اعتبرها عقدة نفسية

اعتبرها عقدة نفسية

اعتبرها عقدة نفسية

 العرب اليوم -

اعتبرها عقدة نفسية

بقلم: د. محمود خليل

تحكي رواية "زينب والعرش" للمبدع "فتحي غانم" عن "عبد الهادي النجار" رئيس تحرير جريدة "العصر الجديد"، وهو رجل ذو أصول ريفية، أبوه فلاح وأمه فلاحة، وقد استطاع من خلال اجتهاده وقدرته على التعلق بأهداب باشوات ما قبل الثورة أن يصل إلى موقع رئيس تحرير، وبعد الثورة لم يفقد دوره، إذ استطاع أن يتلون ليصبح رجلاً من رجال العهد الجديد، وواحد من ألد أعداء العهد البائد.

تلخص لك شخصية عبد الهادي النجار تلك المفارقة التي سادت فترة الستينات بين الأصول الريفية لأغلب رموزها ونظرة التعالي التي نظروا بها إلى أصلهم الريفي والمعبرين عن هذا الأصل، تماماً مثلما كان ينظر إليهم من قبل الباشوات الترك والجراكسة.

كان "عبد الهادي النجار" يفاخر أمام أهل السلطة بأنه "فلاح ابن فلاح ابن فلاحة"، وليس ابن باشا تركي أو جركسي، بل إنساناً مكافحاً وابناً لفقراء كادحين من أهل ريفنا الطيب، لكن أمره في الواقع كان عكس ذلك تماماً.

فأكثر ما كان يؤرقه هو أي زيارة يقوم بها أحد أفراد عائلته أو أهل قريته إليه، لدرجة أن العاملين في مكتبه كرئيس للتحرير كانوا إذا أرادوا أن يجعلوه يهرب من الجريدة يقولون له: "لقد لمحنا وفداً من فلاحي أهل بلدك في طريقه إليك".

سأله تلميذه "يوسف" ذات يوم: "لماذا تكره الفلاحين؟" فرد عليه: "أكرههم لأني أكره الفقر والجهل والمرض.. ألم تقرأ برنارد شو الذي وصف الفقراء بأنهم ألعن وأخبث شىء في الوجود.. مشوهون.. وإذا تعاملت معهم -يقصد الفلاحين- فستصبح مشوهاً مثلهم.. ولقد عشت بينهم زمناً.. ولكني نجوت بمعجزة.. ولن ألدغ من الفلاحين مرتين.. ولا تحدثني عن مسئولية المثقفين.. ودور السياسة وواجباتها نحو الشعب.. فكل هذا على عيني ورأسي.. وأنا مستعد أن أنشر قصائد غزل كل يوم في صدر الصفحة الأولى، ولكن أرجوك لا تطلب مني شخصياً أن أنال شرف التعامل معهم".

كان عبد الهادي فلاحاً ابن فلاح، لكن صلته انقطعت تماماً بقريته -مسقط رأسه- بعد وفاة أبيه وأمه، ولخص نظريته للتعامل مع الفلاحين لتلميذه يوسف قائلاً: "اعتبرني نصيراً للفلاحين ككاتب وكرجل مهتم بالسياسة إلى آخر هذا الكلام.. ولكن احترم حريتي الشخصية ولا تجعلني أختلط بهم.. اعتبرها عقدة نفسية يا أخي".

العبارة الأخيرة كانت عبارة حاسمة: "اعتبرها عقدة نفسية يا أخي"، لكن ما سبقها من عبارات تؤكد لك النهج الستيناتي في النظر إلى الفلاحين كرصيد سياسي، يمكن دغدغة مشاعره بأعظم الكلمات، وكيل مواويل المديح لهم "عمال على بطال"، بهدف تخزينهم ضمن رصيد الشعبية، لأنهم يمثلون القطاع الأكبر من أهل مصر، لكن يبقى "اللي في القلب في القلب".. وكأنها فعلاً عقدة نفسية.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتبرها عقدة نفسية اعتبرها عقدة نفسية



الملكات والأميرات والسيدات الأوائل يتألقن في أسبوع من الإطلالات الملوكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:57 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026
 العرب اليوم - نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026

GMT 04:58 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

هناك ما يمكن عمله ضد إسرائيل

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج​ اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 18:42 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 07:34 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

37 غارة إسرائيلية على غزة خلال 20 دقيقة

GMT 07:39 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

استشهاد 4 فلسطينيين في قصف منزل بحي الصبرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab