بالسيف يهلكون

بالسيف يهلكون

بالسيف يهلكون

 العرب اليوم -

بالسيف يهلكون

بقلم - د. محمود خليل

فى الإنجيل آية نافذة تستحق التأمل تحكى موقفاً حاول أحد الحواريين (التلاميذ) فيه الدفاع عن المسيح، عليه السلام، بالسيف، فقال له: «رُدَّ سيفك إلى مكانه؛ لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون».

إنها قاعدة حياتية مهمة، فمن يغصب غيره على شىء بالقوة، لا يترك له أية فرصة لرفع الظلم عن نفسه، إلا باستخدام القوة. قد ينظر طرف معين إلى نفسه فيرى أنه الأكثر امتلاكاً لأدوات القهر، وقد ينظر إلى غيره فيراه خلواً منها، وبالتالى يثق فى قدرته على إخضاعه فى أية مواجهة، والحقيقة أن هذه النظرة تحمل قدراً لا بأس به من التغفيل، فكل إنسان له نقاط قوة، كما له نقاط ضعف، فلا توجد قوة مطلقة أو ضعف مطلق، إنما كل شىء فى الحياة نسبى. فمن يأخذ بسيف القوة والقهر، فبسيف القوة والقهر يهلك.

لا ينطبق هذا المعنى على حدث كما ينطبق على ما تعيشه غزة من عدوان إسرائيلى، وما تشهده من مقاومة باسلة لمواجهته ودحره. فإسرائيل كما قال أحد السياسيين الغربيين ذات يوم «وُلدت بالسيف وعاشت به». ولا يمكن أن تأمل فى السلام، وسوف يكون عليها أن تستمر فى العيش بالسيف، إلا إذا هكلت بالسيف أيضاً.

ما ترتكبه إسرائيل اليوم من مذابح ومجازر بحق المدنيين فى غزة هذه الأيام، سبق أن فعلته عام 1948، وهى تغتصب الأرض لتطرد أصحابها منها وتستوطنها، فى واحدة من أكثر تجارب الاستعمار الاستيطانى بشاعة فى التاريخ. الهدف الرئيسى من إعمال سيف إسرائيل فى سكان غزة هو دفعهم إلى النزوح وترك أرضهم، لقد حدث ذلك عام 1948، حين اضطر الفلسطينيون للنزوح من أرضهم وقراهم، بعد المذابح التى ارتكبت فى حقهم، ليستولى عليها الصهاينة.

حديث المسئولين فى تل أبيب عن أن هدف الحرب استرداد المخطوفين وتفكيك «حماس» هدفه الغلوشة -ليس أكثر- على الهدف الحقيقى من هذه الحرب، وهو دفع الفلسطينيين إلى النزوح من أراضيهم، ليضعوا يدهم عليها، تماماً كما تعودوا، فإسرائيل كيان يعمل بمبدأى التوسع والاستيطان، باستخدام سيف القوة. والمراجع لتاريخ هذا الكيان فى المنطقة منذ عام 1948 وحتى الآن سوف يتأكد من ذلك، وسوف يتأكد أيضاً أن إسرائيل لا تريد السلام ولا يحزنون.

فى كل المواجهات السابقة بين الدولة الصهيونية والعرب نجحت إسرائيل فى مد يدها على الأرض، وحصدت المزيد، لكن الأمر مختلف هذه المرة، لأن من يواجهها مقاومة أفرزتها الشعوب، ولن تمكنها من تحقيق ما تعودت عليه. المواجهة هذه المرة مختلفة كل الاختلاف، فمن تجبرهم إسرائيل على النزوح تحت ضغط القصف العاتى يعودون فى اليوم التالى إلى منازلهم، ويؤثرون العيش فوق أطلالها على ترك أرضهم.

المقاومة ستواصل، بل وستتوسع، وحرب المقاومة الدائرة الآن فوق تراب غزة، قد تتمدد رقعتها، لأن الشعوب العربية والإسلامية متحفزة هذه المرة. دخول المقاومة التى أفرزتها الشعوب فى معادلة حرب تحرير الأرض سوف تقلب الأمور. وثمة فارق كبير -قد تدركه إسرائيل مستقبلاً- بين مواجهة الحكومات ومواجهة الشعوب. فهذه المرة يقف سيف المقاومة فى مواجهة سيف الاحتلال.

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بالسيف يهلكون بالسيف يهلكون



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 07:03 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

غارات إسرائيلية تستهدف مخيمات وسط غزة

GMT 07:17 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي شرق مدينة غزة

GMT 09:22 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

موعد مباراة المغرب ومالي اليوم في كأس أمم إفريقيا 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab