القيادة العالمية وزمن «الباكسا الصينية»

القيادة العالمية وزمن «الباكسا الصينية»

القيادة العالمية وزمن «الباكسا الصينية»

 العرب اليوم -

القيادة العالمية وزمن «الباكسا الصينية»

بقلم:إميل أمين

هل يعاني عالمنا المعاصر أزمة حقيقية في القيادات العالمية؟ ما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عن نيته فرض رسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة على الدول المنتمية لمنظمة «البريكس» بعد قمتها الأخيرة في البرازيل الأيام القليلة الفائتة، يجعلنا نتساءل: هل قيادة عالمنا المعاصر تجري برسم التعاون من أجل استنقاذ البشرية، أم التناحر إمعاناً في هلاكها - لا قدر الله؟

هذا التساؤل يضعنا في حقيقة الأمر أمام أزمة «الباكسا أميركانا»، بنوع خاص، أو زمن السلام الأميركي، والذي لطالما تحدثنا عنه، وكتبنا بشأنه، منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، وانفراد الولايات المتحدة بقطبية المسكونة وساكنيها.

في حاضرات أيامنا هناك من يتساءل هل هناك «باكسا صينية»، أي هل يمكن أن يعرف العالم زمناً تبسط فيه الصين نفوذها على الكرة الأرضية، لا سيما بعد أن بدا السلام الأميركي يتوارى، مخفقاً في خلق يوتوبيا أرضية جديدة، وهو ما يقطع به الكثير من المراقبين لواقعية السياسة الخارجية الأميركية، في زمن الرئيس ترمب، حيث أميركا أولاً وأخيراً؟

لم يعد خافياً على أحد أن الرئيس الصيني شي جينبينغ، يطمح قولاً وفعلاً إلى إعادة هيكلة العالم، فهو يريد تفكيك شبكة تحالفات واشنطن وتطهير الهيئات الدولية مما يصفه بالقيم الغربية، ويرغب في إطاحة الدولار الأميركي وإسقاطه من عليائه، عطفاً على تقليص سيطرة واشنطن الخانقة على التكنولوجيا الحيوية.

لا يبدو المشهد مغايراً أو مختلفاً عن سعي الأقطاب الصاعدة كافة عبر التاريخ، وهو ما فعلته أميركا عينها، بعد الحرب العالمية الثانية، حين أزاحت بريطانيا عن القمة في العالم القديم.

شي جينبينغ، وبما يتوافر له من مقدرات، يتطلع لنظام عالمي جديد، أو «باكسا صينية»، ترتكز فيها المؤسسات العالمية على المفاهيم الكونفوشيوسية الصينية، لا الأرسطية الغربية، والتي يظهر منها بنوع خاص على سطح الأحداث، الأمن المشترك، والتنمية الاقتصادية، والمبادئ الصينية حول الحقوق والسياسات التي ترسمها الدولة، بالإضافة إلى التكنولوجيا الصينية، وباختصار، لن تضطر الصين بعد الآن إلى النضال من أجل الزعامة، بل ستضمن دوراً عالمياً محورياً، لاستعلان زمن قطبيتها المنفردة بدورها.

يبدو مصطلح «الباكسا الصينية» في واقع الأمر، عنواناً يكاد يطلقه الرئيس الصيني، حيث يرى بلاده دولة واثقة من نفسها، منفتحة وشاملة، أنشأت أكبر منصة للتعاون الدولي في العالم (البريكس)، ومهدت الطريق أمام إصلاح النظام الدولي.

والشاهد، أن مفهوم الصين للنظام العالمي الجديد، يضع في الحسبان مجتمعاً ذا مستقبل مشترك للبشرية، يقوم على أربع ركائز: «مبادرة الحزام والطريق»، «مبادرة التنمية العالمية»، «مبادرة الأمن العالمي»، و«مبادرة الحضارة العالمية».

لكن، هل يصدق العالم الصين ورؤيتها لزمن سلامها الأممي بديلاً عن الأميركي؟

الثابت، أنه رغم المسافات والمساقات الجديدة التي تقتطعها الصين من حيز النفوذ الأميركي، فإنها تبدو بعيدة عن مقدرات القيادة العالمية.

في الواقع يقيم عدد كبير من جيران الصين علاقات أوثق مع واشنطن، بل إن روسيا - بوتين، بدورها، تتطلع إلى تهدئة ولو مرحلية مع واشنطن - ترمب، على أمل حلول أزمنة الوفاق مرة جديدة.

لا يبدو الاقتصاد الصيني كاسحاً، والكثير من خطط الصين الاقتصادية تفشل أو تأتي بنتائج عكسية. وفيما يبدو الرئيس الصيني راضياً عن أسلوب دبلوماسية الذئب المحارب، القائمة على المواجهة، فإن هذا النهج لم يكسب سوى عدد قليل من الأصدقاء على الساحة الدولية.

لا يعني القصور الصيني، أن هناك مستقبلاً لـ«الباكسا أميركانا»، والتي تحتاج إلى معالجة التدهور الواضح الذي تواجهه سياساتها الخارجية، من جراء رؤى انعزالية، تميل إلى القطع بأن صناعتها وشعبها في حاجة إلى الحماية والمساعدة من خلال التعريفات القاسية على بقية شعوب العالم، وقطع المساعدات الدولية، والانسحاب من الاتفاقيات المناخية، ولو أدى ذلك إلى انفجار إيكولوجي يذهب بالكوكب الأزرق.

من حيث القوة العسكرية، تمضي واشنطن في طريق موازنة تريليونية للبنتاغون، وعلى صعيد العلوم والتكنولوجيا هناك تسع من أكبر عشر شركات تكنولوجية حول العالم أميركية، وسياسياً لا تزال مالئة الدنيا وشاغلة الناس.

لكن، ماذا عن قوة أميركا الناعمة ونموذجها في أعين شعوب العالم؟ وهل الأخلاق لا تزال تهم كما تساءل حكيم أميركا الراحل مؤخراً جوزيف ناي رجل القوة الناعمة؟

يؤمن سيد البيت الأبيض بأنه من الأفضل أن يكون مرهوباً عن أن يكون محبوباً... تلميذ نجيب لمكيافيللي... لكن ذلك لا يصنع قادة عالميين، ولا يبسط «باكسا أميركية».

 

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القيادة العالمية وزمن «الباكسا الصينية» القيادة العالمية وزمن «الباكسا الصينية»



البدلة النسائية أناقة انتقالية بتوقيع النجمات

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:05 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

شيرين عبد الوهاب أمام القضاء بتهمة السبّ والقذف

GMT 03:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 06 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab