«رؤية 2030» أنموذج فريد

«رؤية 2030»... أنموذج فريد

«رؤية 2030»... أنموذج فريد

 العرب اليوم -

«رؤية 2030» أنموذج فريد

بقلم : يوسف الديني

ثمة إجماع على استلهام التجربة السعودية ممثلة في «رؤية 2030» التي تحولت إلى أنموذج في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما عند جيل الشباب المتطلع إلى مستقبل أفضل.

وإذا كان هذا مصدر فخر للسعوديين وهم يرون تجربتهم الفتية التي لم تتجاوز العقد وهي تستحيل اليوم إلى مشروع كبير كانت لبناته الأولى بدعم من لدن خادم الحرمين الشريفين، وعمل دؤوب ومضنٍ من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي كان منذ اللحظة الأولى مؤمناً بأن هذه الرؤية العظيمة ستكون نموذجاً محفزاً ليس للسعودية فحسب، بل لدول المنطقة؛ فإن الأجيال السعودية التي شهدت ولادة الرؤية وولدت معها ومع تحولاتها يدركون تماماً حجم التضحيات الكبيرة وثمن الشجاعة في إطلاقها منذ اللحظة الأولى، والتي لا يمكن اختزالها في مشاريع أو منجزات، بل عاشوا ولادة مضامينها الفكرية والفلسفية وتأثيرها الثقافي والاجتماعي، بدءاً من القطيعة مع التطرف والفساد والمحسوبية وإعلاء قيمة المواطنة والاستثمار في الإنسان السعودي، ومروراً ببناء الهوية والشخصية السعودية وإعادة كتابة سردية وتجذير تاريخ التجربة، وصولاً إلى الأهم وهو تعزيز قيم التنافسية والخلاص من الثقافة الريعية، والحوكمة والتحول المؤسسي والرقمي. هذه المسارات الأساسية هي الثابت للرؤية والباقي تفاصيل تخضع لمعايير تقييم المشاريع وسياقها الخاص المتصل بالجوانب المالية والفنية والاقتصادات الحاكمة للسوق في العالم.

أحد الأخطاء الكبيرة التي لم يدركها المراقبون الدوليون للرؤية والتي قد تغيب عن المستلهمين لها، هو عدم قراءتها في سياقها الطويل ومشوارها الملحمي عبر فصل جذورها الفكرية والثقافية والهوياتية عن مصادر لمعانها التكنولوجي وإبهارها التقني؛ ذلك أن التحولات كانت في البدء مستوى بناء المؤسسات وتقويتها وإعلاء المواطنة والاستثمار في الإنسان السعودي قبل كل شيء.

اليوم العودة إلى متن الرؤية ضرورة لكل الذين يرون فيها خلاصاً لبلادهم، وهي متاحة ومبذولة، ويد المملكة ممدودة كما كانت للأشقاء في سوريا الجديدة الذين سيجدون في تجلياتها الفكرية نقطة مركزية لطالما تموضعت عليها، وكان ولي العهد صريحاً منذ إطلاقها بتسمية الأشياء بأسمائها، وعلى رأس ذلك مسألة تأسيس الاعتدال الديني والقطيعة الكاملة مع خطاب التطرف والتمييز. تلك التصريحات من الأمير محمد كانت أحد ممكنات «رؤية 2030» التي يتحدث الجميع عنها اليوم بعد أن لمسوا أثرها وتغييرها الكبير في غضون سنوات، وكانت كلماته حول هذه الملفات والتحديات بلغة حاسمة ومباشرة ومسؤولة.

أهم ما في الرؤية، رغم كل التحديات التي تسعى جاهدةً لتخطّيها وفق المراقبة الدائمة والتصحيح المتكرر وتقويتها بالمراجعات مع التركيز على نسغها الأساسي للإطار الفكري الصلب، أنها تجاوزت الفصل الذي كان سائداً في الكثير من تجارب البلدان العربية منذ لحظة النهضة، حين كانت تفصل بين التنمية الاقتصادية ودوافعها الفكرية وقاعدتها السياسية والثقافية؛ فالرؤية الجديدة أطلقت عدداً من المشاريع التنموية التي لم تنبت كطروحات مالية أو تحليلات اقتصادية مفرغة من سياقاتها الفكرية، بل تمت إضافة المعنى إليها في سابقة سعودية، حيث كانت الخطط التنموية تعتمد على التمحور حول الاقتصاد وتسريع عجلته، مع البقاء في السياق التحديثي في إطاره المحافظ وحدّه الأدنى الذي لم يعد صالحاً للتكرار في ظل المعطيات الجديدة، ومحاربة الإرهاب بشكل استباقي بالقطيعة مع التطرف وكل مهددات المواطنة.

بعد إطلاق الرؤية بسنوات عاد ولي العهد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 ليؤكد أهمية استدامة الصلابة الفكرية التي بُنيت عليها الرؤية؛ إذ قال: «قدمت وعوداً في عام 2017 بأننا سنقضي على التطرف فوراً، وبدأنا فعلياً حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر... وخلال سنة واحدة، استطعنا أن نقضي على مشروع آيديولوجي صُنع على مدى 40 سنة»، ثم مضى في صراحة وثبات: «اليوم لم يعد التطرف مقبولاً في السعودية، ولم يعد يظهر على السطح، بل أصبح منبوذاً ومتخفياً ومنزوياً... ومع ذلك سنستمر في مواجهة أي مظاهر وتصرفات وأفكار متطرفة».

اليوم تعود الرؤية مجدداً لتلهم المنطقة بمشروعها. ورغم كل الفروقات والسياقات واختلاف البيئات والتحديات، فإن فصل جذرها الفكري والرؤيوي عن تمثلاتها خطأ يأمل الجميع ألا يقع فيه أحد.

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«رؤية 2030» أنموذج فريد «رؤية 2030» أنموذج فريد



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab