حين سلّم جنبلاط السلاح

حين سلّم جنبلاط السلاح

حين سلّم جنبلاط السلاح

 العرب اليوم -

حين سلّم جنبلاط السلاح

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تعبّر التحوّلات السريعة في الإقليم عن معانٍ مكثّفة؛ انبعاث للغرائز الطائفية والعشائرية، وصعود لقوى أصوليّة، ومحاولاتٍ حثيثة لتغييرات ديموغرافية. تحدياتٌ ليست سهلة، وبخاصةٍ لدى الدول المتخوّفة من أن تمسها اللدغات من طوفان التحولات.

ولكل حدثٍ ارتداداته الاجتماعية، ومستوياته السياسية، لكن الأهم من كل ذلك «الذاكرة السياسية»، هذا المفهوم الذي تحدّث عنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق في لبنان وليد جنبلاط. حيث قال في آخر ظهورٍ له عن «خطورة توريث الذاكرة السياسية». وهذه المقولة تذكّر بمقولةِ أبيه كمال جنبلاط حين خطب مرةً قائلاً: «لتتحطم جدران الطوائف ليبقى لبنان الحقيقي نبضةً حيّة للأمة العربية كلها».

ثم أعلن وليد جنبلاط عن تسليم سلاحه للدولة، والذي كان محدوداً -كما يقول- لأهداف الدفاع، وبخاصةٍ بعد أحداث 7 مايو (أيار) 2008، حيث الأحداث المشهورة بين «الحزب التقدمي» و«حزب الله».

وهذا يعني بالتأكيد ضرورة تسليم جميع الأحزاب لسلاحها، وانتهاج مفهوم الدولة أسوةً بهذه الخطوة التي تؤكد على تبويبٍ مؤسس للبنانٍ آخر غير الذي عهدناه، وهذا ما أسس له خطاب القسم لرئيس الجمهورية جوزيف عون.

عبر التاريخ فإن التحوّلات الكبرى يصنعها قرار شجاع، ثمة قرارات قد تنكأ الجراح، أو تؤدي إلى تصدّع، ولكنها في آخر المطاف ستصبّ في صالح الجميع.

وما كان لبنان محتاجاً إلى مزيدٍ من النصح، فأهل مكّة أدرى بشعابها. بل إن جلّ السياسيين والمحللين من لبنان يعلمون الخلل، ويرونه، ويجيدون النُّصح. ولكن العبرة في تأسيس ما يمكن لهذا البلد أن ينجو من آثار ما بعد «معركة الإسناد».

إن توريث الذاكرة السياسية الذي تحدث عنه جنبلاط ليس مجرد تصريحٍ عابر للصحافة، وإنما يعني وبيقين أن لبنان في حاجةٍ إلى مخرجٍ من أزماتٍ متكوّمة ومتراكمة منذ نصف قرن. لكل بلدٍ مآسيه، ولكن الكارثة في تكرار المأساة، كأن يكرر كل إنسانٍ حمل صخرة إلى جبل كما في أسطورة سيزيف. أما ديوجين فيقول: «قف بعيداً عن الشمس».

عودة خطاب الدولة إزاء قوّة الأسلحة خارجها يشكّل ضرورة أساسية لتجاوز مرحلة تاريخية في الإقليم. حروب طاحنة شارفت على السنتين سبّبت مآسي إنسانية من دون طائل. سبب كل ذلك تجاوز مفهوم الدولة، والانطلاق من أفكار الميليشيات، والتعابير السيادية الحالية حيويّة، وتخلق مناخات إيجابية تتسق مع أمنيات دول الاعتدال التي تريد لكل الدول المنكوبة أن تنهض من كل الكبوات.

مهمة الميليشيات الاستسلام. والدولة تتولى الشؤون داخلها وخارجها، هكذا تبنى الأمم. لم تعد الدول تتغنى بما أنجزته، فهذا تحصيل حاصل، النقاش الإقليمي بين دول التنمية الصاعدة حول ما يمكن أن ننجزه في المستقبل، وهذه هي الحيويّة المطروحة التي يمكن للكل الالتحاق بركبها. ليس مستحيلاً على أي دولة أن تلحق بمسار التنمية، والاستفادة منه، فهذه البرامج مطروحة، وليست صعبة على كل الدول المجاورة، ولكن العبرة في الإرادة، ومن ثم الإدارة.

الخلاصة؛ إن مفهوم سيادة الدولة هو الأساس، ومهمة الدولة كما يقول ماكس فيبر احتكار السلاح. من المرعب أن يعلن أي حزبٍ عن حربٍ وهو ممثلٌ بالدولة من دون إذنها. نحن في زمن متغيّر، العبارات والشعارات القديمة زالت، لم يتبقّ إلا بعض الأصوات. لا بد من تمتين مفهوم الدولة بمعناه السيادي، وتجاوز أفكارٍ آيديولوجية وشمولية هي أساس خراب الإنسان العربي منذ سبعين عاماً.

وللتاريخ عِبَره، ثمة دول خطابية سادت ثم بادت، ولم يبق إلا الدول المؤسّسة بأصلٍ حقيقي، وبرؤى تنمويّة أصيلة نرى نتائجها يومياً على الأرض، لكن من يستفيد منها ومن يعتبر؟!

 

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين سلّم جنبلاط السلاح حين سلّم جنبلاط السلاح



ثنائيات المشاهير يتألقون ودانييلا رحمة وناصيف زيتون يخطفان الأنظار في أول ظهور عقب الزواج

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 04:34 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

فى مواجهة «حسم»!

GMT 18:42 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

نانسي عجرم تدمج اللمسة المغربية في أحدث أعمالها

GMT 14:14 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

عقلاء وحكماء في بطانة صانع القرار

GMT 15:54 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

صحة غزة تعلن توقف الخدمة في 6 مرافق طبية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab