العقل العربي وذاكرة الهزيمة

العقل العربي وذاكرة الهزيمة

العقل العربي وذاكرة الهزيمة

 العرب اليوم -

العقل العربي وذاكرة الهزيمة

بقلم :د. جبريل العبيدي

بعد مرور أكثر من نصف قرن على حرب الأيام الستة في عام 1967، لا نعرف سبباً منطقياً لاستعادة ذاكرة العقل العربي هذه الهزيمة، رغم أن نصر أكتوبر (تشرين الأول) في عام 1973 استطاع غسلها، بل ومحا آثارها، فمن هُزم في «67» هو من انتصر في «73»، وبالتالي؛ نقطة التعادل أو حتى النصر تحققت، ولكن ما لم يتحقق هو أن البعض ما زال يعيش في جلباب هزيمة «67»، ولا يريد الخروج منها أبداً.
فهذا أحد شهود المعركة؛ عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق في مذكراته يقول إن هزيمة يونيو (حزيران) «لم تكن حدثاً عابراً في تاريخ المنطقة وفي دولها، لا سيما دول المشرق العربي. لقد أدت هذه الهزيمة إلى تغيير عميق في مسار الصراع العربي - الإسرائيلي».
تجاهل خدام أن نصر أكتوبر (حرب العاشر من رمضان) حقق معادلة التصحيح في الصراع العربي - الإسرائيلي، بعد أن حاولت إسرائيل إثر هزيمة «67» فرض شروط المنتصر على المهزوم، حتى جاء نصر رمضان (أكتوبر)، الذي يتجاهل كثيرون التوازن الذي أحدثه في الصراع.
صحيح أن التعاطي الإعلامي العربي خاض صراعاً بإمكاناته المتواضعة حرفياً ومهنياً وتكنولوجياً أمام ماكينة إعلام غربية أميركية متطورة، فحاول تخفيف وطأة الهزيمة بتسميتها «نكسة»، وجعل ما حدث عام 1967 مؤامرة دولية، وتجاهل الأسباب الحقيقية التي تسببت في الهزيمة، لكنه تدارك الأمر في سنوات ما بعد الصدمة؛ والتي استطاع العرب فيها استعادة النصر في معركة أكتوبر 1973.
«حرب الأيام الستة»، وتسمى أيضاً «حرب يونيو» أو «الحرب العربية - الإسرائيلية الثالثة» أو «النكسة»... حرب كأي حرب أخرى يمكن للجيوش فيها أن تنتصر أو تُهزم، فالهزيمة لم تكن حكراً على العرب، فأميركا هُزمت في اليابان لولا استخدامها القنابل الذرية، وهُزمت في فيتنام، بل وهُزمت حتى في أفغانستان، فـ«طالبان» رجعت في ساعات بمجرد خروج أميركا من البلد ولو كان مؤجلاً 20 عاماً.
المحصلة أن الهزيمة؛ سواء أكانت في 6 أيام أم في 20 عاماً، هي الهزيمة، ولهذا لا يمكن للعقل العربي أن يبقى رهين وحبيس هزيمة حدثت قبل أكثر من 50 عاماً، متجاهلاً نصراً مبيناً عظيماً حدث في رمضان بعد بضع سنين من هزيمته.
ولهذا؛ فالهزيمة ليست النهاية، بل قد تكون بداية النصر.
هزيمة 1967 لم تكن هزيمة مصرية فقط، بل كانت هزيمة عربية مشتركة، مثلما هو نصر أكتوبر 1973؛ ليس نصراً مصرياً خالصاً، بل هو انتصار عربي مشترك، وبين الحربين كان العقل العربي غارقاً في مراثي الهزيمة والإحباط، التي لم يتخلص منها حتى بعد نصر أكتوبر الكبير، والذي يعدّ مساوياً لحجم الهزيمة في «67»؛ بل ثأر لها.
صحيح أن الخصومة السياسية العربية وعدم تفعيل «اتفاقية الدفاع العربي المشترك»، هما من مسببات هزيمة «67»، لكن نصر أكتوبر حدث والخصومة السياسية موجودة في بعض جوانبها، ولكنها لم تمنع من المشاركة بفاعلية في الحرب؛ بل وأسهمت في نصر أكتوبر 1973 الذي صحح مسار الصراع العربي - الإسرائيلي من الحرب والمغالبة، إلى التفاوض والقبول بالآخر، بعد أن أيقنت إسرائيل أن الجيش الذي ظنته لا يهزم، هزم فعلاً، ولهذا سلك مسار التفاوض من «كامب ديفيد»؛ مروراً بـ«وادي عربة» و«غزة وأريحا» والتصالح مع الجوار العربي.
ولكن من غير المقبول بقاء العقل العربي في دوامة مراثي الهزيمة، خصوصاً أن العقل العربي لا يقل ذكاء ولا معرفة عن العقل الغربي، ولهذا يجب أن نخرج العقل الجمعي فكرياً وعملياً من مستنقع التفكير المستدام في الهزيمة، ونحفزه على التفكير في صنع الانتصار، على غرار ما حدث في أكتوبر 1973.

arabstoday

GMT 18:04 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل والمسرحية.. والمتفرجون

GMT 05:17 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٦)

GMT 05:14 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

أمٌّ صنعت معجزة

GMT 05:10 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

بورصة أسماء الوزراء

GMT 05:07 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

الرد على الرد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقل العربي وذاكرة الهزيمة العقل العربي وذاكرة الهزيمة



GMT 23:31 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
 العرب اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 22:06 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

3 عمليات حوثية ضد سفن ومدمرات أميركية وإسرائيلية

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 22:17 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين قبالة جربة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 10:46 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شرق إندونيسيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab