الجيل الحائر

الجيل الحائر

الجيل الحائر

 العرب اليوم -

الجيل الحائر

بقلم - محمود خليل

سياقات التعليم الجامعى ومعترك الحياة العملية التى انخرط فيها جيل الثمانينات -خلال هذه الحقبة نفسها- أدت به إلى سمة رابعة كان لها بالغ الأثر على أفراده.. وهى سمة الحيرة.

فى الجامعة تعلّم جيل الثمانينات على يد ثلاثة رؤوس وليس رأساً واحداً، جيل الأساتذة المخضرمين الذين ينتمون إلى العصرين الملكى والجمهورى، وجيل الستينات، وجيل السبعينات.

جيل المخضرمين من الأساتذة فى ذلك الوقت لم يكن يملك الطاقة التى تمكنه من التأثير، فعجلة العمر سارت بأفراده وباتوا فى طريقهم إلى الانسحاب، لكن ذلك لا يمنع من أنهم مثلوا الحافظة التى اختزنت بداخلها مجموعة القيم الاجتماعية الأصيلة. رأس المخضرمين كان يمثل رأس الحكمة الناتجة عن التجربة والوصول إلى مرحلة الانسحاب.

فى المقابل، كان هناك جيلان آخران من الأساتذة ساهما فى تكوين عقل جيل الثمانينات داخل الجامعات؛ أولهما جيل الستينات الذى انخرط فى حياته الجامعية والعملية خلال فترة حكم «عبدالناصر»، وعاشها بحلوها ومرها، وخيرها وشرها، وتلبس فى النهاية بروحها القومية أو اليسارية أو الناصرية عموماً. امتاز هذا الجيل بثقافته وتكوينه العلمى والفكرى الرصين، لكنه فى الوقت نفسه كان مغلوباً بالشعارات التى ظهرت فى أحضان الستينات، ومدفوعاً برفض كامل لكل ما حدث فى السبعينات، ونظرة متعجبة إلى «السادات» الذى استطاع أن يحقق النصر، فى وقت نال فيه الزعيم الذى يحبونه الهزيمة. استفاد جيل الثمانينات من هذا الجيل من الأساتذة كثيراً، لولا مخزون الشعارات ومنسوب التحيز المرتفع لديهم، والذى كان له تأثيره على بعض أفراد جيل الثمانينات ممن جلسوا أمامهم فى مدرجات الجامعة.

تعال بعد ذلك إلى الأساتذة من جيل السبعينات، وستجد أنهم تبنوا فكراً ورؤية مختلفة لجيل الستينات، نعم بدا بعضهم -فى أحوال- متأثراً بأفكار من الماضى، لكن تأثره بتحولات الواقع خلال عصر «السادات» كان أكبر. امتاز هذا الجيل بدرجة أعلى من العملية والحركية والاهتمام بالجوانب الإجرائية، وحاول أن يخرج من دائرة التنظير المسيطرة على جيل الستينات إلى مربع الإجراءات والممارسات الواقعية، لكن غلبة «الانتهازية» على تفكير بعض أفراده -والسبعينات كانت حقبة الانتهازية بامتياز- قللت من قيمة سعيه ونشاطه بسبب الغرام بالحصد السريع للنتائج دون تدقيق أو حتى اكتراث بالأدوات، فالمهم فى أغلب الأحوال تحقيق الهدف.

تسلمت هذه الرؤوس الثلاثة عقل ووجدان جيل الثمانينات وهو يجلس فى مدرجات الجامعة فأدخلته فى معادلة حيرة، جعلته جيلاً راقصاً على السلم بامتياز. فهو ليس إلى هؤلاء ولا إلى أولئك. قد تجد بعضاً من أفراده منحازين لجمهورية الشعارات والتنظير، لكن ذلك لا يعنى براءتهم من أحلام انتهازية تباغتهم من حين لآخر، ومنهم آخرون حاروا فى التناقض ما بين فكرتى «الانتهازية والحكمة»، فانفلتوا من الواقع وانسحبوا منه، وآووا إلى كهف الحكمة، مستذكرين ما سمعوه من جيل الأساتذة المخضرمين، لكن حكمتهم بدت أقرب إلى الشعارات والتنظيرات، لأن زنانة الواقع ما زالت تطن فى أذنهم.

جيل الثمانينات حائر بامتياز.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيل الحائر الجيل الحائر



شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:24 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
 العرب اليوم - هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق ميزة جديدة في غروك لتحليل منشورات منصة إكس

GMT 11:13 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سقوط الفاشر... هل يُكرر السيناريو الليبي؟

GMT 09:03 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية

GMT 11:10 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سرقة متحف اللوفر

GMT 11:21 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظ أفضل وراحة بال

GMT 08:18 2025 السبت ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث عن تفاصيل لقائه ترامب

GMT 11:17 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الجفاف يجتاح إيران وحرب مياه في أفق المنطقة

GMT 11:19 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

صوت الجندي المكتوم في قارورة بحرية!

GMT 08:42 2025 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار ميليسا يضرب جزر الكاريبي ويحصد 50 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab