نقاط مثيرة في ملامح التغيير

نقاط مثيرة في ملامح التغيير!

نقاط مثيرة في ملامح التغيير!

 العرب اليوم -

نقاط مثيرة في ملامح التغيير

بقلم - حسين شبكشي

لم يعد خافياً على المتابعين للمشهد الجيوسياسي عموماً أن الصراع الحقيقي هو بين الصين والولايات المتحدة؛ حتى لو كان ظاهر مشهد الحرب الحالية والقائمة بين روسيا (المدعومة من الصين) وأوكرانيا (المدعومة من المعسكر الغربي عموماً والولايات المتحدة تحديداً) يطغى على عناوين الأخبار.
ومع تركيز العالم على المشهد الأوكراني وتداعياته، فوجئ المتابعون بانفجار الوضع تماماً في سريلانكا، وخروج الأمور تماماً عن سيطرة الدولة، بعد انهيار تام للمنظومة الاقتصادية فيها. ومن المعروف أن سريلانكا كانت تعتبر إحدى أهم الركائز والمحطات الاقتصادية لمشروع مبادرة الطريق والحزام الصيني، وهذا الانهيار يشكل ضربة غير بسيطة لطموحات الصين الاقتصادية. ولم تمر سوى أيام قليلة لتنطلق بعدها مجموعة من المظاهرات الاحتجاجية على الظروف الاقتصادية الصعبة جداً، في كل من الأرجنتين والبرازيل (الأولى عضو مرشح، والثانية عضو مؤسس، في مجموعة «البريكس» التي تعتبر الصين أهم الداعمين لها). وهذا فتح المجال للحديث عن تضليل المعلومات الاقتصادية، وذلك عندما تقدم بيانات إحصائية لا تعكس الحال الحقيقي للاقتصاد الواقعي في دول مختلفة حول العالم، وخصوصاً فيما يتعلق بمعدلات البطالة والتضخم وأسعار وتكلفة الطاقة، على سبيل المثال لا الحصر.
والتضليل يحدث حينما يتم عرض الإحصائيات بطريقة فيها نوع من التلاعب والاستخفاف والمبالغة في إبراز الواجهة بشكل وردي، لتعكس صور نجاح ونمو غير حقيقي. هذه النوعية من التصرفات إذا ما تمت من قبل شركات مساهمة عامة فستلقى عقوبات قاسية ومستحقة من قبل المشرعين، بينما تبقى تلك الممارسات متى ما تمت من قبل الدول بلا عقاب. ولكن هذا التضليل المعلوماتي الاقتصادي هو أحد الأسلحة الفعالة في ترسانات الدول الاقتصادية الكبرى، واليوم الصراع مفتوح على مصراعيه للسيطرة على موارد العالم وسلعه وموانيه وممراته المائية بشكل علني وصريح.
فالصين تسعى للسيطرة على أفريقيا ومواردها، وتعمل بحرص على تكرار النموذج نفسه في بعض الجيوب في آسيا وأميركا اللاتينية، ولكن المعسكر الغربي بدا له أن النموذج الصيني الموعود فيه من الخلل ما يجعله يتآكل من الداخل، وهو الذي جعل الغرب يقوم بطرح مبادرة مقابلة، الغرض الأساسي منها الاستثمار الكبير في البنى التحتية للدول الفقيرة، وسحب البساط من تحت أقدام الصين. الصين في المقابل تراهن على تغيير جذري وحقيقي وعميق في أهمية وقيمة السلاح الأهم في ترسانة أميركا الاقتصادية، وهو الدولار. الواقع الجديد يقول إن مركز الدور المركزي للدولار في الاقتصاد الدولي يقل في آخر عشرين سنة، فالمخزون الاستراتيجي من الدولار لدى البنوك المركزية انخفض من 70 في المائة إلى 59 في المائة بسبب انخفاض الأثر الأميركي على ساحة التجارة الدولية، بينما واقع الأمر يقول إن العالم انقسم نقدياً بين ثلاث عملات، هي: الدولار، واليورو، واليوان الصيني، مع أفول للين والفرنك السويسري والجنيه الإسترليني، وعدم جدية وضع الروبل الروسي، بالإضافة إلى أن قيمة الدولار مقابل الذهب انخفضت بأكثر من خمسين ضعفاً منذ السبعينات الميلادية في القرن الماضي، وإن كانت قد صعدت قليلاً في السنوات القليلة الضعيفة، بسبب الطبع المهول للدولار وإغراق الأسواق به عن طريق الولايات المتحدة، بينما تعتقد الصين أن وضع الدولار لا يؤهله ليكون «عملة صعبة»، على عكس اليوان الذي يقابله في احتياطي البنك المركزي الصيني ثلاثة تريليونات دولار، بالإضافة إلى مقابل مهم باليورو والذهب. وعليه فإن الصين تراهن على حالة متطورة ومتلاحقة من الخروج من الدولار في مناطق مختلفة من العالم، وهو ما يطلق عليه de-dollarization، وهناك دول مثل الصين والهند وروسيا بدأت في هذه المسألة بالفعل.
الحرب الاقتصادية القادمة بين أميركا والصين ستشهد استخداماً مبهراً لكل الوسائل والأدوات الموجودة في ترسانات الدولتين، والغلبة للأذكى!

arabstoday

GMT 02:46 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

نيران صديقة فى مهرجان (كان)!!

GMT 02:43 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

بين احتجاجين

GMT 02:37 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

فى رحاب السيدة!

GMT 02:33 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

عبيد باليونيفورم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقاط مثيرة في ملامح التغيير نقاط مثيرة في ملامح التغيير



أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:03 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

السودان... العودة المنتظرة

GMT 14:29 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصف مدفعي إسرائيلي على وسط رفح الفلسطينية

GMT 04:07 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

فيضانات عارمة تضرب شرق إيران
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab