على غير العادة وقبل مرور عام على الولاية الثانية للرئيس دونالد ترمب، ينفلش الحديث عمن يخلفه، وتتبارى مؤسسات استطلاع الرأي في تقديم قراءات مستقبلية عن سيد البيت الأبيض القادم.
في الأيام القليلة الفائتة انطلقت تسريبات، حول الرئيس الأميركي القادم، مصدرها أحد أعضاء إدارة ترمب المقربين، وزير خارجيته ومستشار الأمن القومي في الوقت عينه، مارك روبيو.
عبر مجلة «بولتيكو» الأميركية، سرب أحد المقربين من روبيو، وبشكل سري، ما يفيد باستعداد الحزب الجمهوري في الوقت الحاضر، لإبداء الدعم الكافي لترشيح نائب الرئيس جي دي فانس إلى الرئاسة المقبلة بعد نحو ثلاثة أعوام.ولعله من المثير أن ترمب نفسه، في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم، وعلى متن الطائرة الرئاسية، وحين سئل عن المرشحين للمنصب من بعده، ذكر اسم فانس وروبيو، مضيفاً: «لست متأكداً مما إذا كان أي شخص سيترشح ضدهما. أعتقد أنه لو شكلا مجموعة انتخابية يوماً ما، فسيكون من الصعب إيقافهما».
هل يتعدى الأمر مجرد مسألة التوقعات، إلى حيز بلورة واقع استشرافي قادم عما قريب؟
غالب الظن أن هناك حراكاً كبيراً يجري داخل تيار «جعل أميركا عظيمة مرة ثانية» MAGA يهدف إلى قطع الطريق على أي توجه مناوئ داخل الحزب الجمهوري، للدفع بمرشحين من خليفة آيديولوجية أخرى، لا سيما رون دي سانتس حاكم ولاية فلوريدا.
على أن هناك أمراً آخر بدأ يزعج الجمهوريين عموماً، ونعني به الصحوة الديمقراطية التي تجلت في انتخابات الثلاثاء، الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، التي أفرزت عدداً من الوجوه الجديدة من بين الديمقراطيين، وقرعت أجراس الإنذار لما يمكن أن تمضي به المقادير في انتخابات التجديد النصفي، بعد نحو عام من الآن.
تبدو الكيمياء بين فانس وروبيو ممتازة بالفعل وتسمح ببناء فريق قوي لتذكرة انتخابية رئاسية مقبلة، فقد عدّ روبيو فانس في حديثه لشبكة «فوكس نيوز»: «مرشحاً رائعاً للرئاسة المقبلة»، فيما أشار فانس إلى روبيو بأنه «أفضل صديق لي في الإدارة»، ومعروف أنهما يتشاركان حب الحلويات ويتبادلان النكات.
هل جاءت استطلاعات الرأي لتفتح المجال واسعاً أمام فرصة رئاسة حقيقية لدي فانس؟
في سبتمبر (أيلول) المنصرم، أجرت مؤسسة «يوغوف» استطلاعاً للرأي صوت فيه الجمهوريون والمستقلون ذوو الميول الجمهورية بنسبة 65 في المائة لصالح جي دي فانس، بينما حصل روبيو على 33 في المائة.
وفي استطلاع آخر أجرته مؤسسة «سنتر سكوير»، في أكتوبر الماضي، قال 38 في المائة من الجمهوريين إنه لو عقدت الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الوقت الحاضر، فسيصوتون لفانس، بينما لم يؤيد روبيو سوى 4 في المائة.
تفتح النسبة الصغيرة هذه لوزير الخارجية الباب أمام قصة أخرى، تبدو خجولة في الوقت الراهن، لكنها تنمو بقوة وبشكل احترافي وراء الأكمة، وتستدعي أحاديث العائلات الرئاسية التي عرفها البيت الأبيض قبل عقود... ما الذي نعنيه بذلك؟
باختصار، بدا اسم دونالد ترمب جونيور، أو الابن، يظهر في قوائم استطلاعات الرأي بوصفه مرشحاً محتملاً لرئاسة 2028.
ترمب الابن، وعلى الرغم من أنه لم يتقلد أي منصب سياسي في الداخل الأميركي، فإنه لعب دوراً محورياً في فوز والده في انتخابات الرئاسة 2016، و2020، كما لم يغب من سماوات أحداث الفوز الكبير في 2024، وإن كان أخوه الأصغر بارون، قد شكّل جبهة الفوز عبر وسائط التواصل الاجتماعي، والتعاطي مع أجيال الشباب الأميركي الصاعدة لا سيما «جيل Z».
في استطلاع «يوغوف» الأخير، حصل ترمب الابن على 37 في المائة من أصوات المستطلعة آراؤهم، بينما في استطلاع سنتر سكوير، حظي بشعبية مضاعفة بين الناخبين الجمهوريين مقارنة بالمستقلين. فقد اختاره 26 في المائة من الناخبين، بينما بدا هو وفانس متساويين في الشعبية بين الحاصلين على تعليم جامعي، بنسبة 33 في المائة لكل منهما.
أما المفاجأة الكبرى، فقد حقق ترمب الابن نتائج أفضل قليلاً من نائب الرئيس بين الهسبانيين والسود، 23 في المائة -21 في المائة، مقابل 19 في المائة و18 في المائة لفانس على التوالي، فيما كان الأوفر حظاً بين الفئة العمرية الأصغر سناً، حيث استحوذ على ما يقرب من 40 في المائة من المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و44 عاماً. كما بدا أكثر شعبية بين الناخبين الذكور والأسر ذات الدخل المرتفع التي يزيد دخلها على 100 ألف دولار.
هل كان قرار الرئيس ترمب بالتراجع عن فكرة الترشح لولاية ثالثة، بحجة عدم دستوريتها، باباً موارباً لترمب جونيور، ولو بتذكرة رئاسية يكون فيها جي دي فانس اليوم مرشحاً رئاسياً وغداً نائباً؟
أهلاً بكم في مهرجان الرئاسة الأميركية 2028 المبكر جداً.