غزة حصار وإبادة ومجاعة ومحرقة

غزة: حصار وإبادة ومجاعة ومحرقة

غزة: حصار وإبادة ومجاعة ومحرقة

 العرب اليوم -

غزة حصار وإبادة ومجاعة ومحرقة

بقلم: حسين شبكشي

عملت الجماعات اليهودية العاملة بمجالات الضغط السياسي في الولايات المتحدة بالتداول مع الأوساط الأكاديمية الكبرى والمنصات الإعلامية الرئيسية، على أنه لا وجود لمأساة إنسانية أخرى توازي مأساة المحرقة التي حصلت لليهود في أوروبا على أيدي النظام النازي خلال الحرب العالمية الثانية. وحرصت تلك الجماعات على أن تكون مفردات، مثل الإبادة والمحرقة، حصرية بحق اليهود ومأساتهم في أوروبا، ولم تدعم إطلاق الأسماء ذاتها على إبادة الهنود الحمر وسكان القارة الأسترالية على أيدي المستعمرين البيض، ولا حتى الإبادة التي حصلت بحق الأرمن وغيرهم من الشعوب حول العالم. ولكن هذا «الاستعمار اللغوي» بدأ يتفتت ويتصدع مع انكشاف جرائم جيش إسرائيل بحق سكان قطاع غزة، التي تجاوزت كل الحدود، وخالفت كل الشرائع والقوانين، وأصبح الرأي العام العالمي يعترض سياساتها، وباتت إسرائيل في أكبر عزلة تعرفها بتاريخها منذ تأسيسها المثير للجدل في أربعينات القرن الماضي.

ولم ينحصر تراجع التأييد لإسرائيل في دوائر اليسار المعروف تقليدياً بمناصرته لأصحاب الحقوق والمستضعفين، ولكن الأمر وصل إلى الدائرة الأكثر تشدداً في تاريخ التأييد لإسرائيل، والمقصود هنا دائرة اليمين الجمهوري التقليدي المحافظ. اليوم تخرج أصوات كثيرة محسوبة على تلك الدائرة من الإعلاميين والساسة، أصحاب الجدارة والمصداقية الكبيرة، تهاجم وتنتقد إسرائيل، وتعلن رفع التأييد عنها بشكل صادم وغير مسبوق، وبأسلوب يمكن وصفه بالعداء الصريح لها.

ما يحصل في غزة من محرقة صريحة، ولكن بشكل جديد، بحق الفلسطينيين هو نتيجة عوامل مختلفة ومتنوعة. فهناك أسباب دينية تقودها مجموعة مهووسة وموتورة بالطرح التلمودي المتطرف والمملوء بنبوءات تخص ظهور مسيح ديانتهم، بعد تمكن شعب إسرائيل من أرضه التاريخية بحسب المعتقدات، وبناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى في موقعه الحالي بالقدس.

وهناك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الشخصية الموتورة بامتياز، هارب من قضايا فساد في بلاده، ومطلوب بصفته مجرم حرب من المحكمة الجنائية الدولية، ويلاحق نبوءة قالها له حاخام الحريديم اليهود الأرثوذكس في نيويورك بالتسعينات الميلادية من القرن الماضي، إبان خدمة نتنياهو بصفته مندوباً لإسرائيل في الأمم المتحدة، وقال له وقتها إنك أنت من ستسلم مفتاح مدينة القدس لمسيحنا ليبني الهيكل.

وهناك جانب شخصي آخر يسيطر على عقلية بنيامين نتنياهو في سياساته وقراراته بحق الفلسطينيين. وهو ما وصفه أحد المحللين السياسيين الإسرائيليين بشكل دقيق عندما أجاب عن سؤال المذيع عن رأيه في توقيت نهاية حرب نتنياهو على غزة، فأجاب بقوله: «لن تنتهي حرب نتنياهو على غزة، إلا حين تُخرج زوجة أخيه أظفارها من يده، لأن نتنياهو خلال جنازة شقيقه الوحيد الطيار الحربي في الجيش الإسرائيلي الذي قُتل على أيدي الفصائل الفلسطينية خلال عملية تحرير الرهائن الإسرائيليين في مدينة عنتيبي بأوغندا، قالت له أرملة أخيه وهي تغرز أظفارها بقوة في جلد ذراعه، وهي تشد وتضغط عليه بقولها: أعد لي حق أخيك منهم».

سردية الإسرائيليين التقليدية مبنية على جذب عاطفة الغرب لهم لأنهم الضعفاء وسط غابة الوحوش، والمظلومية التي روجوا لها بوصفهم ضحايا للمآسي التاريخية التي جلبت لهم التعاطف المعنوي والسياسي والمالي بشكل غير مسبوق لأي دولة أخرى حول العالم. اليوم تفضح إسرائيل لقطات منصة «تيك توك»، وشهادات حية من أرض المحرقة في غزة لتفضح أكاذيب إسرائيل وتناقض مبرراتها.

هناك أجيال جديدة في الغرب الذي تتغير ديمغرافيته، لم يعد يؤمن بأن على الغرب دعم إسرائيل بشكل أعمى ومطلق وغير محدود، نظير الإحساس بالذنب تجاه محرقة النازيين، لأن الإحساس بالذنب بخصوص جريمة هائلة لا يمكن أن يبرر التأييد أو حتى الصمت بحق جريمة لا تقل بشاعة. كذلك هناك نمو سكاني هائل في مختلف دول الغرب المؤيد لإسرائيل من مهاجرين مقبلين من ثقافات متعاطفة مع حق الفلسطينيين، ونمو لا يمكن إغفاله للاتينيين من أصول جنوب أميركية في الولايات المتحدة وهم في أغلبيتهم العظمى من الطائفة الكاثوليكية التي لا توافق النهج الإنجيلي المتطرف والمؤمن بتفسيرات مغايرة تخص سفر النبوءات وعلامات نهاية الزمان والتأييد المطلق لدولة إسرائيل الكبرى.

المحرقة الإسرائيلية بحق سكان غزة بأسبابها المختلفة ستكون كرة الثلج التي ستغير الانطباع الذهني للغرب ورأيه العام بحق إسرائيل، حتى لو احتلت إسرائيل غزة بأكملها وهجّرت أهلها... في عيون العالم إسرائيل ستكون المتسببة في المحرقة هذه المرة.

 

arabstoday

GMT 04:54 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

فوق سور الصين

GMT 04:53 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

المُتنبّي ولامين يامال!

GMT 04:51 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هل ما زال ممكناً تلافي تجدّد الحرب؟

GMT 04:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ديمقراطية الاستعراض والترفيه

GMT 04:48 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن والاستراتيجية المنتظرة لمكافحة الإرهاب

GMT 04:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مروان البرغوثي... في حالة السلم والحرب

GMT 04:45 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وشي... قمة مستقبل الصراع

GMT 04:44 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القوى الثلاث بعد خروج إيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة حصار وإبادة ومجاعة ومحرقة غزة حصار وإبادة ومجاعة ومحرقة



إليسا تخطف الأنظار بإطلالات تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 07:26 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

نادين الراسي ترقص بعفوية في دبي وتكشف سر الـ Six pack
 العرب اليوم - نادين الراسي ترقص بعفوية في دبي وتكشف سر الـ Six pack

GMT 07:07 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق مع فضل شاكر مستمر واسقاط بعض التهم

GMT 07:26 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

نادين الراسي ترقص بعفوية في دبي وتكشف سر الـ Six pack

GMT 21:52 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

طقوس صباحية بسيطة لدعم صحة الكبد تشمل احتساء القهوة

GMT 15:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الأرجنتين: تصويت مصيري وتدخل أميركي

GMT 15:49 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 20:28 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رسميًا زواجها بعد جدل الوثيقة المسربة

GMT 07:03 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سريلانكا بين الجبال والبحار تجربة سياحية لا تُنسى

GMT 15:25 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الدولة الفلسطينية وعبث الدولة الإسرائيلية

GMT 15:13 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من مهابة القمة إلى مهاوي السفح

GMT 15:18 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

انتخابات فرعية تغيّر المشهد السياسي البريطاني

GMT 20:40 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

فريق مصري يدخل غزة للمساعدة في انتشال جثث الرهائن
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab