رأس الفيل والترجمان المسكين

رأس الفيل.. والترجمان المسكين

رأس الفيل.. والترجمان المسكين

 العرب اليوم -

رأس الفيل والترجمان المسكين

بقلم: د. محمود خليل

يلتقط «آدم الصغير» نفساً عميقاً لأول مرة منذ عدة أيام.. يشعر ببعض الراحة.. لكن رأسه ما زال ثقيلاً. (لحظة صمت) ثم يقول فجأة: «أريد الخروج من هنا».. يأتيه صوت يشبه صوت أمه قائلاً: «لا مفر من البقاء».. يكرر: «أريد الخروج».. يسمع صوت «حسن الترجمان» يردد: «لا مفر من البقاء».. ثم صوت جده آدم الكبير: «لا مفر من البقاء حتى تكتمل التجربة.. سوف تأتى اللحظة التى تخرج فيها دون أن تندم كما حدث للترجمان».

أخذ «الترجمان» زوجته فى يده وسار بها إلى البيت الذى يضم الحمّال المسكين وزوجته المكلومة التى ولدت طفلاً برأس فيل. ولفرط دهشته فقد وجد الطفل فى يد الأهالى يتداولونه بينهم.. هرعت زوجته وخطفت الطفل وحملته بيديها وظلت تضحك إلى أن كاد يُغمى عليها.. تذكّر «الترجمان»، وهو ينظر إلى زوجته الضاحكة، ولده الصغير مصطفى الذى تركاه فى المنزل.. فانقبض قلبه بعنف.. وسبحان من أضحك وأبكى.

عاد حسن الترجمان إلى بيته فوجد العطفة صامتة صمت القبور.. ارتج قلبه.. فذلك لا يحدث إلا عندما يهجم عليها عسكر أو زعار ولصوص.. جرى نحو بيته فوجد بابه مفتوحاً.. فتش عن ولده الصغير مصطفى فوجده ملقى على الأرض يلهث لهاثاً يصل إلى حد الحشرجة.. أخذت الزوجة تلطم.. حاول إفاقته بكل الطرق.. لكن أمر الله نفذ وهمدت جثة الطفل.

لقد أحبكوا الطوق حول رقبته.. قرر المدير التركى «سليمان باشا» أن ينتقم لما ناله من تعنيف من الوالى، فاتفق مع البصاصين وشيخ الحارة والكاتب الذين اتهمهم «الترجمان» بالتزوير وتم جلدهم.. وأرشدهم المملوك عز الدين الألفى إلى طريقة الانتقام.. «الألفى» استخدم الجميع لعقد صفقته الكبرى من الحبوب التى باعها وفر.

وقبل أن يفر بالمال إلى الشام نصح البصاصين بمراقبة بيت «الترجمان» واستغلال أى فرصة يخرج فيها وزوجته ليقتلوا الطفل وينهبوا ماله الكثير الذى ربحه من عمله لدى الوالى والتجار.

اعتزل «الترجمان» الناس وجلس فى بيته حزيناً باكياً، يذكر ابنه «مصطفى» فيزيد نشيجه. تتهمه زوجته بأنه السبب فى قتل الطفل وضياع المال بعد أن أسرّت لها إحدى الجارات بما حدث ليلة الهجوم. تخبره بأنها قررت ترك البيت إلى الأبد وتطلب منه الطلاق.

يقوم «حسن» ويجمع ملابسه، وقبل أن يغادر يستجيب لطلبها ويطلقها، ويخرج هائماً على وجهه فى شوارع المحروسة.

لا يعرف إلى أين يسير؟.. يفكر فى العودة إلى المغرب، فيتذكر عظام أبيه، ثم ابنه الذى آواه تراب المحروسة فيبكى.

ثم يقول لنفسه «لا مفر من البقاء.. لعل الجرح يطيب».. «إن الله على كل شىء قدير».

- الشاب: جدك «الترجمان» هذا اختراع.. يترك بلده ويعيش فى مصر لأجل عظام أموات.. ويعانى تجربة قاسية يفقد فيها ابنه ثم يواصل الحياة.. إنه من كوكب آخر.

- الشيخ: مرور الأيام وتوالى الأوقات أنجح دواء لعلاج الأحزان.. الزمن قادر على تفتيت جبال الحزن مهما كانت عالية.. الزمن قادر على هزيمة الإنسان نفسه.- الشاب (ضاحكاً): إلا البصاصين.

- الشيخ: الطامعون فى الحياة هم الأكثر دهساً تحت عجلة الزمن.

 

arabstoday

GMT 11:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 10:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 10:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 10:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 04:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رأس الفيل والترجمان المسكين رأس الفيل والترجمان المسكين



GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب
 العرب اليوم - ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
 العرب اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
 العرب اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 19:40 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط في شمال قطاع غزة

GMT 08:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

إسرائيل تقصف مواقع لحزب الله بجنوب لبنان

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين في حادث سير بالجزائر

GMT 09:16 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حرائق في منشآت طاقة روسية بعد هجمات أوكرانية

GMT 18:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

أيهما أخطر؟

GMT 18:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

العرب واليونسكو

GMT 20:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مصر تنفي أي نقاش مع إسرائيل بشأن خطط اجتياح رفح
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab