«الحسن» وطريق الإصلاح

«الحسن».. وطريق الإصلاح

«الحسن».. وطريق الإصلاح

 العرب اليوم -

«الحسن» وطريق الإصلاح

بقلم: د. محمود خليل

الحسن بن على بن أبى طالب من الشخصيات التى لم تحظ بما تستحقه من اهتمام من جانب كُتّاب التراث الإسلامى، ولا حتى الكُتّاب المحدثين، خلافاً، على سبيل المثال، لشقيقه «الحسين»، رضى الله تعالى عن السبطين.

فأمام كل سطر كُتب عن «الحسن» تجد عشرات، إن لم يكن مئات، الأسطر التى كُتبت عن «الحسين».

ربما كان السر فى ذلك طبيعة الدور الذى لعبه كل منهما، والتركيبة النفسية التى ميزت أحدهما عن الآخر خلال الصراع المحتدم بعد استشهاد أبيهما الخليفة الرابع على بن أبى طالب.تحرك «الحسن» فى هذا الصراع من أرضية مختلفة، فقد رأى أن يتنازل عن الخلافة التى آلت إليه لمعاوية بن أبى سفيان، حقناً لدماء المسلمين، بما يتسق مع شخصيته الإصلاحية الميّالة إلى تجنيب الناس الحرب، وما يترتب عليها من مآسٍ ومحن، فى حين تحرك «الحسين» بشخصية ثورية مثالية تحلم برسم صورة أكثر خيرية للعالم المحيط به، حتى ولو كان الطريق إلى ذلك محفوفاً بالأحزان والآلام.

كلاهما فى النهاية أدى دوره الذى هيّأته له الأقدار.ويبقى أن «استمرارية» الحسين بن على فى الوجدان الجمعى المسلم حتى اللحظة الحالية مرده توغل لحظة الألم التى انتهت بها حياته الشريفة بجذورها فى الأرض، لتنبت بعدها شجرة روتها أول ما روتها دماء العائلة النبوية، إنها الشجرة التى لم تزل تثمر العديد من الصراعات من جيل إلى جيل من المسلمين حتى اللحظة المعيشة.

لم يمنح التاريخ لشخصية الحسن الإصلاحية نفس المقدار من الاهتمام الذى منحه لشخصية الحسين الثورية، ويبدو أن المأساة الكبرى التى انتهت بها حياة الحسين، بما تمتلكه من قدرة على استثارة المخيلة الشعبية، وما عكسته من حلم قديم متجدد بإعادة رسم صورة العالم ليصبح أكثر عدلاً كانت السر وراء ذلك، فى حين تجد المعادلة الإصلاحية التى تبناها «الحسن» أقل قدرة على إلهاب خيال الناس، رغم أنها المعادلة السائدة فى الحياة، والتى تضطر كل الأطراف المتصارعة للرجوع إليها، مهما طال بها أمد الصراع.

عمر الحسين «الثائر» كان أطول من عمر «الحسن» المصلح، لا لشىء إلا لأن الثائر يملك «حلماً» يطارده الناس جيلاً بعد جيل، دون أن يحققوه أو ينعموا فى ظلاله ولو لبعض الوقت، أما المصلح فشخص يتحرك من أرض الواقع، إذ يجتهد فى فهم الظروف المحيطة به وتقييمها، ويحاول بعدها الوصول إلى حل وسط، يقدم فيه تنازلات حتى يدفع خصمه إلى التعامل بالمثل، لتهدأ الأوضاع بعدها.

كان يسمع تهجم من حوله عليه، وتسفيههم لخطوته، واتهامهم له بالضعف والاهتزاز والتردد فى مواجهة خصمه رغم امتلاكه جميع الأدوات التى تمكّنه من ذلك.

سمع ذلك وأكثر وهو حى يسعى بين الناس، ورغم ذلك، ورغم يقينه أيضاً بأن خصمه يتربص به ويتحيّن اللحظة التى يتخلص فيها منه، صمم على السير فى طريق الإصلاح، وحين مات على يد خصمه صعد إلى ربه راضياً بأن تكون حياته ثمناً لحقن دماء الآلاف من المسلمين، وحماية أطفالهم من اليتم، وأزواجهم من الترمل، وآبائهم وأمهاتهم من الحزن القاتل على أولادهم.

والسؤال: هل يمكن أن تجد نموذجاً للنبل أعظم من ذلك؟

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحسن» وطريق الإصلاح «الحسن» وطريق الإصلاح



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة
 العرب اليوم - واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة
 العرب اليوم - ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة

GMT 23:30 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

نيللي كريم ترد على شائعات ارتباطها بحارس مرمى شهير
 العرب اليوم - نيللي كريم ترد على شائعات ارتباطها بحارس مرمى شهير

GMT 23:06 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك
 العرب اليوم - راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 03:47 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف تأثير المشي في الوقاية من الزهايمر

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 20:17 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب

GMT 04:12 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروع أميركي لرفع اسم أحمد الشرع من قائمة عقوبات مجلس الأمن

GMT 05:01 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بأعلى درجات الجاهزية القتالية

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة

GMT 07:24 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات دبلوماسية أمام مشروع القوة الدولية في غزة

GMT 04:57 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مدفعية الاحتلال تقصف المياه اللبنانية قبالة الناقورة

GMT 04:49 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 6.2 يضرب إندونيسيا

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 05:19 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل شخصين بضربة أميركية استهدفت قارب مهربين في المحيط الهادئ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab