التعليم وسباق الاستهلاك

التعليم وسباق الاستهلاك

التعليم وسباق الاستهلاك

 العرب اليوم -

التعليم وسباق الاستهلاك

بقلم - محمود خليل

ثنائية التعليم المجانى والتعليم بمصروفات من الثنائيات الأساسية التى كانت ولم تزل تحكم الفكر التعليمى فى مصر. بدأ محمد على الرحلة بالمجانية، لكن خليفته على كرسى ولاية مصر، وهو ولده إبراهيم باشا، كان يرى غير ذلك، إذ تبنى فلسفة تقاسم التكلفة بين الحكومة والأهالى، فقد تنبه إلى النقلات الاجتماعية والاقتصادية التى أحدثها التعليم فى حياة العديد من الأسر المصرية التى كانت تشكو الضنك وتواضع الحال بعد أن تعلم أحد أبنائها.

يؤشر هذا التوجه إلى ميلاد نظرة خطيرة من جانب السلطة إلى التعليم، حين وجدت نفسها مضطرة إلى القيام بدورها على هذا المستوى، فبعد توسع قاعدة التعليم وزيادة عدد الملتحقين بالمدارس بدأت الدولة -حينذاك- تنظر إلى التعليم كعبء، بات ذلك واضحاً فى توجه الوالى إبراهيم الذى تبنى نظرية إشراك الأهالى فى تحمُّل تكلفة تعليم أولادهم، وأخذ شكلاً عملياً فى عصرى عباس وسعيد، ولم يسمح الاثنان بالتعليم إلا فى إطار ما تطيقه الدولة، فتراجع مساره خلال عهديهما كثيراً، حتى جاء الدور فى الحكم على الخديو إسماعيل الذى أحيا نظرية أبيه إبراهيم فى تحميل الأهالى تكاليف تعليم أبنائهم، فعرفت مصر فى عصره المدارس الخاصة، وبدأت الظاهرة فى التوسع، حتى بات التعليم حكراً على الأسر التى تملك المال، ولم يعد للفقراء من وسيلة لدخول المدرسة سوى التفوق، ليحصلوا على منحة كاملة أو نصف منحة، تبعاً لدرجة التفوق.

منذ عصر إسماعيل وحتى الآن وهناك «خناقة» كبيرة مشتعلة حول المجانية والتعليم بمصروفات، فالحكومات تريد أن تحمِّل الأهالى التكلفة، والأهالى يرون أن المجانية باتت حقاً مكتسباً منذ قيام ثورة يوليو 1952. وفى خضم هذه الخناقة لم يلتفت كثير من أفراد الشعب إلى تراجع قيمة الشهادة بدءاً من الثلاثينات وحتى الآن، إذ لم تعد فى بعض الأحوال أداة للصعود الاجتماعى والاقتصادى كما كانت فى البدء. الجدوى الأخطر للشهادة ظهرت عقب تفجر البترول فى الخليج، حين أتيح لحَمَلة الشهادات فرص السفر والعمل، وباتوا منذ ذلك الحين مصدراً مهماً للعملة الصعبة التى توافرت للحكومات المتعاقبة، وظل الأمر داخلياً على ما هو عليه، وشهد المزيد من التراجع فى جدوى الشهادات، مقابل تمسك محموم من جانب الناس بها، حتى ولو دفعوا فى ذلك آخر مليم فى جيوبهم.

الولع بالشهادة الخالية من التعليم الحقيقى، والمدرسة والجامعة التى باتت مجرد مكان لمنحها، وحسابات التكلفة التى أصبحت تسبق الجودة، كل ذلك أدى إلى ارتدادات لا حصر لها على المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بل والسياسية أيضاً. فقد بات خريجو المدارس والجامعات أقل وعياً وأكثر استعداداً لقبول أفكار من خارج العصر، وأحياناً من خارج العقل، واختلت أوضاع الطبقة الوسطى وسيطرت عليها الأخلاقيات الاستهلاكية، وأهلكها السباق على هذا المستوى ذهنياً ونفسياً، وكان الأصل فيه عدم تمكن قيمة العلم من النفوس قدر ما تمكنت قيمة «الشهادة» ونوعها «مصرية أم أجنبية» و«مستوى المدرسة» و«الدروس الخصوصية»، لقد انتقلنا خطوة أخطر أصبح فيها التعليم مظهراً من مظاهر الاستهلاك، ومع ارتباط فكرة الشهادة بالمجتمعات المولعة بالكلام، أصبح المتكلمون -حتى لو كانوا غير حاصلين على شهادات- أقدر على الربح، وقد أثار ذلك أوجاع أصحاب الشهادات، خصوصاً من أفراد الطبقة الوسطى، وهم يسمعون عن أرباح المتكلمين من فنانين وإعلاميين، ووصل قطار الخناق أخيراً إلى «مطربى المهرجانات»!.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعليم وسباق الاستهلاك التعليم وسباق الاستهلاك



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 00:27 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
 العرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 20:17 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب
 العرب اليوم - بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
 العرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 06:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إنقاذ السودان تأخر كثيرا

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:03 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 30 امرأة بمسيرة استهدفت "تجمع عزاء" شرق الأبيض بالسودان

GMT 06:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 03:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تطرح مشروع قوة في غزة بإشراف إسرائيلي

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 06:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ظاهرة فاروق حسنى!

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء ديكور يكشفون عن 5 ألوان يجب تجنّبها في خزائن المطبخ

GMT 17:35 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد قوة الرضوان في حزب الله

GMT 09:51 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة الممثلة الأميركية ديان لاد عن 89 عامًا

GMT 13:47 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحزاب ليست دكاكينَ ولا شللية

GMT 18:36 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام شاهين تكشف حقيقة خلافها مع لبلبة بطريقتها الخاصة

GMT 09:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرع 3 مواطنين مصريين بصواعق رعدية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab