«رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُم»

«رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُم»

«رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُم»

 العرب اليوم -

«رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُم»

بقلم - د. محمود خليل

آية قرآنية فريدة فى سورة «التوبة» ترسم لك سمات شخصية النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى فيها: «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ».

نحن هنا بصدد تقديم إلهى سماوى لشخصية سوف تلعب دوراً تاريخياً فى حياة قومها من العرب خصوصاً، والبشر عموماً.

الله تعالى يقدم محمداً إلى عرب الجزيرة، حين شاء أن يبعثه بالحق نبياً ورسولاً.

وكان من الطبيعى أن يبدأ التعريف بالنسب، حيث يخاطب الخالق العظيم «العرب» الذين نزل القرآن بلغتهم، وغيرهم من البشر، بأن محمداً واحد منهم، اصطفاه الله بحمل رسالته: «رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ».

قبل بعثته عاش النبى حياة متوازنة بين قومه من قريش، يمارس الاندماج والعزلة بشكل متزن.

فقد كان جزءاً من قومه يعيش أوجاعهم، ويؤازرهم فى قضاياهم، ما اطمأنت نفسه وتقبل عقله للقضية، فتجده، على سبيل المثال، يشارك قومه فى «حرب الفجار» وهو فى سن الرابعة عشرة من عمره، وكان يناول أعمامه «النبل»، وقد سُئل عن مشهده يومئذ، فقال: «ما سرنى أنى لم أشهده، إنهم تعدوا على قومى»، وأيّد صلى الله عليه وسلم حلف الفضول كدستور أخلاقى، وقال: «لو دُعيت به فى الإسلام لأجبت».

وشارك فى بناء الكعبة المشرفة بعد أن هدمها أحد السيول.

كل هذه الأحداث الثابتة تؤشر إلى أن النبى عاش حالة اندماج كامل مع قضايا قومه، وتوج ذلك بخلق رفيع وسلوك راقٍ فى التعامل معهم، أدى إلى وصل حبال المحبة والاحترام نحو شخصه من جانب كل من عرفه فى جزيرة العرب.

فى مقابل هذه الحالة من الاندماج، مارس النبى، صلى الله عليه وسلم، العزلة عن قومه، فيما لا تطمئن إليه نفسه أو يستريح له عقله، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالفكر الدينى السائد، فقد كانت جزيرة العرب تعج بأطياف مختلفة من الإيمان؛ فهناك من يؤمن باليهودية أو النصرانية، ومن يعبد الملائكة أو النجوم أو الكواكب، ومن يعبد أصناماً صنعها بيديه، وكان منهم أيضاً الحنفاء الذين اجتهدوا فى إحياء «ملة إبراهيم».

هذه الحالة من التشتت كانت تدفع النبى، صلى الله عليه وسلم، إلى التفكير والبحث عن الحقيقة، فقضى شطراً من حياته قبل البعثة فى التأمل فى أحوال قومه الدينية، وفى الوقت نفسه التساؤل عن حقيقة الدين والألوهية، حتى أتته الإجابة من السماء.

محمد، صلى الله عليه وسلم، كان «منتمياً» -بالمصطلح الحديث- إلى قومه، يسكنه شعور بمحبة هؤلاء الذين نبت بينهم، وخوف وإشفاق شديد عليهم، وتعاطف كامل معهم، بل وقد كان فى بحثه عن حقيقة الإيمان مدفوعاً بهذا الحب والخوف والإشفاق، ويريد أن يصل بهم إلى يقين إيمانى ثابت، يعالج حالة التشتت العقائدى التى ضربتهم، بما ترتب عليها من آثار سلبية، أدت إلى انتشار الكثير من الرذائل فى حياتهم، وهى الرذائل التى عاش النبى نائياً عنها، حتى قبل أن يأتيه تكليف السماء برسالة التوحيد.

a

arabstoday

GMT 08:47 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

لا فوضى في النضال

GMT 08:43 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

كيف للجنوب اليمني أن ينفصل؟

GMT 08:14 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

وقت الحِكمة اليمانية

GMT 08:08 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

القضايا العربيّة ونهاية العلاج الأوحد المزعوم

GMT 08:06 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

«أرض العرب» في «عصر نتنياهو»!

GMT 08:01 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

العام 2025... رغم أهواله لكنَّه أبو الذكاء الاصطناعي

GMT 07:56 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

حكومة ستارمر والسلطة الرابعة

GMT 07:54 2025 الأحد ,28 كانون الأول / ديسمبر

الهزيمة حين تنتحل النصر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُم» «رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُم»



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 08:44 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أرسنال يخشى فقدان صدارة الدوري الإنكليزي أمام برايتون

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 14:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

17 مليون معتمر من الخارج يؤدون العمرة في جمادى الآخرة

GMT 19:24 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة العالمية تحذر من انهيار صحي شامل في قطاع غزة

GMT 07:27 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

توقعات الأبراج​ اليوم السبت 27 ديسمبر/ كانون الأول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab