«ظالم باشا» و«الأفندي»

«ظالم باشا».. و«الأفندي»

«ظالم باشا».. و«الأفندي»

 العرب اليوم -

«ظالم باشا» و«الأفندي»

بقلم - د. محمود خليل

الأفندى هو «إدريس أفندى» وهو فنان ومستشرق فرنسى اسمه «بريس دافين» ومن كثرة اندماجه فى الفلاحين والبسطاء من أبناء الشعب فى دلتا مصر وصعيدها وقاهرتها، أحبوه وأطلقوا عليه اسم «إدريس أفندى».

عاصر «الأفندى» الوالى محمد علي، وعمل معه لعدة سنوات، وعمل مع عدد من خلفائه على الحكم أيضا، وكان قريبا من قصر الحكم بصورة سمحت له برؤية الوالى والأمراء عن قُرب، وشهادته المتعلقة بمحمد على من الشهادات العجيبة، إذا قورنت بشهادات أوروبيين غيره، أو شهادات أفراد النخبة المصرية التى عاصرت الوالى الكبير، أو أعقبتهم خلال العصور التالية.

وأما «ظالم باشا» فهو محمد على نفسه، ويقول «إدريس أفندي» فى مذكراته إن المصريين أطلقوا عليه هذا الوصف، بسبب ظلمه لهم، وجوره عليهم، عبر السخرة فى العمل، والإرهاق المتواصل لهم بالضرائب، التى كانت تفرض عليهم بمناسبة ودون مناسبة، بحيث بات أى قرش يكمن فى جيب مواطن مصرى هدفاً للوالى، فالمصريون فى نظره كانوا حبات سمسم لا بد أن تُعصر بشدة حتى يخرج منها الزيت الذى يُشكل وقود مشروعه فى التحديث.

يقر «إدريس أفندى» بأن محمد على كان رجلاً فذاً، لكنه يتساءل: هل كان غرضه هو سعادة مصر ومجدها؟ ويجيب: من الخطأ أن يُقال إن مصر تمدنت فى عصر محمد على، فهل يمكن أن تتمدن فجأة بهذه الصورة؟ إنما المدنية محصول سلسلة من العمليات المتتابعة، ولا يمكن أن تأتى ارتجالاً فى ربع قرن، وإذا لم ننظر إلا للنتائج فى تقدير الأمور، فإن المدنية تنتج رخاءً، ما زالت مصر للأسف بعيدة من أن تحظى به.رأى «الأفندى» أن «ظالم باشا» اكتفى بالضجيج الدعائى الذى قامت به الصحف الأوروبية لمشروعه الذى استهدف به بناء مجده الشخصى، وليس مجد مصر والمصريين، عبر حكومته حكومة فردية لا تستمد قوتها وهيبتها إلا من شخصه، أما المصريون «شهداء الدولة» فهم الألعوبة الدائمة فى أيدى رجال الإدارة، أصحاب الأمر والنهى، والتصرّف فى قوم جهلة لا نصير لهم ولا خوف من شكواهم وتذمرهم.

تحمل شهادة «الأفندى» فى حق «الباشا» قدراً من التجنّى، فى الوقت الذى تحمل فيه أيضاً جانباً مهماً من حقيقة التجربة العلوية فى التحديث، فمحمد على كان يتبنى مشروعاً فردياً نعم، ولكن لحساب دولة، وقد نفعت الكثير من مفردات هذا المشروع مصر للكثير من السنين المتعاقبة، لكن يبقى أن الطابع الفردى الغالب على المشروع، واعتماده بالأساس على حلب المواطنين، أدى إلى تراجعه، ثم اندثار الكثير من مفرداته، بمجرد اختفاء محمد على من المشهد، لأنه ربط المشروع بشخصه، ولم يفلح فى إقناع المصريين به، بل قل إنه لم يسع فى البداية والنهاية إلى هذا الإقناع. فالمواطن من وجهة نظره لم يكن يزيد على نفر من أنفار الزراعة، أو الصناعة، أو الدواوين، أو الجهادية، وأنه عبد لولى النعم، وأداة فى يده، يعمل ويكد ولا يرى فى النهاية عائداً لعمله وكده، بل يجد كرباج السلطة يلهب ظهره، أو جامع الضرائب الذى يسرق ماله، أو كيلتين غلة نهاية الشهر، بدلاً من مرتبه، يبيعهما له الوالى بالسعر الذى يحدّده.

السلطة الظالمة التى تتعامل مع المواطن بنظرية «آخذ منك ولا أعطيك شيئاً» عمرها ما فلحت.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ظالم باشا» و«الأفندي» «ظالم باشا» و«الأفندي»



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
 العرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
 العرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة
 العرب اليوم - واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة
 العرب اليوم - ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة

GMT 12:44 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد سعد يعلن عن خوضه تجربة البطولة السينمائية
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلن عن خوضه تجربة البطولة السينمائية

GMT 06:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إنقاذ السودان تأخر كثيرا

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:03 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 30 امرأة بمسيرة استهدفت "تجمع عزاء" شرق الأبيض بالسودان

GMT 06:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 03:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تطرح مشروع قوة في غزة بإشراف إسرائيلي

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 06:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ظاهرة فاروق حسنى!

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء ديكور يكشفون عن 5 ألوان يجب تجنّبها في خزائن المطبخ

GMT 17:35 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد قوة الرضوان في حزب الله

GMT 09:51 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة الممثلة الأميركية ديان لاد عن 89 عامًا

GMT 13:47 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحزاب ليست دكاكينَ ولا شللية

GMT 18:36 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام شاهين تكشف حقيقة خلافها مع لبلبة بطريقتها الخاصة

GMT 09:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرع 3 مواطنين مصريين بصواعق رعدية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab