27 «العنقاء» والساحر الصغير

(27).. «العنقاء» والساحر الصغير

(27).. «العنقاء» والساحر الصغير

 العرب اليوم -

27 «العنقاء» والساحر الصغير

بقلم - محمود خليل

كان «خالد» يجلس أمام شاشة التليفزيون، حين شاهد أحلام الأحمدى تقف تحت قبة المجلس الموقر تدافع عن إنشاء جامعات خاصة يلتحق بها أبناؤنا الذين لا يلحقون بقطار تنسيق الجامعات الحكومية، بدلاً من السفر إلى الخارج، وإنفاق مال المصريين خارج مصر، استندت فى كلامها إلى إحصائيات عن عدد الجامعات فى مصر منسوبة إلى عدد السكان، وقارنت الأوضاع لدينا بدول أخرى أقل منا فى السكان وأكثر منا فى عدد الجامعات.

تبسم «خالد» ضاحكاً من قولها وفصاحة اللسان وبلاغة الكلام الذى تغرد به «أحلام»، جال فى خاطره صورة حمدى السيد حين حدثه من سنين عن هذا النوع من الجامعات وكيف اعتبر الأمر نكتة، ها هى النكتة تتحقق على يد زوجته النائبة الوزيرة، ثم قفزت فى مخيلته صورة الهانم «جشم آفت» زوجة الخديو إسماعيل، حين كانت تدعو الأسر إلى إرسال بناتها للتعليم، والناس مترددة، تخاف من الدفع ببناتهن إلى التعليم. ترحّم على «محمد على» جد الخديو إسماعيل الذى جعل المجانية أساس التعليم عندما بدأ رحلته فى إنشاء المدارس، ورثى لحال الحفيد الذى آمن مثل جده بالتعليم، لكنه ورط نفسه فى ديون دفعت عراب التعليم فى زمانه «على باشا مبارك» إلى إبطال مبدأ المجانية الكاملة، وتكليف الأهالى بالإنفاق على تعليم أولادهم، وبادر بالفعل إلى إنشاء مدرستين بمصاريف شهرية.

الزمان يتغير، والأحوال تتبدل، وحرام الأمس بات حلالاً زلالاً اليوم. وها هى أحلام الأحمدى التى زحف العجز إلى خريطة وجهها فلم تعد أنثى عنكبوت أو حية بل «عنقاء» خرجت من رحم الأساطير تدعو إلى التعايش مع الزمن الجديد، باتت هى وهذا الساحر الصغير المسمى «الموبايل» أبرز ملامح الوقت. تعجب وهو يسمع عراكات أحفاده مع أبنائه لاقتناء هذا «الصغير»، واندهش حين وجد نفسه فى يوم غارقاً فى بحر من الرنات المتصارعة، يوم اجتمع الأخوان أسامة وعبدالعظيم وزوجتاهما وأولادهما على الإفطار ببيت العائلة فى أحد أيام رمضان.. جاءه «مازن» فى أحد الأيام يقول له:

- مازن: جدو.. عاوزك تقول لبابا يجيب لى موبايل جديد.. أنا داخل ثانوى ومن حقى جهاز حديث.

- خالد (ضاحكاً): وهل الجهاز الحديث مقرر عليكم فى الثانوى؟

- مازن: أنا ما بضحكش يا جدو.. الجهاز الحديث ممكن يتصل بالإنترنت.. دى شبكة كبيرة عليها كتب ودراسات.. عارف يا جدو.. كل كتب التاريخ اللى عاوزها ممكن تلاقيها عليها.

- خالد (باستغراب): ألاقيها إزاى.. معقول؟

- مازن: والله يا جدى.. خلاص إحنا فى زمن الموبايل.

- خالد: شىء خطير.. زمان عباس بن فرناس حلم بالطيران وفشل.. ومن بعده نجح الغرب.. وعفاريت الجن فى «ألف ليلة وليلة» كانت تنقل البشر فى لمح البصر.. بعدها الطائرات أصبحت حقيقة.. والراديو والتليفزيون كلها أحلام تحولت لحقيقة.

- مازن: وجهاز كشف الكدب.. فاكر يا جدى لما حكيت لى حكاية التنين اللى بيكشف الكداب فى حكايات «ألف ليلة وليلة».

- خالد: كل شىء يتغير من حولنا.. لكن يبقى عقلنا على ما هو عليه.. فضيلة الشيخ حكى لى أن الناس نظرت إلى الراديو عند اختراعه كعلامة من علامات الساعة.. قالوا «الحديد يتكلم».. لكن تعرف اختراع الراديو كان علامة على اقتراب ساعة زوال النظام الملكى.. مثل التليفزيون الذى كان علامة على نهاية عصر الاشتراكية.. يا ترى الموبايل.. هذا الساحر الصغير.. علامة على قرب ساعة من؟

بينما كان الساحر الصغير يزحف ويظهر فى يد الجميع ليعلن عن دخول المصريين عصر الاتصالات، كانت سوق العقارات هى الأخرى تنتعش، وتتمدد معها «مؤسسة الأحمدى» وتزيد تغولاً فى الواقع، فقد كان لها النصيب الأكبر من السوق بحكم المكانة التى تشغلها الوزيرة «خدامة الهانم الكبيرة». حاول «عبدالعظيم» ذات مرة أن يناور ويترك إدارة شركة الأدوية ليندلق إلى سوق العقارات أو يضع قدماً فى سوق الاتصالات، لكن «نجلاء» رفضت، وقالت له يومها: «لك حدود حركة يتوجب ألا تتجاوزها». تعشم «عبدالعظيم» أن ينال جائزة بعد أن باتت «نجلاء» تختزن ذكراً له فى أحشائها، لكن العنقاء الصغرى لم تمنحه الفرصة. لقد بدا الاثنان وكأنهما فى مباراة يحاول كل منهما فيها استغلال الآخر، لكن «نجلاء» كانت الأعلى كعباً فى كل المواجهات.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

27 «العنقاء» والساحر الصغير 27 «العنقاء» والساحر الصغير



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي

GMT 08:22 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

جيش الاحتلال يداهم منازل في قرية تل جنوب غرب نابلس

GMT 07:26 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق رسمي من نيجيريا على الضربة الأميركية

GMT 09:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يشارك جمهوره كواليس مسلسل «علي كلاي»
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab