ميرتس بين مطرقة بوتين وسندان ترمب

ميرتس... بين مطرقة بوتين وسندان ترمب

ميرتس... بين مطرقة بوتين وسندان ترمب

 العرب اليوم -

ميرتس بين مطرقة بوتين وسندان ترمب

بقلم : إميل أمين

هل تبدو ألمانيا دولة في أزمة في الآونة الأخيرة؟ وهل سيقدّر لمستشارها الجديد، فريدريش ميرتس، زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أن يخرج بها من عمق الهوة التي تعيشها، ويكتب تاريخاً جديداً لبلاده، ليدخل بها في دائرة القوى الأوروبية والعالمية صانعة القرار ومصدرة الأفكار، كما كانت في النصف الأول من القرن العشرين؟

تساؤل لا يبدو الجواب عليه يسيراً، لا سيما أن تصريحات ميرتس خلال حملته الانتخابية، وبعدها، تشي بأن الرجل يعاني من تمزق داخلي وخارجي، ما بين صعود التيارات اليمينية ذات الميول الفاشية، والمتمثلة في حزب البديل من أجل ألمانيا، وما بين خارجي يتجلى في حبلين مشدودين ما بين مطرقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الشرق، وسندان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الغرب.

تنظر ألمانيا اليوم إلى روسيا بوصفها تهديداً حقيقيّاً قائماً وقادماً، ذاك أن بلاده وإن تريثت في بدايات الأزمة، إلا أن الأمر انتهى بها إلى تقديم أكبر قدر من المساعدات لكييف، وبأكبر قدر من بقية جيرانها الأوروبيين الأمر الذي يضعها أمام نوعين من المخاوف:

أولاً: حجم المعدات العسكرية التي أرسلتها إلى أوكرانيا، ناهيك عما تم الكشف عنه من مخططات استخباراتية تتعلق بقصف الجيش الألماني لمنطقة شبه جزيرة القرم بصواريخ متقدمة، وهذه جميعها دفعت عدداً من الجنود الألمان إلى التصريح بأن زمان العودة إلى ألمانيا قد حان مرة أخرى، في تكرار لما جرت به المقادير خلال الحرب العالمية الثانية.

ثانياً: يبدو أن حزب البديل من أجل ألمانيا، غير راضٍ عن هذا الدعم العسكري الألماني لأوكرانيا، وقد شنت كوادره تحت شعار «ألمانيا أولاً» حملة دعائية لإجبار برلين على الانسحاب من كييف، وإعادة العلاقات مع روسيا، وهي استراتيجية لا تختلف كثيراً عن استراتيجية ترمب، ما حرص الحزب على الإشارة إليه، كما أن لقاء نائب ترمب، جيه دي فانس، مؤخراً مع زعيم حزب البديل، أعطى انطباعاً عن الانقسام السياسي الألماني الداخلي.

على أن الخوف الأكبر والأكثر هولاً الذي يمكن أن يواجهه ميرتس، موصول باستمرار الحرب الروسية - الأوكرانية، واستمرار الدعم الأوروبي، برأس حربة ألمانية لأوكرانيا، ما يمكن أن يدفع سيد الكرملين، وفي لحظة من سخونة الرؤوس، إلى ضرب بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا عينها بصواريخ بعيدة المدى، سواء كانت تقليدية، أو نووية تكتيكية، وقد يصل الأمر إلى الصواريخ الاستراتيجية النووية.

هل العلاقات الألمانية - الأميركية، أفضل حالاً من نظيرتها مع روسيا؟

أكثر من مرة قبل الانتخابات وأثناءها وبعدها، يعلن ميرتس عن أن «الولايات المتحدة غير مبالية بمصير القارة الأوروبية، وتساءل مراراً عن مصير حلف الأطلسي».

بدت هذه النبرة من ميرتس، المعروف بأنه من أشد المؤيدين للتعاون الأطلسي، غير متخيلة، ذلك أن ألمانيا هي الحليف الموثوق لأميركا، وعلى أرضها يقبع نحو 35 ألف جندي أميركي، وقد لعبت «قوات العم سام» دوراً تقدمياً في مواجهة الاتحاد السوفياتي في زمن الحرب الباردة.

في هذا الإطار من الواضح أن ميرتس يعاني من شكوك كبيرة تتصل بإمكانية قيام إدارة الرئيس ترمب بسحب جنودها من ألمانيا، لا سيما إذا توصل إلى اتفاقات جديدة مع بوتين، وهو أمر وارد بقوة، مع مسيرة الرياض التصالحية بين موسكو وواشنطن.

الأمر الآخر الذي يقلق المستشار المقبل، ميرتس، خاص بالمظلة النووية الأميركية، تلك التي قدمت الحماية اللازمة للألمان طوال أربعة عقود تقريباً من المواجهة مع «حلف وارسو»، وهل سيستيقظ شعبه ذات نهار ليجد نفسه من غير غطاء، في مواجهة تغيرات العقيدة النووية الروسية، حيث باتت قريباً جداً مواجهات الشتاء النووي، إذا تمادى نظام الرئيس فولوديمير زيلينسكي في قصف الأعيان والأهداف الاستراتيجية الروسية.

يصرح ميرتس بأن أولويته المطلقة الآن هي تعزيز أمن أوروبا، وفي أسرع وقت ممكن حتى تتمكن قارة التنوير من تحقيق ما يسميه «الاستقلال الحقيقي عن الولايات المتحدة».

غير أن هذا الحديث يحتاج إلى إجماع أوروبي، وهو أمر مشكوك فيه، ذلك أنه من الصعوبة بمكان فك ارتباط المملكة المتحدة وفرنسا والعديد من دول «حلف الناتو»، وبعضها صاعد في سماوات القوة مثل بولندا، بالولايات المتحدة العائدة من جديد إلى سماء القطبية المنفردة.

عطفاً على ذلك يواجه ميرتس في واقع الأمر تحديات جسيمة، من بينها الركود الاقتصادي، وقد كانت بلاده قاطرة أوروبا طوال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وحتى الألفية الجديدة، وهذا أمر يؤثر على رغباته في إحياء تيار العسكرة الألمانية من جديد.

هل سينجح ميرتس في لمّ الشمل الأوروبي لمواجهة تحديات المطرقة والسندان وبتوافق ألماني داخلي؟

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميرتس بين مطرقة بوتين وسندان ترمب ميرتس بين مطرقة بوتين وسندان ترمب



البدلة النسائية أناقة انتقالية بتوقيع النجمات

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:05 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

شيرين عبد الوهاب أمام القضاء بتهمة السبّ والقذف

GMT 03:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 06 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab