الجمود والانسحاب

الجمود والانسحاب

الجمود والانسحاب

 العرب اليوم -

الجمود والانسحاب

بقلم: د. محمود خليل

مع مطلع العقد الأول من الألفية الجديدة كان مواليد الستينات يخطون نحو الأربعين من العمر، ويعيشون لحظة الإدراك الناضج للواقع من حولهم. كان جديراً بالمتصالحين مع الواقع من أبناء الثمانينات أن يبحثوا لأنفسهم عن فرص أكبر، من منطلق أن الدور جاء على جيلهم لتصدر المشهد، خصوصاً أن الجيل القديم أهلكته السنون ولم يعد قادراً على النهوض بالأعباء المنوطة به.. أما المتخاصمون من أبناء الجيل فكان عليهم أن يدركوا أنهم لن يأخذوا شيئاً من الواقع إلا إذا تغيرت الظروف الحاكمة له، وأغلب الشواهد تقول إن الظروف المحيطة تتجذر أكثر وتثبّت أركانه ليظل على ما هو عليه، لذا بدأ أغلبهم يفكر فى الانسحاب المبكر من المشهد.

هذا العقد يُعد من أغرب العقود التى عاشها جيل الثمانينات، سادته سمتان متناقضتان، الأولى هى الانسحاب، والثانية هى الجمود. فجمود العديد من القيادات فى مواقعها لمدد زمنية طويلة أدخلها فى مربع «القيادة الغائبة»، فهى موجودة على المستوى الرسمى، لكنها منسحبة على المستوى الفعلى، لأن القرار يُصنع خارجها، ويمرر فقط من خلالها.

طرف الانسحاب فى ثنائية «الانسحاب/ الجمود» ساهم فى إغراء قطاع من أبناء الثمانينات بوراثة الدور، وهو القطاع الذى كان يقبع على قمة هرم التركيبة البشرية لهذا الجيل المتصالح مع الواقع، وبدأ يخطط بشكل حثيث لمد قدمه بحيث تصل إلى الموقع وتزيح الساكن فيه وتحل محله، أما طرف الجمود فقد زاد فى يأس الشغيلة والقابعين عند قاعدة الهرم من تغير الأحوال أو تبدل الظروف الجامدة المتيبسة، فلم يكن أمامهم إلا الانسحاب المبكر من المشهد.

عندما يصبح اليأس مبرراً للانسحاب، فلك أن تتحدث عن حالة البؤس التى وصلت إليها نسبة لا بأس بها من جيل الثمانينات خلال العقد الأول من الألفية الجديدة وهم فى الأربعينات من عمرهم. ولا أجدنى بحاجة إلى تذكيرك بالدور الذى يلعبه البؤس فى تعميق حالة المخاصمة للواقع.

لم تسر الأمور على ما تشتهى نفوس المتصالحين مع الواقع من أبناء الجيل خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، بل تعقدت. فقد وجد هذا القطاع أماكن داخل قطار رجال الأعمال، وتمكنوا من حصد مكاسب مهولة لم يكن يتصورها أكثرهم تفاؤلاً، ينطبق ذلك على كل من ركب هذا القطار أياً كانت الدرجة التى ركب فيها، لكن لأن النفس طماعة، وما أقل من يستطيع إلزامها القناعة، فقد ظل الرابحون منغصين بسبب عجزهم عن الحصول على مواقع أخرى على مستوى صناعة القرار، لقد أرادوا السيطرة على كافة المواقع التى يتمركز فيها جيل العواجيز، وسبق طمعهم حساباتهم، ولم يتفهموا أن العجوز يتمسك بالحياة حتى آخر نفس، ولا يسهل عليه بحال التنازل عما يظن أنه حقه، وأنه حصل عليه بجهده، وليس من السهولة بمكان أن يجلس متفرجاً وهو يرى غيره ينقض عليه. فى سياق ذلك باءت محاولات الزحف «المناصبى» للطامحين من جيل الثمانينات بالفشل، فى وقت حققوا فيه الكثير على مستوى الاقتصاد.

أما قطاع المخاصمين من جيل الثمانينات، فقد حملت نهايات العقد بالنسبة لهم نذر تغيير، تأمل معها الكثيرون أن تتعدل الأحوال، وأن يجد الشغيلة أصحاب القدرات والطاقة مكاناً لأنفسهم فى الصفوف الأولى. لمعت الآمال أمام أعينهم للحظات، لكن سرعان ما انطفأت شعلتها مع مرور سنوات قليلة من العقد الثانى من الألفية الجديدة.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجمود والانسحاب الجمود والانسحاب



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:13 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

رياض محرز يسجل أسرع هدف في كأس أمم أفريقيا 2025

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 08:52 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

فايزر تعلن وفاة مريض وُضع تحت اختبار دواءهيمبافزي

GMT 09:40 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

وفاة لاعب كرة قدم وسط مباراة رسمية بسبب تميمة سحرية

GMT 08:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مسيرة إسرائيلية تستهدف وسط بلدة حولا جنوبي لبنان

GMT 19:52 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أحمد عبد الوهاب الابن الأصغر لموسيقار الأجيال

GMT 09:37 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

شهيدان بغارة إسرائيلية على حافلة في الهرمل شرقي لبنان

GMT 19:39 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قادة الأسد السابقون يحاولون استعادة نفوذهم في الساحل السوري

GMT 13:39 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

خبيرة أممية تحذر من ظروف احتجاز زوجة عمران خان

GMT 13:39 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بنيامين نتنياهو يتوعد «حماس» بعد إصابة ضابط بانفجار في رفح

GMT 08:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 3 عناصر مسلحة في اشتباكات مع الأمن السوري

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 3 أشخاص خلال اشتباكات مع الأمن السوري في ريف اللاذقية

GMT 23:45 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

خطة إسرائيل الضخمة للتسلح بقيمة 110 مليارات دولار

GMT 10:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

احتفلوا بقيصر وتنازلوا عن الجولان!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab