حالة «سُعار»

حالة «سُعار»

حالة «سُعار»

 العرب اليوم -

حالة «سُعار»

بقلم - د. محمود خليل

الناس اتسعرت.. هذه العبارة القاسية أحياناً ما تتردد على ألسنة البعض في وصف غيرهم ممن تعودوا على عض ضحاياهم من خلال أكل حقوقهم. أحياناً ما يمد البعض حبل الغضب بدرجة أكبر فيصفون غيرهم بـ"الثعبانية"، ويتحدثون عن أنهم يبخون سمومهم فيمن حولهم.

هذا حديث عن الأخلاق ومنسوب الأخلاق داخل المجتمع، وهو منسوب يزيد وينقص من عصر إلى آخر، لكنه لم يصل في عصر من العصور إلى المنسوب المُرضِي للجيل الذي يعيش فيه، فدائماً ثمة شكوى من "تردي الأخلاق". في كل الأحوال التغير في منسوب الأخلاق مسألة لا تنشأ بين يوم وليلة، بل يتراكم عبر سنوات، إن لم يكن عقود، تحدث خلالها تحولات في المحيط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي يعيش فيه الإنسان، تؤثر بعد ذلك على الأخلاق، بصورة قد تكون سلبية أو إيجابية.

ويظل العامل الاقتصادي الأكثر تأثيراً من غيره من العوامل الاجتماعية والثقافية والسياسية في تحديد منسوب الأخلاق أو أوضاعها داخل مجتمع من المجتمعات. فالتصارع على المال والمصالح هو الذي يخلق "حالة السعار" بين البشر، وهو الذي يؤدي إلى بروز الثعابين من جحورها، والأفاعي من مخابئها، لتبدأ حالة التسميم. المال قادر على تحطيم رأس القيم الأخلاقية داخل المجتمعات، خصوصاً المجتمعات المفتوحة، التي يروج بداخلها ما يمكن أن يُشتَرى بالمال، أو تتنوع بداخله المقتنيات التي يمكن أن يوجه إليها المال، فيتميز من يحوزها على غيره، بحكم أنه الممتلك للأداة التي تيسر مسألة الحيازة والامتلاك.

المجتمعات أسواق، ولكي تتعرف على أي مجتمع وأخلاقيات أهله، ما عليك إلا أن تتجول في أسواقه وتنظر في حالتهم الأخلاقية. في حالة تنوع المتاح من السلع والخدمات داخل السوق، وتفاوت مستوى جودته تبعاً لأسعاره، عليك أن تتوقع حالة اهتزاز وتذبذب تحكم أخلاق الناس الذين يعيشون على هذا السوق الاستفزازي، أما في حالة التقارب والتشابه بين المتاح للجميع من مقتنيات ومغريات داخل السوق، فبإمكانك أن تتوقع أن المجتمع ينعم بدرجة أعلى نسبياً من السلامة الأخلاقية.

من الممكن أن ينجو حائط الأخلاق داخل المجتمعات التي تسودها الأسواق الاستفزازية بالمقتنيات والمغريات إذا كان أهلها يؤمنون أن انقسام الناس إلى طبقات وتفاوتهم في الحظوظ والأرزاق سنة من سنن الله في خلقه.. يقول تعالى: "والله فضل بعضكم على بعض في الرزق". ولست بحاجة إلى تذكيرك أن حصر مسألة الرزق في المال وفقط يعبر عن ضيق أفق، لأن الرزق يتسع لكل نعم الحياة: الصحة، والأولاد، والمال، وغير ذلك. ولكي يستقيم حائط الأخلاق داخل هذه المجتمعات لابد أيضاً ألا تتحول الطبقية داخل المجتمع إلى حالة عنصرية يستبد فيها المنتمي إلى الطبقة الأقوى بمن هو أضعف.

ويستطيع الأفراد داخل المجتمعات التي تسودها الأسواق المتوازنة الحفاظ على منسوب الأخلاق، اعتماداً على معادلة "تقارب الأوضاع" التي لا تعطي أية مساحة للسعار أو إفراز السمية الفردية.

arabstoday

GMT 13:52 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة فاشلة؟

GMT 13:47 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحزاب ليست دكاكينَ ولا شللية

GMT 13:45 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

«أبو لولو»... والمناجم

GMT 13:44 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ونصيحة الوزير العُماني

GMT 13:42 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سراب الوقت والتوأم اللبناني ــ الغزي

GMT 13:41 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هل ينجح ترمب في إنقاذ إسرائيل من نفسها؟

GMT 13:39 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرُ... التى من أجلها تُشرقُ الشمسُ

GMT 13:37 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

من القصر إلى الشارع!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة «سُعار» حالة «سُعار»



شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:24 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
 العرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 17:56 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

بوادر هدنة في السودان وتوقعات بلقاء قريب بين البرهان وحميدتي
 العرب اليوم - بوادر هدنة في السودان وتوقعات بلقاء قريب بين البرهان وحميدتي

GMT 18:44 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري
 العرب اليوم - شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق ميزة جديدة في غروك لتحليل منشورات منصة إكس

GMT 21:24 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 18:09 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بابا الفاتيكان يجدد دعوته لوقف إطلاق النار في السودان

GMT 02:58 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران تواجه خطر نفاد مياه الشرب بسبب "جفاف تاريخي"

GMT 03:04 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعتزم إعادة قطعة أثرية عمرها 3500 عام إلى مصر

GMT 17:38 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيباني يؤكد التزام بلاده بتعزيز السلم الأهلي

GMT 02:39 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعيد التهديد بالتدخل العسكري ضد نيجيريا برًا أو جوًا

GMT 18:51 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الأمريكي يؤكد أن شي جينبينغ يدرك عواقب غزو تايوان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab