طريد الفردوس

طريد الفردوس

طريد الفردوس

 العرب اليوم -

طريد الفردوس

بقلم - د. محمود خليل

لا يعرف البشر قصة أخلد منها، تلك هي قصة الصراع بين "إبليس وآدم"، حكتها الكتب السماوية، وتناولتها كافة التواريخ الإنسانية، واجتهد المفسرون في تأويل أحداثها ووقائعها التي احتضنها "الملأ الأعلى".

لم تكن لحظة هينة تلك التي أقسم فيها "إبليس" ليحتنكن آدم وذريته إلى يوم يبعثون.

لم يكن "إبليس" مخلوقاً عادياً، مثل غيره من الملائكة أو الجن، بل كان أهمهم وأخطرهم. فهو سر اللعنة على الأرض، اللعنة التي تدفع من يعيش فوق ترابها إلى الفساد وسفك الدماء.

إنه "طريد الفردوس" الذي تحكي كتب التراث أنه أرسل في مهمة إلى الأرض –قبل خلق آدم- لمحاربة الجن المفسدين والسفاحين، فإذا به يمثل فيما بعد أداة تكريس هذا التوجه لدى آدم الخليفة الذي اختاره الخالق ليعيش فوق أرضه.

تشابكت أحداث عديدة قبل أن تفضي بكل من آدم وإبليس إلى أرض الله لتبدأ فصول مأساة "بني آدم" عبر "بوابة إبليس"، أحداث حاول المفسرون فض الاشتباك بينها بتأويلات لا تخلو من غرابة، خصوصاً عندما توقفوا أمام تلك الإشكالية التي تحكي عودة "إبليس" إلى الجنة ووسوسته لآدم، بعد طرده منها، وتساءلوا: كيف عاد "إبليس" إلى الجنة بعد أن حكم الله عليه بالنفي منها؟. وهي إشكالية قديمة متجددة، تصدى لها القدماء والمحدثون من المهتمين بتأويل القرآن الكريم وتفسير آياته.

حديث الأبالسة ظل مصاحباً للبشر طيلة تاريخهم، وكما بحثوا عن تأويل له بالأمس، اجتهدوا في يومهم بخلق "شيطانهم" الخاص الذي يخيفون به الودعاء الطيبين، إلى حد عدم البخل بأي مجهود يبذل من أجل اختراع "شيطان" في الأوقات التي يستنيم فيها شيطان الكتب السماوية.سببان أساسيان أشار إليهما القرآن الكريم في معرض الحديث عن سر "لعنة إبليس".

السبب الأول "ادعاء الألوهية" والسبب الثاني "كبره وغروره" اللذين صرفاه عن تنفيذ أمر الله له بالسجود لآدم.

يرى المفسرون أن ادعاء إبليس الألوهية أشارت إليه الآية الكريمة: "ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم وكذلك نجزي الظالمين".

يذهب "ابن كثير" في تفسيره إلى أن كلمة منهم في الآية الكريمة تشير إلى الملائكة، وأنها الآية في المجمل تعني إبليس، فإبليس –استثناءاً- بين الملائكة ادعى الألوهية، ويشير "ابن الأثير" في "تاريخه" إلى أن إبليس كان إماماً ورئيساً للملائكة، وأن الله تعالى ملّكه على سماء الدنيا والأرض، وجعل منه خازناً على الجنة (لذلك وصف الشيطان بالجني).ورغم محاولة كتب التراث عدم التوقف كثيراً أمام مسألة ادعاء إبليس للألوهية، إلا أنها قدمت طرحا خطيراً يؤشر إلى تكليف الخالق العظيم لإبليس بمهام معينة على الأرض.

تأمل النص الذي يقول فيه "ابن الأثير": "روى أبو صالح عن ابن عبّاس ومُرّة الهمداني عن ابن مسعود أنهما قالا: لما فرغ الله تعالى من خلق ما أحبّ استوى على العرش، فجعل إبليس على ملك سماء الدنيا، قال ابن عباس: وكان اسمه عزازيل وكان من أشدّ الملائكة اجتهاداً وأكثرهم علماً، فدعاه ذلك إلى الكبر، وهذا قولٌ ثالث في سبب كبره".

هذا الطرح لا يستقيم مع عقل أو منطق إيماني فكيف يمكن القبول بقكرة أن الله تعالى الذي له ملك السموات والأرض، وليس له شريك في ملكه أن يمنح إبليس مساحة للتدخل في إدارة السماء الدنيا والأرض.

من الواضح أن المفسرين لجأوا إلى هذه القصص المختلقة في محاولة لتأويل آية "ومن يقل منهم إني إله"، رغم عدم حاجتهم إلى ذلك، لأن المعنى فيها ينطبق على أي مخلوق يزعم الألوهية لنفسه.

arabstoday

GMT 13:40 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

سؤال الحداثة والعالم الإسلامي

GMT 13:37 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

سوريا… عقدة النظام الإيراني!

GMT 13:36 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

طبيعة الحرب الأوكرانيّة تغيّرت…

GMT 13:33 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

‎خمس نقاط مهمة في كلمة السيسي بالدوحة

GMT 13:31 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

فيلم الماراثون ومخلب دوبلانتس!

GMT 13:30 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

مع الميادين مرة أخرى

GMT 05:00 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

مع تحيات حنظلة

GMT 04:58 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

هناك ما يمكن عمله ضد إسرائيل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريد الفردوس طريد الفردوس



هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 15:57 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026
 العرب اليوم - نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026

GMT 04:58 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

هناك ما يمكن عمله ضد إسرائيل

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج​ اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 18:42 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 07:34 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

37 غارة إسرائيلية على غزة خلال 20 دقيقة

GMT 07:39 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

استشهاد 4 فلسطينيين في قصف منزل بحي الصبرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab