«السينما الألمانية» تفوق عددي وتراجع فني

«السينما الألمانية» تفوق عددي وتراجع فني

«السينما الألمانية» تفوق عددي وتراجع فني

 العرب اليوم -

«السينما الألمانية» تفوق عددي وتراجع فني

بقلم - طارق الشناوي

تلك الحرية فى النقد والمتابعة والتحليل التى ينعم بها الكُتاب والنقاد والصحفيون فى رصدهم للأحداث العالمية، وتحديدًا الفنية والثقافية، وعلى وجه الخصوص فى مهرجان «برلين»، أتمنى أن يمارسوها أيضًا فى عالمنا العربى مع كل الأنشطة الفنية والثقافية بدون أدنى حساسية، وأن يتقبل القائمون على هذه الأنشطة تلك الآراء بدون أدنى حساسية.

تنتشر فى دائرة المهرجان الرئيسية والشوارع المحيطة بهذا الحدث العالمى كاميرات تنقل بكل شفافية ردود فعل الجميع من أبناء البلد أو الضيوف عن الأحداث والفعاليات، وتستطيع أن تلمح، بنسبة كبيرة، ردود فعل سلبية أسفرت عنها تلك الدورة التى أوشكت على الرحيل، كما أن التغطية الإعلامية فى الإعلام الألمانى ليست أبدًا لصالح برلين 74، ولأنها الدورة الأخيرة لمدير المهرجان كارلو شاتريان.

لم تشفع له أبدًا فى حمايته من سهام النقد بسبب تضارب مواعيد العديد من الفعاليات وأيضًا اختيارات الأفلام، وحتى توصيف «المليح يبطئ»، أى أن الأفلام المهمة ستأتى مع نهاية المهرجان، من الصعب أن تنطبق عليه، لم يتبق سوى يومين على إعلان النتائج، وتقف على المسرح رئيسة لجنة التحكيم الممثلة كينية الأصل لوبيتا نيونجو الحاصلة على الأوسكار، لإعلان النتائج، بينما هذا المليح من الأفلام لم يأتِ بعد.

كل مهرجان يحمل هدفا ورسالة، وغالبا هناك موقف سياسى، مثلما فرضت الحرب الروسية- الأوكرانية أحداثها على الجميع، وصارت المشاركة مكفولة فقط للأفلام التى تنتقد الجانب الروسى، كما أن النداء الإنسانى لإيقاف نزيف الأبرياء فى غزة وجد له مساحة فى الافتتاح، وصار متكررا فى الفعاليات، وأعتقد أن حفل الختام، مساء السبت القادم، لن يخلو أبدا من التعبير الصارخ عن تلك المواقف.

السينما فى البلد المضيف عادة تسيطر على الملامح العامة، وفى المهرجانات الثلاث الكبرى «كان» و«فينسيا» و«برلين»، تصبح فرصة لكى يرى العالم ما قدمته السينما عبر تاريخها مع إطلالة لإنجاز السينما الحالى ليعلن للعالم حضورها.

وفى هذا المهرجان قطاع زاخر من الأفلام إما إنتاج ألمانى أو هناك مشاركة ألمانية فى الإنتاج، وهو ما تجده أيضا فى مهرجان «كان»، من كثرة عدد الأفلام التى تشارك فرنسا فى إنتاجها، بينما مثلا فى المهرجانات المصرية يتضاءل الحضور للسينما التى تمثلنا، بل إن العثور على فيلم جدير بأن يحمل اسم مصر ويمثلها بدلا من التمثيل بها، يصبح هو المشكلة الرئيسية التى تواجه الهيئة المنظمة لأى مهرجان.

ورغم ذلك فلقد أقام مركز السينما العربية، الذى يقوده الباحث السينمائى علاء كركوتى، ندوة على هامش «برلين»، تناولت زيادة حجم الإيرادات التى تحققها دور العرض العربية، وتكتشف مثلا أن الإيرادات التى ينالها الفيلم المصرى فى الخليج العربى والمملكة العربية السعودية تحديدا باتت مؤثرة جدا، ولعبت دورا محوريا فى زيادة عدد الأفلام المنتجة فى مصر، العام الماضى تجاوزت الأربعين، وأتوقع هذا العام أن تربو على الستين، وهنا لا أتحدث مباشرة عن المستوى لكن ظنى ومنطق الأمور يؤكد أنه، مع الزمن، سوف يؤثر ذلك بالإيجاب على المحتوى، ولديكم مثلا فيلم «رحلة 404» يعتلى قمة الإيرادات للأسبوع الثالث على التوالى فى دور العرض السعودية، رغم أنه لا يحظى بالمركز الأول فى إيرادات الشباك بمصر، وهذا يعنى إشارة واضحة للإنتاج بأن تلك السينما الجادة مطلوبة، الكوميديا لاتزال تشكل الأغلبية، وهى قضية شرحها يطول تحتاج لإطلالة أخرى بعيدا عن تلك المساحة، دعونا الآن نعود إلى «برلين».

الفيلم الألمانى فى المهرجان يحقق أعلى إقبال، ورغم ذلك فالجمهور الألمانى لا يكفيه جنسية الفيلم ولا اللغة التى ينطق بها الحوار، وكثيرا ما أنتقد الأفلام الناطقة بالألمانية.

وأتناول هذه المرة الفيلم المغلف بقصة حب ويتوقف أمام مرحلة حكم النازى فى ألمانيا فى فيلم «من هيلدا مع حبى» إخراج اندريس دريسن، الحب الذى يدفعها فى النهاية للحكم عليها بالموت فى معسكرات النازى، لأنها انضمت فى المقاومة ضد الحكم ومتهمة بالتجسس لحساب روسيا.

المفارقة أنها ليست شخصية ثورية صاحبت موقفا، لكن حبها لمناضل ضد الفكر النازى يعمل لحساب عدو النازية فى تلك السنوات وهى روسيا (الاتحاد السوفيتى) سابقا، قصة حب تسفر عن طفل وهى تقبلت العقاب بكل سعادة.

الطفل تلده قبل تنفيذ حكم الإعدام بأشهر قليلة، وعندما يتم انتزاعه منها طبقا للأحكام المعمول بها تكتب له رسالة (ومنها جاء عنوان الفيلم) تحتفظ بها وتذهب إلى أمها التى تتولى رعاية هذا الطفل، ومع المشهد الأخير نكتشف أن الطفل هو الذى يروى القصة لنا، وهذا يعنى ضمنا أن الخيال وارد جدا فى كل الأحداث، فهو لا يحكى بالضبط ما حدث كشاهد عيان، ولكن خيال الطفل أضاف الكثير وهو عامل مؤثر فى الأحداث وكيف نقرؤها كجمهور.

الفيلم لا يتعمق فى الدوافع السياسية، سواء للشاب الذى يعادى النازية ولا الفتاة التى أحبته، لكنه يروى قصة بلا مكسبات طعم ولون ورائحة، فقط قصة تتحول إلى رسالة من أم وهى فى طريقها لتنفيذ حكم الإعدام.

تتعامل معها بعيدا حتى عن ظروفها التاريخية، وهى على هذا النحو أعجب وأغرب قصة حب!!.

arabstoday

GMT 00:50 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

السياب في المخزن

GMT 00:49 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

رفح آخر أوراق «حماس»

GMT 00:47 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

... عن «الاستعمار» بوصفه «خطيئة أصليّة»

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

المعضلة الجيوسياسية: الحدود والنفوذ والسيادة

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

«إحنا» وحّدناها بالفن يا بدر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«السينما الألمانية» تفوق عددي وتراجع فني «السينما الألمانية» تفوق عددي وتراجع فني



الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - نتنياهو يجدد رفض مقترح الهدنة ويتمسك بعملية رفح

GMT 05:27 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

لسان حال الخمسة

GMT 05:19 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

الجيش الإسرائيلي يؤكد سيطرته على معبر رفح

GMT 09:48 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

الحوثي... و«هارفارد» و«حماس»

GMT 04:34 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

5 شهداء على الأقل بقصف إسرائيلي لمنزل في رفح

GMT 02:46 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

العالم الهولندي يحذر من زلزال مدمر خلال ساعات

GMT 05:56 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

20 شهيدا في غارات إسرائيلية على رفح الفلسطينية

GMT 00:23 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

خبز وكعك وإشاعة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab