتمعات، هناك قانون سياسي لكل مجتمع، ويقضي بأنه لا يمكن لأي مجتمع كيفما كان أن يحافظ على بقائه واستمراره دون حكومة».

الخلاصة؛ أن استعادة تلك النظريات السياسية الكلاسيكية القصد منه رصد التشابه بين تجارب البشر وربما حماقاتهم. الغرض الأساسي من كل النقاش حول السلاح أن نَفهم ونُفهم البعض معنى أن تتأسس دولة مدنية حيوية دنيوية، هدفها الحفاظ على مصالح الناس وبناء المؤسسات وبسط سيادة الدولة... الكارثة أن المتمسّكين بالسلاح يصعب عليهم استيعاب مثل هذه البديهيات.

arabstoday

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 11:50 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النار في ثياب ترامب

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 11:07 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

التاريخ والجغرافيا والمحتوى

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 10:56 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حلم المساواة

GMT 10:24 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عرفان وتقدير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة الدولة مع الحالات الانفصالية معركة الدولة مع الحالات الانفصالية



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 16:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء
 العرب اليوم - جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
 العرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 العرب اليوم - ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير هاري يبعث رسالة خاصة لأبناء بلده من كاليفورنيا

GMT 04:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير إسرائيلي يدعو لمناقشة تعاظم قوة الجيش المصري

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 05:00 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تعلن تسلمها رفات رهينة ونقله إلى معهد الطب الشرعي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab