الأيام «النحسات»

الأيام «النحسات»

الأيام «النحسات»

 العرب اليوم -

الأيام «النحسات»

بقلم - د. محمود خليل

حطّم الله رؤوس أصحاب الفكر الوثنى الحجرى من قوم «عاد»، بعد أن عصوا نبيهم «هود»، واتهموه بالسفاهة ووصموه بالجنون.

وما أبلغ التصوير القرآنى لمشهد العقاب الذى حاق بهم، حين يصف منظرهم، بعد أن صرعتهم الريح، بأعجاز النخل الخاوية، أى أشجار النخل التى لا رؤوس لها.. يقول تعالى: «فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ».

يشير «ابن كثير» فى كتابه «قصص الأنبياء» إلى أن الوصف جاء على هذا النحو، لأن الريح كانت تأتى إلى أحدهم فتحمله فترفعه فى الهواء، ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه فيبقى جثة بلا رأس.

حالة من الرعب المستطير ضربت هؤلاء الذين قست قلوبهم وتحجرت عقولهم خلال أيام وصفها القرآن الكريم بـ«النحسات»: «فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِى أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ».

أيام الله تعالى كلها خير، وقد نهى سبحانه وتعالى عن التطير أو التشاؤم: «قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ»، لكن الإنسان بجهله وعبثه هو الذى يُصعّب أيامه ويسممها بالفساد والانحطاط، وبعد أن تتسمم الأيام وتصيبه نتائج تسميمه، فإن النحس يصيبها ولا يجد فيها إلا ما يضيره ويكربه وما يهد كيانه ومعيشته.

وذلك بالضبط ما فعله قوم عاد بأنفسهم حين سكن الحجر قلبهم وعقلهم، فتحولت أيامهم إلى «أيام نحسات».كل أفعال الخالق العظيم تعمل للخير، والنحس من عند الناس وبأفعال الناس، التى تؤدى إلى تحويل نعم الكون إلى نقم.

فتصبح السحابة المنتظرة بعد سنوات الجدب عقاباً وليس حلاً لمشكلة العطش التى كان يعانى منهم أهل عاد: «فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ».

وتتحول «الريح»، التى ظلوا ينتظرونها شهوراً حتى تهب فتحرك السحاب ويهطل المطر، إلى «ريح عقيم» غير منتجة على أى مستوى من المستويات، فلا تحرك سحاباً ولا تلقح شجراً.. يقول تعالى: «وَفِى عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ»، إنها ريح تدمر ما تقابله: «مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ».

لقد ظل النبى صلى الله عليه وسلم حياته كلها يتحسب كلما هبّت رياح، وكانت البسمة تغادر وجهه الكريم فى مثل هذه اللحظات.

قالت عائشة رضى الله عنها: «كان إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرف ذلك فى وجهه، قالت يا رسول الله: إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عُرف فى وجهك الكراهية؟

فقال: يا عائشة ما يؤمننى أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم نوح بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا».

قراءة وفهم المؤشرات الكونية وتفاعلاتها أساسه الحالة الواقعية التى يعيشها البشر، ومنسوب سعيهم إلى الإصلاح، واجتهادهم فى الابتعاد عن التفكير الحجرى وتقديس الأصنام، على اختلاف أشكالها وألوانها، فبذلك فقط يصح أن يتفاءلوا بكل ما حولهم.

arabstoday

GMT 11:21 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظ أفضل وراحة بال

GMT 11:19 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

صوت الجندي المكتوم في قارورة بحرية!

GMT 11:17 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الجفاف يجتاح إيران وحرب مياه في أفق المنطقة

GMT 11:13 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سقوط الفاشر... هل يُكرر السيناريو الليبي؟

GMT 11:10 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سرقة متحف اللوفر

GMT 11:06 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

السيدة المعجزة

GMT 10:57 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وحلم الولاية الثالثة

GMT 10:55 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ساركوزي ولعنة ليبيا والقذافي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأيام «النحسات» الأيام «النحسات»



شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:38 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيباني يؤكد التزام بلاده بتعزيز السلم الأهلي
 العرب اليوم - الشيباني يؤكد التزام بلاده بتعزيز السلم الأهلي

GMT 21:24 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
 العرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 03:04 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعتزم إعادة قطعة أثرية عمرها 3500 عام إلى مصر
 العرب اليوم - هولندا تعتزم إعادة قطعة أثرية عمرها 3500 عام إلى مصر
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق ميزة جديدة في غروك لتحليل منشورات منصة إكس

GMT 11:13 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سقوط الفاشر... هل يُكرر السيناريو الليبي؟

GMT 09:03 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية

GMT 11:10 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سرقة متحف اللوفر

GMT 11:21 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظ أفضل وراحة بال

GMT 08:18 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث عن تفاصيل لقائه ترامب

GMT 11:17 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الجفاف يجتاح إيران وحرب مياه في أفق المنطقة

GMT 11:19 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

صوت الجندي المكتوم في قارورة بحرية!

GMT 08:42 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار ميليسا يضرب جزر الكاريبي ويحصد 50 قتيلا

GMT 22:24 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يتصدر قائمة أعلى اللاعبين أجراً في الدوري الأميركي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab