العشم وإطفاء الغضب

العشم وإطفاء الغضب

العشم وإطفاء الغضب

 العرب اليوم -

العشم وإطفاء الغضب

بقلم - د. محمود خليل

مجموعة من المعايير أو القواعد تتعلق بفكرة «حسابات الخطوة» اشتملت عليها «سورة الطلاق».. بصفة عامة لا بد أن يحسب الإنسان خطواته فى الحياة، والمثل المصرى يقول: «مين يحسب الحسابات فى الهَنا يبات».. وهناك مثل آخر يقول: «كل خطوة تحتاج ألف سلامة».. ولا يوجد -على المستوى الإنسانى- خطوة أخطر من خطوة الطلاق، سواءً بالمعنى العام للطلاق: طلاق فكرة، أو طلاق عمل، أو طلاق صديق، أو طلاق قريب، أو بالمعنى الخاص المتمثل فى الانفصال عن الزوجة.أولى هذه القواعد: لا تتحرك تحت ضغط موقف راهن فقد يشهد المستقبل تحولات تندم فيها على القرار المتسرع الذى تتخذه حالياً.. يقول الله تعالى: «لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا».. فالإنسان لا يعلم ما يأتى به المستقبل والتحولات التى يمكن أن يشهدها الغد، وقد ظهرت هذه القاعدة فى سياق تحذير الزوج من الإطاحة بزوجته بعيداً عن المنزل، دون أن يمنح نفسه وقتاً للمراجعة.. يقول تعالى: « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا».قد يغضب شخص من زوجته اليوم، لكن الأمر قد يختلف غداً، فالإنسان قد يأتى تحت ضغط الغضب بسلوكيات لا يتصور أن يأتيها وهو فى حالته الطبيعية، والقرآن الكريم يحكى لنا أن نبيه موسى عليه السلام أصابه غضب شديد وألقى الألواح (وفيها وصايا الله) حين وجد قومه تحولوا إلى عبادة عجل من ذهب صنعه لهم السامرى، فى الوقت الذى كان يتلقى فيه وصايا ربه.. يقول تعالى: «وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ»، واختلف الأمر حين سكت الغضب عن موسى، فالتقط الألواح من الأرض وفيه وصايا الله.. يقول تعالى: «وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ».قول الله تعالى: «لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا» يعنى أن الدنيا لا تثبت على وضع، والأحوال تتبدل، لذلك على العاقل أن يتحسب لخطواته، ويأخذ فى الاعتبار أن ظروفاً يمكن أن تظهر فى المستقبل تقلل من وجاهة قرار يتخذه فى اللحظة الحالية. والله تعالى يقول: «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ».من الناحية العلمية يذهب البعض إلى أن المستقبل هو امتداد لمعطيات الحاضر. وهذا الكلام صحيح لكن بصورة نسبية، لأن حسابات الحياة لا تتم بهذه الشكل الخطى المستقيم، إذ قد تظهر تعرجات وانكسارات تأخذ الواقع إلى آفاق جديدة، فالعوامل المفاجئة قد تكون أشد أثراً فى تحديد مسارات المستقبل من معطيات الواقع المعيش، والمفاجآت لا يستطيع أحد أن يتوقعها، لأن الله تعالى وحده هو من يعلم الغيب ويملك مفاتحه.العشم فى وجه الله هو أساس التفاؤل بالغد، وهو جوهر إطفاء غضب الحاضر، وما يؤدى إليه من تسرع فى الخطوات.

 

arabstoday

GMT 00:11 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

قمة مفصلية لا تحتمل بيان جدب وإدانة فقط

GMT 00:08 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

ضرب قطر… شنّ حرب على السّلام

GMT 00:06 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

قطر.. بعد الضّربة ليست كما قبلها

GMT 00:05 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

من سمّ عمانَ إلى صواريخ الدوحة

GMT 00:00 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

...عندما تبدو النجوم

GMT 23:59 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

بحيرة طبريا ونهاية الزمان

GMT 23:58 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

GMT 23:57 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العشم وإطفاء الغضب العشم وإطفاء الغضب



هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 03:47 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

إسرائيل تعلن طلب مسؤولين بحماس مغادرة غزة

GMT 01:56 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

شأن ما جرى في قطر!

GMT 12:17 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

هل يمكن العودة للسلام؟

GMT 03:52 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

جيش الاحتلال يعتقل شابًا سوريًا بريف القنيطرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab