منبه لا يغفل وحسيب لا يهمل

منبه لا يغفل.. وحسيب لا يهمل

منبه لا يغفل.. وحسيب لا يهمل

 العرب اليوم -

منبه لا يغفل وحسيب لا يهمل

محمود خليل
بقلم - محمود خليل

كان الإمام محمد عبده شديد الاهتمام بقضايا المرأة، ويرى أن إصلاح أحوالها من خلال إعادة النظر فى الموروث الفقهى يعد البوابة الكبرى للإصلاح الاجتماعى، لذلك لم يهتم فقط بإعادة قراءة هذا الموروث فى ما يتعلق بمسألة الزواج ومفهومه وتعدّد الزوجات وجدواها فى الواقع المعاصر، بل امتد عقله إلى مسألة أخرى شديدة الحساسية تتعلق بـ«حجاب المرأة المسلمة»، فأشار فى مقال له بعنوان: «حجاب النساء من الجهة الدينية» إلى أن الحجاب عادة أكثر منه عبادة أو جزءاً من الأمور الشرعية، التى تنظم حركة المرأة فى المجتمع، ويقول فى ذلك: «لو أن فى الشريعة الإسلامية نصوصاً تقضى بالحجاب، على ما هو معروف الآن عند المسلمين، لوجب علىّ اجتناب البحث فيه، ولما كتبت حرفاً يخالف تلك النصوص، مهما كانت مضرة فى ظاهر الأمر، لأن الأوامر الإلهية يجب الإذعان لها دون مناقشة، لكننا لا نجد نصاً فى الشريعة يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة، وإنما هى عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم، فاستحسنوها، وأخذوا بها وبالغوا فيها، وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التى تمكنت فى الناس باسم الدين والدين منها براء». واستدل الإمام من آية غض البصر: «قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ» أن المرأة لم تكن محجوبة، وأن أعضاء من جسدها كانت تظهر على حسب العادة حينذاك، وهى الوجه والكفان والقدمان، ويتأكد هذا المعنى بمراجعة الآية الكريمة: «وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا». فمن حق المرأة أن تتحرك بين الناس وتكشف ما سمح لها الشرع بكشفه، كما أكد الإمام أن مسألة التبرقع أو التنقب ليست من الإسلام فى شىء، بناءً على الآيات القرآنية الكريمة.

الكثير من الأفكار التى طرحها الإمام محمد عبده فى كتاباته الاجتماعية تشهد على أنه لم يقف من التراث الفقهى موقف المسلّم به، بل موقف الناقد والمفنّد له، فقبل منه ما يتسق مع الفهم الصافى لآيات القرآن الكريم وما يتناغم مع روح العصر وتطوراته. ورغم احتفائه بالسلف الصالح من أعلام الصحابة إلا أن ذلك لم يعنِ بالنسبة له الانقياد غير المبصر لكل ما هو موروث، أو لفهم السالفين للنص القرآنى، لأنه كان يؤمن بالعصرنة بنفس درجة إيمانه بأفضلية الجيل الأول من المسلمين على ما لحق به من أجيال. ويرى أن كل جيل من المسلمين يتمتع بحقه الكامل فى الاجتهاد والإضافة. نظرة الشيخ الإمام إلى السلف كانت نظرة استلهام أكثر منها نظرة تبعية، كما كان الحال بالنسبة للشيخ محمد بن عبدالوهاب.

آمن الشيخ محمد عبده بالعقل، واعتبر إعماله وتشغيله الأداة الوحيدة للإصلاح الدينى والاجتماعى، وأن حكمة الله اقتضت أن يكون العقل هو العنصر الأهم فى حياة الإنسان، ويقول فى ذلك: «وكل الله بالعقل منبهاً لا يغفل، وحسيباً لا يهمل، وكالئاً لا ينام، يزعج الواقف، ويحث المتريث، ويمسك الواجف». والعقل فى نظر الشيخ أداة للنقد، وقد جعل الحق فى النقد حقاً أساسياً من حقوق الإنسان المسلم، واعتبر النقد أداة كبرى لتحسين الحياة ودفعها إلى الأمام، وقال فى ذلك: «لولا الانتقاد ما شب علم عن نشأته، ولا امتد ملك عن منبته، أترى لو أغفل العلماء نقد الآراء، وأهملوا البحث فى وجوه المزاعم، أكانت تتسع دائرة العلم؟ وتتجلى الحقائق للفهم؟ ويعلم من المحق ومن المبطل؟». هكذا آمن الإمام محمد عبده بالعقل والحق فى النقد وقدّم تجربة عملية شجاعة فى النقد الاجتماعى الهادف إلى الارتقاء بسلوك الفرد والجماعة بشكل يؤدى إلى تطوير الأمة.

arabstoday

GMT 02:32 2024 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

صدّام حسين: رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم!

GMT 00:43 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

الخسارة في السفارة وفي النظرية

GMT 01:41 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

«داعش» ليس أداة استخباراتية

GMT 01:44 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

الدولة اجتماعية ولو بمقدار

GMT 01:23 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

الاغترابُ: المفهومُ الفلسفي والواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منبه لا يغفل وحسيب لا يهمل منبه لا يغفل وحسيب لا يهمل



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:59 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
 العرب اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 09:17 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

دنيا سمير غانم تعود للسينما بـ«الجارادية»
 العرب اليوم - دنيا سمير غانم تعود للسينما بـ«الجارادية»

GMT 20:07 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

سماع دوي انفجار في رفح جنوب قطاع غزة

GMT 08:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

شهيد في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة جنوب لبنان

GMT 16:30 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

رئيس الإمارات يستقبل سلطان عمان في أبوظبي

GMT 10:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

219 مستوطنا إسرائيليا يقتحمون المسجد الأقصى

GMT 18:53 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

اعتقال 3 ألمان للاشتباه في تجسسهم لصالح الصين

GMT 10:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال خطير يضرب سواحل المكسيك على المحيط الهادئ

GMT 20:49 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

إصابة تامر ضيائي بجلطة مفاجئة

GMT 01:34 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab