تثمين العقلانية السعودية

تثمين العقلانية السعودية

تثمين العقلانية السعودية

 العرب اليوم -

تثمين العقلانية السعودية

بقلم : يوسف الديني

بخطى راسخة في رمال متحركة تستلهم السعودية تقاليدها العريقة الضاربة جذورها في عمق الصحراء وخطاها في مقاربة أزمات المنطقة وفق ثلاثية كانت أهم ركائز نهجها للسياسة الخارجية: السيادة ومبدأ عدم التدخل والسعي لحل النزاعات وتخفيف تصعيدها، ومع «رؤية 2030» تعززت هذه الركائز ضمن استراتيجية أعمق، وهي مشروع نموذجي بديل للمنطقة قابل للاستنساخ والاستلهام والشراكة وليس التصدير أو الفرض؛ لأنه مَبنيّ على مصلحة المواطن أولاً وازدهار الوطن والمنطقة وليس على الآيديولوجيا التوسعية أو الشعارات الشمولية التي جربها الشرق الأوسط منذ رحيل الاستعمار الذي لم تعرفه السعودية، وكان ذلك نقطة إضافية لطريقة تناولها الأزمات، وقدرتها على تجاوزها رغم كل التحديات.

لو كان لنا أن نَصِفَ حراك الرياض منذ حدث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي غيّر شكل العالم، وبدا للشرق الأوسط بنفس تأثير الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، فيمكن الحديث اليوم عن نجاحات كبرى على مستوى «درس العقلانية السعودية» الذي يعكس رؤية صلبة سياسية، وما يمكن تسميته «بيت الحكمة السياسية» الذي دشنه السعوديون بمقاربتهم، أولاً لملف اليمن وتقديم مصلحة اليمنيين وحكومتهم الشرعية، ثم إعادة هندسة العلاقة مع إيران وصولاً إلى التسامي على كل المواقف والتصنيفات والأطر في القضية الفلسطينية ولبنان، والتموضع على مصلحة الإنسان الفلسطيني واللبناني خارج أقواس الأحزاب والفصائل والميليشيات، والتركيز منذ اليوم الأول على ضرورة وقف نزف الدم والوحشية الصلفة من قبل إسرائيل التي كان الصوت السعودي يطالب المجتمع الدولي والدول الكبرى بالعودة إلى منطق الدولة والقانون والنظام الدولي لكبح جماح جنون اليمين الإسرائيلي الذي جسّده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بما يخدم بقاء فتيل الأزمة أكبر قدر ممكن.

من تمتين العلاقات مع العراق، إلى عودة السفراء لدى لبنان، إلى ترسيخ الهدنة في اليمن، وعودة العلاقات مع سوريا وصولاً إلى العلاقة المتوازنة مع إيران، هناك قصّة سعودية طويلة تقبع في الخلف لا يمكن التقاطها من صخب وسيولة حملات التضليل على وسائل التواصل الاجتماعي أو بعض الإعلام المتحيّز لأسباب كثيرة، ربما كان أقلها أن تناول «السعودية» يعني بالضرورة محتوى سيّاراً شائعاً يلقى الاهتمام بالبلد الذي بات ملء السمع والبصر اليوم بمشاريعه ونهضته وتحولاته التي لا ينكرها أحد.

اللافت اليوم هو أن العقلانية السعودية باتت محل إشادة وتقدير وتثمين للأهمية والدور السعودي، خصوصاً من قبل عدد من مراكز الأبحاث والتحليلات التي تحاول قراءة المشهد في المنطقة وفهم المقاربة السعودية، ومنها تقرير أعدته مؤسسة القرن «سينشري» وهي مؤسسة بحثية مستقلة تعد من أقدم معاهد أبحاث السياسات العامة التي نشرت ورقة مهمة عن الدور السعودي في خفض التصعيد، الذي بحسب تعبير الورقة أثبت أنه مدهش وفعّال في الحد من تداعيات ما حدث في السابع من أكتوبر وما بعد ذلك على دول المنطقة، وكما يصفه الباحث حول «المركب الهش بين الرياض وطهران إلى قناة حيوية»، ورغم أن لا ضمانة بالمطلق على بقاء المنطقة خصوصاً مع تضخم حجم العنف واستهداف المدنيين والمجازر المرتكبة بحقهم لضبط ردود الأفعال، فإن ما حدث كان لافتاً على مستوى فهم استراتيجيات المقاربة السعودية للأزمات الكبرى.

الاستراتيجية لم تكن سراً قدر أن قراءتها التحليلية البحثية منفصلة عن مستوى آخر من التداول الإعلامي السريع والمرتهن لسلطة «الخوارزميات» التي دشنتها حقبة طغيان محتوى التواصل الاجتماعي.الازدهار والنمو اللذين تطمح إليهما السعودية في المنطقة، لا يمكن أن يبدآ إلا مع الاستقرار، ورغم الصعوبات حافظت الدبلوماسية السعودية على تعزيز قنوات الاتصال بشكل كبير ومن دون التفاتة إلى منسوب الطائفية أو تشغبات وسائل إعلام الظل، وتُوج ذلك بحضور الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي إلى قمة منظمة التعاون، ثم لتتوج العقلانية السعودية مجدداً في تحوُّلها إلى ضابط إيقاع يحاول إعادة أطراف النزاع إلى أسس المواثيق الدولية، والسيادة، وعدم التصعيد، وضرورة التركيز على أساس المشكلة وهو استمرار الحرب.بجانب الحرب هناك حروب كلامية تحاول النَّيل من منجز هذه العقلانية السعودية، لكنها للأمانة لم تعد مؤثرة اليوم، ولا يكترث لها الشارع السعودي الذي اكتسب مناعة تجاهها، خصوصاً مع حالة الانكشاف بعد أزمات سابقة تبين فيها أن المقصود ليس النقد الموضوعي أو الاختلاف بقدر استهداف مشروعهم الأم أي الرؤية والمستقبل، ويبدو أنهما مؤشران أيضاً على القادم، فكل دولة يمكن أن تخرج من دوامة الفوضى فقط برؤية خلاقة وتركيز على المستقبل!

 

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تثمين العقلانية السعودية تثمين العقلانية السعودية



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:13 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رياض محرز يسجل أسرع هدف في كأس أمم أفريقيا 2025

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 08:52 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

فايزر تعلن وفاة مريض وُضع تحت اختبار دواءهيمبافزي

GMT 09:40 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

وفاة لاعب كرة قدم وسط مباراة رسمية بسبب تميمة سحرية

GMT 08:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مسيرة إسرائيلية تستهدف وسط بلدة حولا جنوبي لبنان

GMT 19:52 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أحمد عبد الوهاب الابن الأصغر لموسيقار الأجيال

GMT 09:37 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

شهيدان بغارة إسرائيلية على حافلة في الهرمل شرقي لبنان

GMT 19:39 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قادة الأسد السابقون يحاولون استعادة نفوذهم في الساحل السوري

GMT 13:39 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

خبيرة أممية تحذر من ظروف احتجاز زوجة عمران خان

GMT 13:39 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بنيامين نتنياهو يتوعد «حماس» بعد إصابة ضابط بانفجار في رفح

GMT 08:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 3 عناصر مسلحة في اشتباكات مع الأمن السوري

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 3 أشخاص خلال اشتباكات مع الأمن السوري في ريف اللاذقية

GMT 23:45 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

خطة إسرائيل الضخمة للتسلح بقيمة 110 مليارات دولار

GMT 10:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

احتفلوا بقيصر وتنازلوا عن الجولان!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab