الأسياد العريانين

الأسياد العريانين

الأسياد العريانين

 العرب اليوم -

الأسياد العريانين

بقلم - د. محمود خليل

الدرويش أو المجذوب زمان كان مجرد رجل على باب الله، يعاني من مرض عقلي أو نفسي، أو رجل يعرف من أين تؤكل الكتف لدى شعب يحركه الخوف والقلق من المستقبل والتدين النفعي. وسواءاً كان الدرويش مريضاً يستغله أحد، أو صحيحاً يستخدم قدراته في الخداع والتمويه، فقد كان الهدف الرئيسي للدرويش هو جمع المال ، وفي سبيل ذلك لم يكن يتوانى عن الإتيان بالغريب والفريد من الأفعال التي تضغط على أعصاب الجمهور، فيفسر أفراده هذه الأفعال كتعبير عن حالة الانجذاب نحو السماء التي يعيشها الدرويش والتي تصرفه عن التفكير في أحوال الأرض وآداب أهلها. وأكثر الدراويش الذين عرفتهم مصر خلال القرن التاسع عشر كانوا يتعمدون خلع ملابسهم أمام الناس ويهرولون وراءهم في الشوارع في مشاهد شديدة الإثارة.مشاهد العراة في شوارع القاهرة في ذلك الوقت كانت معروفة ومشهورة، ورغم أن المصريين كانوا يتفاعلون مع شذوذهم بالضحك، إلا أنهم كانوا مهيأين نفسياً لقبولهم كأولياء.

فالشاذ في نظر الأهالي حينذاك كان له خطره كما أن له دلالته. فخطره مرتبط بـ"شربة الولاية" التي تعاطاها الولي فأسكرته وأفقدته عقله ووعيه، وبالتالي فخلع الملابس هنا لا يدل على عته أو سفه، بل يؤشر إلى مرحلة قد اجتازها "العريان" ومقاماً قد حازه. فالعري هنا دليل الشربة والشربة دليل الولاية.من نماذج "الأسياد العريانين" في القرن التاسع عشر السيد علي البكري الذي يرقد جثمانه بمسجد "الشرايبي" القريب من "الرويعي".

ولا ينتمي علي البكري عائليا إلى طائفة السادة البكرية، لكنه اكتسب هو وشقيقه لقب "البكري" بسبب محل سكنهم بسويقة البكر، كما يقرر "الجبرتي". اعتاد علي البكري أن يخلع ملابسه في الشوارع ويسير عارياً في الشارع وفي يده عصا أو جريدة يضرب بها كل من يقابله. استغل شقيق علي البكري الحالة التي يعاني منها أخوه، فأخذ يروج بين الناس أن شقيقه يفعل ما يفعل لأنه شرب شربة الولاية وأصبح قطباً من أقطاب الغوث، وما إن انتشر خبر الدرويش أو الولي المزعوم حتى هرول نحوه الرجال والنساء من كل حدب وصوب، للزيارة والتبرك والشكوى وقضاء الحاجات، والشيخ أمامهم يهذي بكلمات غير مفهومة.

وبمرور الوقت كثر زوار الشيخ حتى ضاق بهم المكان فأصبحوا يقفون طوابير على عتبته، وكان من بينهم كما يقول "الجبرتي": "نساء الأمراء والكبراء".لم يكن الزوار يسمعون من الشيخ أكثر من الهذيان والخلط اللفظي، لكن شقيقه الداهية أقنع الجميع بأن الشيخ يطلع على خطرات القلوب وينطق بما في النفوس عبر هذا الهذيان والتخريف، فطفق كل من يزوره ينصت إلى هذيانه وتخريفه ليلتقط منه كلمة أو همسة أو حركة قام بها ويؤولها بما في نفسه، ويردد أمام الآخرين بأعلى درجات الانبهار أن الشيخ تمكن من قراءة ما يجول في خاطره ونجح في اكتشاف مكنون نفسه، وليس هناك خلاف على أن أمثال هؤلاء كانوا يتحولون إلى دعاة للولي المزعوم فيجذبون غيرهم إليه فزاد جمهوره بصورة كبيرة.

ومع زيادة الجمهور وتعاظم الزوار تعاظمت المدخولات التي تأتي إلى الشيخ، وكانت المدخولات عبارة عن أموال ومأكولات وهدايا ونذور وغير ذلك، كان الشقيق يحتجز المال لنفسه دون أخيه، ويأكل من الطعام قدر ما يستطيع، ويترك الباقي لسيده الشيخ، وكان الباقي كثيراً، وكان الشيخ شرها للأكل، وقادراً على التهام كميات كبيرة من الطعام، بسبب مكوثه دون عمل أو شغل طول اليوم فسمن وربرب. تضخم الشيخ وسمن من الأكل والدسومة والفراغ حتى أصبح مثل الجمل العظيم إلى أن دهمه هادم اللذات فلقي وجه ربه والطعام في فمه.

arabstoday

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما يطغَى الفُجور في الخصومة

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 07:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسياد العريانين الأسياد العريانين



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
 العرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
 العرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 06:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة
 العرب اليوم - ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 18:44 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري
 العرب اليوم - شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري

GMT 21:24 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 18:09 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بابا الفاتيكان يجدد دعوته لوقف إطلاق النار في السودان

GMT 02:58 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران تواجه خطر نفاد مياه الشرب بسبب "جفاف تاريخي"

GMT 03:04 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعتزم إعادة قطعة أثرية عمرها 3500 عام إلى مصر

GMT 17:38 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيباني يؤكد التزام بلاده بتعزيز السلم الأهلي

GMT 02:39 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعيد التهديد بالتدخل العسكري ضد نيجيريا برًا أو جوًا

GMT 18:51 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الأمريكي يؤكد أن شي جينبينغ يدرك عواقب غزو تايوان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab