آلام الشيخ الجليل

آلام الشيخ الجليل

آلام الشيخ الجليل

 العرب اليوم -

آلام الشيخ الجليل

بقلم - د. محمود خليل

عندما قامت حركة الضباط فى يوليو 1952 كان عمر النحاس باشا يناهز الـ73 عاماً. أيد الرجل الحركة وذهب إلى رجالها والتقى معهم، رحب به -كما يحكى فى مذكراته- اللواء محمد نجيب، فى حين قابله الآخرون بنظرات فيها قدر من التحدى.

نصحهم بالتمسك بالدستور وإقامة ديمقراطية حقيقية، فوعده «نجيب» بذلك، لكن القرارات التى اتخذها الضباط الأحرار لاحقاً كانت مخالفة لكل الوعود.فقد بدأوا فى محاكمة بعض كبار أعضاء الوفد بتهمة الفساد أو إفساد الحياة السياسية، وبدأت الاتهامات تكال للنحاس باشا نفسه.

تهامس أعضاء مجلس قيادة الثورة بالتخلص من النحاس بالمحاكمة أو بغيرها، لكن نجيب الهلالى نصحهم بمحاكمة زوجته، حتى لا يفوز الزعيم كعادته بتعاطف الشعب، حوكمت زينب الوكيل بالفعل وتم وضع أملاكها وزوجها تحت الحراسة.

وصل الأمر بالشيخ الطاعن فى السن إلى حد تقبل المعونات من بعض رجال الوفد، اتصلت زينب الوكيل ذات يوم بجمال عبدالناصر وشكت له الضغوط المعيشية التى يحيا فيها «النحاس» فقرر صرف معاش شهرى له قدره ثلاثون جنيهاً.

سنوات عاشها «النحاس» لا يستطيع الخروج من بيته بسبب تحديد الإقامة الذى فرض عليه، لكن الرجل لم يضعف ولم يهتز، وهو الشيخ الذى يسير نحو الثمانين من عمره، وعاش متذرعاً بإيمانه وصبره.

والإيمان وحده هو سبيل المقاومة لأصحاب النفوس القوية، حين تشيخ أجسادهم، ولا تقوى صحتهم على مواجهة تقلبات الحياة.

وقد كان زاد الشيخ الجليل منه كبيراً.لم يعد يزور النحاس فى بيته سوى أشخاص معدودين من كبار رجال الوفد، يحكى أن الدكتور طه حسين اتصل به ذات يوم مستئذناً فى الزيارة، بعد سنوات طويلة انقطع فيها عنه، كان ذلك عام 1962، بعد 10 سنوات سار خلالها طه حسين فى ركاب الحكم الجديد، وبات جزءاً منه.

ذهب العميد إلى النحاس باشا حاملاً رسالة من جمال عبدالناصر، يدعو الزعيم فيها إلى دعمه وتأييده بعد أن اهتزت أوضاعه السياسية عقب فض الوحدة بين مصر وسوريا، رفض النحاس الأمر، ورد على قول طه حسين حول أن مجلس قيادة الثورة لم يحاكمه أو يهدره رداً عنيفاً وعدد له ما فعلوه معه من تحديد إقامة ومحاكمة زوجته وهجوم لا يتوقف عليه فى الصحف وغير ذلك.

كان الشيخ حينذاك يخطو نحو الخامسة والثمانين من عمره، ورغم ذلك فقد كان صلباً بإيمانه، وقناعته بما أداه لصالح الوطن، واجتهاده فى إرضاء ربه فيما فعل عبر سيرته فى الحياة، وانتهى به الحال إلى اعتزال السياسة واعتزال الناس والتفرغ للعبادة، حتى غادرت روحه الحياة آمنة مطمئنة.

لم يكن النحاس باشا ولياً من أولياء الله كما قال الرئيس عبدالناصر ذات يوم، وإنما كان مسلماً مستنيراً يتمتع بما يتمتع به المصريون الطيبون من مزاج دينى، يجمع بين الصوفية فى الإحساس بالعلاقة مع السماء، والواقعية فى النظر إلى أحوال الأرض، وبين محبة الدنيا والولع بمسراتها والحرص عليها، والحنين إلى حالة السلام الإيمانى النفسى المرتبط بذكر الآخرة.

إنه المزاج المصرى الذى يؤمن أن كل شىء لله، ويسير بإرادة الله، وأن يد الله رحيمة، وسرعان ما تأخذ بيد المتوكلين عليه ضد غرور من يظنون أن الحياة تقبع عند أطراف أصابعهم أو تسير بإرادتهم الخاصة.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آلام الشيخ الجليل آلام الشيخ الجليل



هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 15:57 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026
 العرب اليوم - نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026

GMT 04:58 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

هناك ما يمكن عمله ضد إسرائيل

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج​ اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 18:42 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 07:34 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

37 غارة إسرائيلية على غزة خلال 20 دقيقة

GMT 07:39 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

استشهاد 4 فلسطينيين في قصف منزل بحي الصبرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab