برلين وزمن أفول إردوغان

برلين... وزمن أفول إردوغان

برلين... وزمن أفول إردوغان

 العرب اليوم -

برلين وزمن أفول إردوغان

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

هل استعلن زمن أفول «السلطان» إردوغان، غداة لقاء برلين الأحد الماضي؟

العين تغنيك عن أن تطلب الأثر أحياناً، والصورة في أحايين أخر تضحى مفاعليها أقوى من ألف كلمة، وإردوغان المعزول وحيداً على طاولة التفاوض، في حين ميركل والسيسي وبوتين وماكرون وكونتي، يتحلقون من حول بعضهم البعض، صورة توضح استحقاقات برلين بالنسبة لتركيا.

كان من الطبيعي أن ينسحب إردوغان قبل انتهاء المؤتمر، وقد بدت ملامح الغضب المكتوم بادية على وجهه، ناطقة بما على لسانه، معبرة عن الشر المجاني الذي يحمله للعالم، بوصفه مرسالاً لـ«سر الإثم».

في لقاء الأحد تبدى للجميع أن إردوغان أضحى، وكما يقال في اللغة اللاتينية contra mundum، عدو العالم، الدول القطبية الكبرى، والإقليمية الصغرى كما الحال مع قبرص، غير أن عداءه لن يطول، سيما أن مقررات برلين جعلت وجهه للحائط حين حسمت المشهد عبر الاتفاق بالإجماع على رفض التدخلات الخارجية، واحترام حظر توريد الأسلحة، ووقف إطلاق النار عطفاً على دمج الفصائل الليبية.

يحلم إردوغان بجعل ليبيا سوريا أخرى، وطرابلس حلب جديدة، لكن يفوته أن المجتمع الدولي لن يلدغ من جحر أنقرة مرتين، وبخاصة بعد أن اتضحت خطته لابتزاز أوروبا.

يفاخر إردوغان بأن إرث أجداده هناك على الأراضي الليبية وأن الليبيين هم الذين استجلبوه، ويتناسى أن أسلافه أياديهم ملوثة بدماء الليبيين كما الحال في مذبحة الجوازي في برقة، حيث قتلوا منهم عشرة آلاف في يوم واحد.

لا خير يحمله الأشرار أبداً، وقد خانت إردوغان كلماته أكثر من مرة مؤخراً عندما ربط بين وجوده في ليبيا وبين حصوله على نصيب من كعكة غاز المتوسط، وعليه تضحى ليبيا والليبيون موطئ قدم للمكايدة السياسية القائمة والقادمة مع أوروبا الواقفة له بالمرصاد، لا سيما فرنسا التي تحدث رئيسها ماكرون على نحو مباشر صريح وغير مريح بالقول إنه حان الوقت للكف عن إرسال المرتزقة إلى ليبيا، الأمر الذي كرره بوريس جونسون رجل بريطانيا القوي، الذي طالب الوكلاء الخارجيين بالكف عن التدخل في الحرب الدائرة على الأراضي الليبية.

لم يقصر ووزير الخارجية الأميركي بومبيو في الانضمام إلى جوقة المعربين عن القلق من القوات الأجنبية في أراضي ليبيا المتألمة، وكذلك فعل الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، وبات السؤال الجوهري والمحوري «ماذا سيكون من أمر هذه القوى الكبرى الفاعلة أممياً حال عدم التزام إردوغان بمقررات برلين، ومضى سادراً في غيه مستمراً في إرسال أسلحته وميليشياته لجهة السراج؟
لم تعد القضية أمن ليبيا القومي، ولا أمن جوارها الإقليمي العربي بعد أن أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن 17 مقاتلاً من الفصائل الموالية لأنقرة ممن نقلوا إلى ليبيا، قد عمدوا منذ البداية إلى الذهاب لطرابلس لتكون جسراً للعبور نحو إيطاليا، وبالفعل ما أن وصلوا إلى هناك حتى تخلوا عن سلاحهم، وتوجهوا إليها، كما أن قسماً منهم توجه إلى الجزائر على أن تكون بوابة الخروج إلى أوروبا.

المشهد ليس ابتزازاً لأوروبا بل إعلان حرب الإرهاب عليها، وهو ما هدد به إردوغان من قبل عبر فتح حدوده مباشرة مع أوروبا والآن يقترب أكثر جغرافياً ما يقض مضاجع الأوروبيين..
لا يغفل أي محلل سياسي أن لقاء برلين أحدث إزاحة أولية للسراج وأنصار إردوغان في طرابلس، وذلك من خلال خطة الأمم المتحدة لليبيا بشكل عام، تلك التي تعيد النظر في حكومة الوفاق التي اهترأت شرعيتها بعد تحالفاتها مع تركيا، وأضحت فكرة منتدى للحوار السياسي الليبي قريبة جداً زمنياً، وربما مع نهاية يناير (كانون الثاني) الجاري.

عما قريب سيفقد إردوغان حليفه السراج، وعلى جانب آخر تدب الحمية والحماس الوطنيان في قبائل ليبيا الأبية كما جرى مع شيوخ منطقة برقة، حيث أعلن اتحادهم هناك أن الموانئ النفطية المغلقة في ليبيا لن يعاد فتحها لتصدير النفط إلا بعد سحب قوات ما سمته «الغزو العثماني» من ليبيا، وقبل خروج آخر مرتزقه سوري وجندي عثمانلي.

بات الخطر الإردوغاني حقيقياً بمحاصرته، وخطة «مرسال الإثم» واضحة وجلية؛ الانتقام من أوروبا والسيطرة على النفط والغاز الليبيين، وتالياً فتح الشؤاطئ الليبية أمام جحافل الأفارقة القاصدين أوروبا لتسقط القارة العجوز في أقل من ستة أشهر، كما سقطت روما القديمة من جراء زحف قبائل القوط.

لا توفر نوايا إردوغان المتوهم إصابة الولايات المتحدة في مقتل عبر التحالف السري تارة والعلني تارة أخرى مع إيران، والتخطيط معاً لإرسال ميليشيات موالية لطهران ضمن الإرهابيين الذين يرسلهم يومياً.

خامنئي سيجد في إردوغان حليفاً مؤقتاً يمكن التنسيق معه من إزعاج أوروبا التي أشهرت سيف آلية فض المنازعات تجاه الاتفاق النووي مع طهران، ولاحقاً تجد واشنطن مصالحها مهددة في منطقة المتوسط من البر والبحر.

إردوغان أحكم شد الحبل من حول رقبته، ومع أقرب خط ستكون قارعته المأساوية، وإن لم يستيقظ الأتراك ستنجر بلادهم من ورائه.
الخلاصة... هذا زمن أفول «السلطان إردوغان».

 

arabstoday

GMT 02:32 2024 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

صدّام حسين: رُبّ قومٍ ذهبوا إلى قوم!

GMT 00:43 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

الخسارة في السفارة وفي النظرية

GMT 01:41 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

«داعش» ليس أداة استخباراتية

GMT 01:44 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

الدولة اجتماعية ولو بمقدار

GMT 01:23 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

الاغترابُ: المفهومُ الفلسفي والواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

برلين وزمن أفول إردوغان برلين وزمن أفول إردوغان



بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
 العرب اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 14:16 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
 العرب اليوم - "فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

سقوط صواريخ على جبل ميرون في الجليل الأعلى

GMT 20:20 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

مقتل وإصابة 3 أشخاص في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 15:21 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

يسرا تكشف موقفها من دراما رمضان المقبل

GMT 00:24 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الجيش الأميركي يشتبك مع مسيّرتين للحوثي في اليمن

GMT 20:02 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

نيران ضخمة تلتهم مبنى بورصة كوبنهاغن التاريخي

GMT 23:57 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

الإمارات تشهد أكبر كميات أمطار خلال 75 عاماً

GMT 01:05 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

سقوط 6 صواريخ على شمال إسرائيل دون إصابات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab