الراشد الخامس

الراشد الخامس

الراشد الخامس

 العرب اليوم -

الراشد الخامس

محمود خليل
بقلم - محمود خليل

ما إن فرغ الحسن بن علي من الصلاة على أبيه وإكرامه بالدفن، حتى تقدم قيس بن سعد بن عبادة إليه ومد يده له يبايعه خليفة جديدا للمسلمين.

الموقف كان مذهلاً للرجل، فهو أولاً يعاني أشد الحزن على أبيه الراحل، وفي الوقت نفسه يخشى مآلات الأمر، وهو العقل الذي لا يتوقف عن الحساب السياسي، ويعلم أن الأمور أفلتت تماماً.

سكت "الحسن" ولم يعد يسمع الأصوات التي تردد نص البيعة له، ولم يشعر بالأيادي التي تمتد إليه لمبايعته، وإن هي إلا لحظات حتى وجد نفسه خليفة خامسا للمسلمين، بعد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي. جملة وحيدة رددها "الحسن" أمام الجميع، حملت شرطه لقبول البيعة، قال فيها: "البيعة على حرب من حاربت ومسالمة من سالمت".

بايع أغلب الناس دون أن يتفكروا ملياً في الجملة التي كان يرسم بها "الحسن" سياسته القادمة، والمرتكنة إلى القراءة الدقيقة للمشهد الذي انتهى إليه المسلمون.

كانت سياسته ترتكز على فكرة الحرب المركزة الخاطفة لأهل الشام، بحيث تحسم المعركة في أقصر وقت، وبأقل خسائر، وإن لم تفلح هذه الخطوة في حسم الأمر وتحقيق الاستقرار، فلا سبيل أمامه إلا التنازل ومسالمة معاوية، حقناً لدماء المسلمين.

بدأ الحسن الترتيب للحرب الخاطفة، وأعد جيشاً كبيراً، جعل على مقدمته تحت قيادة قيس بن سعد بن عبادة، وسار في أثره مع مجموعة ضخمة من المقاتلين قاصداً الشام، لقتال معاوية وجنوده.

وبينما كان الجيش يسير حدثت واقعة شديدة الغرابة، إذ فوجئ الناس بمن يصرخ: قُتل سعد بن عبادة.

كان الوقت ليلا، فاضطرب الجنود أشد الاضطراب، وتصوروا أن جيش الشام باغتهم وهجم عليهم، فأخذوا يضربون بعضهم البعض، وينتهبون أمتعة بعضهم البعض، إلى حد أن وصلوا إلى سرادق "الحسن"، وطعنه بعضهم دون أن يتبين شخصيته، وأصيب بعدة جروح.

والأخطر من ذلك أن البعض فكر في تقييده وتسليمه إلى "معاوية" مقابل المال، لولا أن قبح الآخرون مقترحه، ولم يتصوروا أن يفكر أحد في تسليم سبط رسول الله إلى خصمه.

أصاب هذا الموقف "الحسن" بحزن شديد، وتبينت له كل الأمور.

فالفرقة وتضارب المصالح هو الخيط الجامع لمن تحلقوا من حوله.

وليس بمثل هؤلاء تتحقق الأهداف، أو يمكن لقائد أن يخوض معركة حاسمة.

قرر "الحسن" الخروج من المشهد برمته والتصالح مع معاوية بن أبي سفيان على التنازل له عن الإمرة.

قرار تنازل "الحسن" عن الخلافة لمعاوية وتصالح الأخير معه على ذلك، يدلل على أن "الحسن" هو الخليفة الراشد الخامس، وأن معاوية حتى لحظة التنازل كان مجرد والى على الشام، وتتعجب وأنت تلاحظ ما يصر عليه المؤرخون من نعت عمر بن عبد العزيز بالخليفة الراشد الخامس، وكأنها محاولة لطمس دور سبط رسول الله في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ المسلمين، وغبنه في موقع تبوأه عن جدارة، ووصف كان أحق الناس به، وهو وصف الخليفة الراشد الخامس.

لا يستطيع أحد أن يقلل من تميز تجربة عمر بن عبد العزيز في الخلافة، واحتكامها إلى قاعدة الحكم الرشيد، لكن ذلك لا يعني بحال طمس دور الحسن بن علي كخليفة راشد خامس، تولى أمر المسلمين في لحظة شديدة الحرج، وامتلك شجاعة التضحية وتحمل رذالات الآخرين وهو يتخذ قرار التنازل عنها.

خلافة الحسن بن علي امتدت لحوالي ستة أشهر، حتى تنازل عنها لمعاوية سنة 40 من الهجرة

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الراشد الخامس الراشد الخامس



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة
 العرب اليوم - واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة
 العرب اليوم - ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة

GMT 00:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا
 العرب اليوم - أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 03:47 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف تأثير المشي في الوقاية من الزهايمر

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 20:17 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب

GMT 04:12 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروع أميركي لرفع اسم أحمد الشرع من قائمة عقوبات مجلس الأمن

GMT 05:01 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بأعلى درجات الجاهزية القتالية

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة

GMT 07:24 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات دبلوماسية أمام مشروع القوة الدولية في غزة

GMT 04:57 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مدفعية الاحتلال تقصف المياه اللبنانية قبالة الناقورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab