الصين والخليج وجوقة الضجيج

الصين والخليج وجوقة الضجيج

الصين والخليج وجوقة الضجيج

 العرب اليوم -

الصين والخليج وجوقة الضجيج

بقلم - يوسف الديني

حضور الصين في منطقة الشرق الأوسط كان القصة الأبرز منذ سنوات، ومنذ صعود مفهوم «تصيين العالم»، والفزاعة التي حاولت خلقها القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ضمن استراتيجية الحرب الباردة، وكل مراكز الأبحاث وخزانات التفكير كانت تطرح في دورياتها وكتبها، وحتى أوراقها الخاصة، هذه المسألة بشكل دوري.

لكن ما يحدث اليوم هو الحديث عن العلاقة النوعية بين الصين والخليج، وارتباط ذلك بمسألة الطاقة والغاز، وأن الصين -اعتماداً على كونها أهم المشترين للطاقة- باتت لديها مصلحة كبيرة جداً في التوازن، والحفاظ على استقرار وأمن المنطقة؛ ليس على مستوى التنافس الجيوسياسي والجيوستراتيجي لمنطقة حيوية، وإنما تقديراً للحالة الخليجية الخاصة من الاستقرار والرفاه والعلاقات الثنائية المشتركة.

وهو ما يجعلها تنظر حتى إلى مسألة أهمية الممرات لأهم سلع عبر مضيق هرمز، كمسألة ملحة جعلتها تتصدى لملف المصالحة مع إيران، وبالتالي اللعب على توازن مختلف عن الهيمنة، أو إرادتها أو مشروعاتها الآيديولوجية، ولو تحت شعار الحريات والحقوق والديمقراطيات... إلخ، إلى مسائل عملية تحترم السيادة، وأهمها بناء الشراكات وتعزيز التوازن للديناميكات الأمنية والعبور الآمن للإمدادات النفطية.

الصين لم تدَّعِ أنها اللاعب الأساسي في ملف المصالحة والتوازن وإعادة منطق الدولة في الخليج؛ حيث يعترف خبراؤها ومحللوها بأن الرغبة في تخفيف حدة التوترات ظلت موجودة منذ مدة ليست بالقليلة، بمعنى أن مقاربتها الحذرة في خلق المناخات الآمنة لتلك التوازنات ساهم في تقليص مساحات التوتر، ودفعت مسألة الشراكة التي تشمل أيضاً تسهيل مسائل الاستيراد والعقود الطويلة مع الشركات الصينية، والوضوح الكبير في مسألة السيادة، واحترام خصوصيات وثقافات البلدان، إلى إعادة تسويق الصين؛ ليس من زاوية «الفزاعة» السابقة التي كان يتم طرحها في السياق الغربي وصحافة «البروباغندا»، وإعادة تصنيف لأحلاف الدول الواقعية، وصعود «السلطوية» الجديدة القوية اقتصادياً والمستقرة، والتي تسعى إلى تدعيم اقتصادياتها بمؤسسات صلبة، وتحولات هائلة على مستوى الرقمنة والخدمات، ودخول أسواق جديدة عبر صناديق سيادية ضخمة.

هناك تفاوت كبير على مستوى الخليج في المقاربة الصينية؛ خصوصاً مع صعود نجم «رؤية 2030» وتسريع أهدافها التي بدأت تتحول من النظرية الواعدة إلى الواقع المتحقق في كثير من الملفات، رغم التحديات الكبرى التي مرت بها، وهذا ما يعني أن تحول رؤية السعودية ومهندسها ولي العهد، وما يطرحه من مقاربات مختلفة عما شهدته المنطقة إلى أنموذج مستقبلي سيفيد جداً في تعميمها على المنطقة كنموذج ناجح حيوي، وقارب نجاة من الانحدار الاقتصادي والركود والانهيارات الأمنية التي تعيشها المنطقة من حولنا؛ حيث يعتمد على فضيلة الاستقرار، إضافة إلى الجاذبية الاقتصادية للأسواق العالمية والمستثمرين.

ومن هنا يبدو التحدي كبيراً جداً لكل مَن تسعى الصين إلى تحويلهم إلى هذا المستوى من الشراكة في الشرق الأوسط، وبالأخص إيران التي ستسعى بكين حتماً إلى النأي بها عن أن تكون عائقاً لإمدادات التجارة العالمية، أو المساس بمضيق باب المندب كشريك مهم لتسويق منتجاتها ومشروعها في مبادرة «الحزام والطريق».

الأكيد أن الصين لا تهدف إلى أن تحل مكان الولايات المتحدة، كما أن دول المنطقة تدرك جيداً أهمية العلاقة الاستراتيجية والتحالف طويل الأمد مع الولايات المتحدة، إلا أن الحضور الصيني من بوابة الشراكات وإدراك أهمية وقيمة الخليج سيعيد إنتاج تصورات جديدة عن «تموضع الخليج» والسعودية في المقدمة، كأهم لاعب في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما سيعود بالفائدة على الأمن والاقتصاد الإقليمي والعالمي.

اليوم بعيداً عن المبالغات في التقديرات الغربية لحضور الصين أو تأثيرها، وبعيداً عن الزج بملف الطاقة وتسييسه، في محاولات يائسة لاستخدامه ككارت ضغط سياسي، لا بد من قراءة اتجاهات الطاقة الجديدة من زاوية الاستثمار والأسواق والمصلحة الخاصة، وتأثيرها على تعظيم مسألة السيادة والحضور السياسي، أو ما يكن تسميته بشركاء ورواد الطاقة، فكما نعلم أن أحد أهم أهداف «رؤية 2030»، هو أن تصبح السعودية أكبر منتج للهيدروجين في العالم، وهو أحد أهم المنتجات المستقبلة في التحول العالمي للطاقة الذي تسعى المملكة إلى أن تكون في سباقه بمحل الصدارة والسبق.

باختصار، الشراكات والاقتصاد والسيادة هي اليوم حقائق تعيد عبرها السعودية ودول الخليج إعادة موضعة مكانتها في عالم الحقائق والأرقام وليس الضجيج، ومحاولة خلق فزاعة تجاه الصين باعتبار أن اندفاعها الدبلوماسي كما يوصف عادة في الأطروحات الغربية لا يجدي، فهي وإن لم تكن شريكاً محايداً كما تحاول بكين تسويق نفسها، فهي على الأقل شريك عادل يحاول تقديم مشروع واضح حول التنمية المستقبلية المرتكزة على المصالحة!

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصين والخليج وجوقة الضجيج الصين والخليج وجوقة الضجيج



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 16:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء
 العرب اليوم - جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
 العرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 العرب اليوم - ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 09:06 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يوقف حفله في دبي بسبب نيللي كريم وأحمد السقا

GMT 15:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 20:43 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تنفق ملايين الدولارات لتحسين صورتها في أميركا

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab