«فمُلاقيه»

«فمُلاقيه»

«فمُلاقيه»

 العرب اليوم -

«فمُلاقيه»

بقلم - د. محمود خليل

«وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّى لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا». تصف هاتان الآيتان الكريمتان من سورة الكهف مشهداً شديد الدلالة لإنسان غلبه غروره عن إدراك حقيقة الحياة. غرور الإنسان بما أعطته الدنيا يصرفه عن التفكير فى مآله بعد أن يرحل عنها. الرجل كان يملك حديقتين زاهيتين زاهرتين تدران عليه أرباحاً هائلة، وفوق ذلك حباه الله تعالى بالأبناء والعصبة الملتفة حوله. كان ينظر إلى ما يملك فيبتهج وينظر إلى المحرومين من حوله فيسخر ويتيه عليهم بما يملك.

هذا الرجل وقع فى مطبين قاتلين ظلم فيهما نفسه، أولهما الظن بالخلود فى الحياة ونسيان اللحظة التى سيلقى فيها ربه. وهى لحظة محتومة على العاقل أن يتذكّرها باستمرار وإلا فسد حاله. وثانيهما نسيان ساعة الحساب التى سيُحاسب فيها على أعماله.

نسيان ساعة الحساب هو أصل اختلال الأداء فى الحياة، فالإنسان الذى يقر فى ذهنه أنه محاسب على أفعاله يتحسّب فى كل سلوك يسلكه، لأنه يحذر الساعة الآتية. نسيان الحساب كان أصل العلة التى ضربت فرعون «موسى» فأوردته موارد الهلاك. ولعلك تذكر تلك العبارة القرآنية التى يستعيذ فيها نبى الله موسى بالله من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب «إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ».

عندما يغتر الإنسان بالحياة وبما أعطته الحياة تغلبه الأمانى «وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِىُّ». وتشير الآيات الكريمة من سورة الكهف التى تحكى عن هذا الرجل إلى الحالة التى سيطرت عليه بعد أن أنساه غروره ساعة الحساب، فقد ارتاب فى قيام الساعة، وطمأن نفسه بأنه حتى لو قامت فسوف يجزل الله له العطاء فى الآخرة كما أعطاه فى الدنيا.

من الطبيعى أن يفكر بهذه الطريقة، فنسيان حساب الآخرة ينعكس على أداء الإنسان وسلوكه فى ما أعطاه الله فى الدنيا. توقع الرجل أن المسألة مسألة اختيار، وظن أن الله تعالى اختار له القوة والثراء على سبيل الرضاء وليس الابتلاء، وأن من رضى عنه فأعطاه فى الدنيا سوف يعطيه فى الآخرة. مأساة هذا الطراز من البشر عدم إدراك الفارق بين الاختيار والاختبار، وأن العشم فى وجه الله تعالى يرتبط بالسلوك الرشيد الذى يصب فى صالح البشر. فصاحب القوة لا بد أن يسخّر قوته لصالح الضعيف، ولا يباهى بها، أو يجعل منها أداة لحرمانه وإذلاله وإهدار كرامته.

امتلاك أدوات القوة نعمة من نعم الله على الإنسان، وهى تتحول إلى نقمة عندما تستحيل إلى شعور لدى صاحبها بـ«فائض القوة». هنالك يبدأ السير على الطريق السريع إلى نسيان «يوم الحساب»، ويظل سائراً فى الدنيا كما شاء وشاء له الهوى، متناسياً أن كل جريه وسعيه ما هو إلا كدح إلى اللحظة الفاصلة: «يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ».

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فمُلاقيه» «فمُلاقيه»



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
 العرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 00:27 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
 العرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة
 العرب اليوم - واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 05:01 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بأعلى درجات الجاهزية القتالية
 العرب اليوم - وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بأعلى درجات الجاهزية القتالية

GMT 03:47 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف تأثير المشي في الوقاية من الزهايمر
 العرب اليوم - دراسة تكشف تأثير المشي في الوقاية من الزهايمر

GMT 01:38 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
 العرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 06:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إنقاذ السودان تأخر كثيرا

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:03 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 30 امرأة بمسيرة استهدفت "تجمع عزاء" شرق الأبيض بالسودان

GMT 06:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 03:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تطرح مشروع قوة في غزة بإشراف إسرائيلي

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 06:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ظاهرة فاروق حسنى!

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء ديكور يكشفون عن 5 ألوان يجب تجنّبها في خزائن المطبخ

GMT 17:35 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد قوة الرضوان في حزب الله

GMT 09:51 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة الممثلة الأميركية ديان لاد عن 89 عامًا

GMT 13:47 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحزاب ليست دكاكينَ ولا شللية

GMT 18:36 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام شاهين تكشف حقيقة خلافها مع لبلبة بطريقتها الخاصة

GMT 09:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرع 3 مواطنين مصريين بصواعق رعدية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab