محمد جلال عبدالقوي

محمد جلال عبدالقوي

محمد جلال عبدالقوي

 العرب اليوم -

محمد جلال عبدالقوي

بقلم - د. محمود خليل

خلال شهر رمضان عام 1982، عرض التليفزيون المصرى مسلسل «الرجل والحصان» للمرة الأولى. وهو -كما تعلم- من تأليف المبدع الكبير محمد جلال عبدالقوى، استوقفنى هذا العمل كثيراً عندما شاهدته للمرة الأولى (أيام الشباب)، تأملت كثيراً فكرته العبقرية التى تربط بين رجل وحصان، كلاهما وصل إلى نقطة «التقاعد». «خيل الحكومة» يتم التخلُّص منها برصاصة رحمة تُطلق عليها فى ختام المشوار، وعلى أساس هذه القاعدة تقرر مصير الحصان «عنتر»، فجأة توحَّد معه رفيق رحلته فى «الميرى»: الشاويش «طلبة»، وقرر أن يفر به من المصير المحتوم لخيل الحكومة، وخاض به رحلة هروب طويلة.

الفكرة التى يحملها المسلسل كانت تؤشر إلى الفكر -الذى يرقى إلى حد الفلسفة- الذى كان يحمله المبدع الكبير محمد جلال عبدالقوى منذ بداياته الأولى. وقد حكى لى أن فكرة «الرجل والحصان» قفزت فى ذهنه وهو على مشارف العشرين، فى لحظة تأمل لمشهد جمع ما بين رجل وحصان، شعر فيه بنوع من العلاقة الوجودية التى تربط بينهما.

تدفقت أعمال الكاتب الكبير بعد الرحلة البديعة التى عشناها مع «الرجل والحصان»؛ فكانت رائعته «أولاد آدم»، ولست أبالغ إذا قلت لك إن هذا المسلسل كان يحبس الناس فى البيوت وقت بثه، وما زالت عبارة «بقت ستميت حتة»، التى كانت تتكرر على لسان «عم آدم»، تتردد على الألسنة حتى الآن. وكان الرجل يصرخ بها فى مواجهة رياح التفكك التى ضربت سفينة الأسرة التى رعاها بالحلال، فزلزلت القيم التى بناها عليها، نتيجة «عاصفة الانفتاح» التى لفَّت البلاد والعباد من جميع الجهات، فأدارت رؤوس الجميع. شخصيات المسلسل كانت منحوتة نحتاً من قلب الواقع، وقد زانها بطل العمل، الفنان الراحل عبدالمنعم إبراهيم، الرجل الذى أثبت موهبة فذة فى الأداء الدرامى، وتفوق فى كبره -رحمه الله- على أدائه وهو شاب.. من ينسى شخصية عم آدم؟

بعدها كانت علامته الدرامية الكبرى «المال والبنون»، التى مثَّلت صرخة حقيقية فى مواجهة زحف الزيف، ومحاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يدهس المال -حتى ولو كان حراماً- القيم الأهم فى الحياة، وعلى رأسها العلم والفكر والاجتهاد والتربية الصحيحة للأبناء، حاول «عبدالقوى» فى هذا العمل «صحصحة» المجتمع للمعنى الحقيقى للثروة المتمثلة فى «البنون» الذين يملكون العلم والفكر والأخلاق، وأن ثروة المال لا تعد ضمانة فى مواجهة الحياة، فهو لا ينفع صاحبه إلا إذا حصل عليه من «حِله» وأنفقه فى «حقه».

أعمال أخرى عديدة لا تتسع المساحة للغوص فى أعماقها والإتيان بلآلئها، من بينها «الليل وآخره»، و«شرف فتح الباب»، ومن قبلهما: «غوايش»، و«طرح البحر»، و«أديب»، و«نصف ربيع الآخر»، و«العودة والعصفور»، وغيرها وغيرها.

رباط عميق يصل ما بينى وبين أعمال المبدع الكبير محمد جلال عبدالقوى. فهذا الرجل يعرف كيف يترجم القيمة فى فن، وكيف يحول الفن إلى قيمة. وبقدر ما تؤكد عليه أعماله من قيم ومثل عليا ترتقى بالمشاهد، بقدر ما تحمل من فن، وتعكس امتلاكاً شديد الاحترافية لأدوات الدراما وأساليب توظيفها فى تقديم أعلى القيم وأسماها فى قوالب فنية مبدعة.

أظن أن الكثيرين يشاركوننى فى الشوق إلى مشاهدة أعمال جديدة للمبدع الكبير محمد جلال عبدالقوى، فالرجل لديه الكثير مما يمتعنا. وتقديرى أن منتجى الدراما فى مصر يدركون جيداً قيمة «الدراما» التى يتصدرها اسم هذا المبدع، فإذا كانوا يريدون استعادة الوجه المشرق للمسلسلات التليفزيونية المصرية، وإعادة الاعتبار لها كإحدى أدوات قوة مصر الناعمة، فالطريق إلى أعمال محمد جلال عبدالقوى معروف.

arabstoday

GMT 13:53 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

ليفربول + 90 و.... إسبانيا

GMT 13:52 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

هل يوقظ شَيْبُ عبدالمطلب أوهام النتن ياهو ؟!

GMT 04:52 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

المقنعة ألغت الألعاب

GMT 04:50 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

قمة الثبات العربي والإسلامي

GMT 04:47 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

هند رجب تُبعث من جديد

GMT 04:45 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

ترمب... والسخرية من الساخرين منه

GMT 04:42 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

الديمقراطية غير الليبرالية: خيال روسي ــ صيني

GMT 04:39 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

ما المطلوب من مؤتمر حل الدولتين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد جلال عبدالقوي محمد جلال عبدالقوي



الملكات والأميرات والسيدات الأوائل يتألقن في أسبوع من الإطلالات الملوكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:25 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

ما كان خيالًا أصبح واقعًا!!

GMT 09:52 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

العمى وعدّاد القتلى

GMT 11:05 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

شيرين عبد الوهاب أمام القضاء بتهمة السبّ والقذف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab